طالبت أسر عدد من سجناء الرأي والمحبوسين احتياطيًا، قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بإصدار عفو عام يشمل كافة المحتجزين على خلفية قضايا تتعلق بحرية التعبير والمشاركة في الشأن العام.

 

جاء ذلك خلال ندوة رقمية نظمها المركز العربي لدراسات القانون والمجتمع يوم الجمعة الماضي، لمناقشة واقع المحتجزين بسبب آرائهم السياسية وتداعيات احتجازهم على حياتهم وحياة عائلاتهم.

 

الفعالية التي امتدت قرابة ساعتين، وشارك فيها أقارب أربعة من سجناء الرأي، سلطت الضوء على ما وصفوه بـ"العقاب الجماعي" الذي يتعرض له السجناء وأسرهم، وسط مطالبات متجددة بإنهاء ظاهرة الحبس الاحتياطي المُطوّل، ووقف تدوير المحتجزين على قضايا جديدة، وفتح الباب أمام مراجعات عادلة.

 

اتهامات "إرهاب" تطال رسام كاريكاتير وأكاديميين

 

ندى مغيث، الأكاديمية وزوجة رسام الكاريكاتير أشرف عمر، تحدثت في الويبينار بمرارة عن الاتهامات الموجهة لزوجها، معتبرة أن نسب تهم "الانضمام لجماعة إرهابية" لشخصيات معروفة بسلميتها يثير القلق ويقوض ثقة المواطنين في العدالة. وقالت إن زوجها، الذي بقي 16 شهرًا في الحبس قبل إحالته للمحاكمة، يواجه اتهامات جديدة لم يُحقق معه بشأنها أمام نيابة أمن الدولة.

 

وتساءلت مغيث: "هل يُحاكم زوجي أمام قاضٍ طبيعي؟ أم أمام قاضٍ يسبق الاتهام الحكم؟" مؤكدة أن الأحكام الجائرة لا تطال السجين وحده، بل تمتد إلى أسرته وعلاقاته ومكانته الاجتماعية. وحتى اللحظة، لم تُحدد جلسة لمحاكمته في القضية رقم 11846 لسنة 2025.

 

"بانر فلسطين": قضية كلفت قياديًا عماليًا سنة وسبعة أشهر من الحبس الاحتياطي

 

سلوى رشيد، زوجة القيادي العمالي شادي محمد، عرضت هي الأخرى قصة زوجها المحتجز منذ أكثر من عام ونصف على ذمة قضية تتعلق برفع لافتة داعمة لفلسطين.

 

وتساءلت باستنكار: "كيف نعلن موقفًا داعمًا للقضية الفلسطينية رسميًا، بينما يُحبس الشباب الذين يتضامنون معها؟" مؤكدة أن زوجها لم يشارك في الوقفة التضامنية التي بُنيت عليها القضية من الأساس.

 

محمد عادل.. حبس مطوّل رغم انتهاء العقوبة

 

قصة أخرى محملة بالألم روتها رفيدة حمدي، زوجة الناشط محمد عادل، أحد أبرز وجوه حركة شباب 6 أبريل. فبعد أن كان مقررًا خروجه في فبراير الماضي بانتهاء عقوبته، جرى احتساب المدة من وقت صدور الحكم، ما يعني استمرار سجنه حتى 2027، رغم قضائه أكثر من خمس سنوات في الحبس الاحتياطي قبل الحكم.

 

رفيدة تحدثت عن منعها من زيارة زوجها عقب إعلانه الإضراب عن الطعام، وعن نقله من سجن لآخر، إضافة إلى قلقها من احتمالية تدويره في قضايا جديدة. وقالت بلهجة يائسة: "بهذا الشكل ممكن يخرج سنة 2050.. أو يمكن ما يخرجش." كما أشارت لتأثير استمرار حبسه على حلمها بالإنجاب، والذي تضمنته مناشدة قدمتها للسيسي في يونيو الماضي.

 

"يدفع ثمن انتماء والده".. قصة عمر محمد علي

 

من جهتها، عبّرت سارة محمد علي عن غضبها مما وصفته بـ"الظلم المستمر" لشقيقها عمر محمد علي، المحبوس منذ 11 عامًا على خلفية قضية عسكرية صدرت فيها أحكام مشددة عام 2016. وقالت إن الأسرة قدمت أكثر من طلب للعفو، وإنهم تلقوا وعودًا بالإفراج عنه في يناير 2021، لكن شيئًا لم يتحقق.

 

وتعتقد الأسرة أن استمرار حبسه مرتبط بانتماء والده لجماعة الإخوان، إذ استشهد خلال فض اعتصام رابعة عام 2013. وقالت سارة: "أخويا محبوس بقاله 11 سنة وبيكمل 25 سنة بسبب اختيار أبوه".

 

مطالب بتبييض السجون.. والصدام مع "اعتبارات الأجهزة"

 

في مداخلته، دعا مدحت الزاهد، رئيس حزب التحالف الشعبي، إلى "تبييض السجون" من كافة سجناء الرأي خلال فترة زمنية محددة، مؤكدًا أن الحرية حق أصيل وأن ضمان التعددية ضرورة لمستقبل البلاد.

 

أما محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، فقال إن الإفراجات الأخيرة جاءت نتيجة حوارات مع جهات أمنية ونيابات، لكنه أقر بأن القرار في نهاية الأمر يخضع لاعتبارات "أجهزة معينة قد توافق أو ترفض أو تطلب الانتظار".

 

ورغم الإشارة إلى وجود إرادة سياسية للتخفيف من ملف السجون، إلا أن الواقع يشير إلى محدودية الإفراجات، باستثناء إطلاق سراح الناشط علاء عبد الفتاح مؤخرًا، وإخلاء سبيل 38 محتجزًا على خلفية قضايا تحقيقات نيابة أمن الدولة. كما جرى تجميد لجنة العفو الرئاسي دون إعلان رسمي.

 

الحبس الاحتياطي.. "سخرة وجريمة"

 

منسق الويبينار محمد عادل (غير السجين) وصف الحبس الاحتياطي بـ"السخرة" حين لا تُحتسب أيامه ضمن مدة العقوبة. ودعا المجلس القومي لحقوق الإنسان للقيام بدور أكثر فاعلية في مراقبة السجون ومتابعة التعويضات.

 

"مصر بلا سجناء رأي".. لجنة جديدة لمواجهة التضييق

 

في الشهر الماضي، أعلنت مجموعة من الأحزاب والحركات السياسية، إضافة إلى أكثر من 50 شخصية عامة وأسر المعتقلين، تأسيس "لجنة الدفاع عن سجناء الرأي" بهدف توحيد الجهود القانونية والحقوقية لدعم المحتجزين على خلفية قضايا سياسية.

 

وتعمل اللجنة على تقديم الدعم القانوني، وتلقي بلاغات الاختفاء القسري، ومتابعة أوضاع السجون، وإصدار تقارير دورية للرأي العام، في محاولة لإبقاء القضية حيّة وسط موجة من التضييق على الحريات.