تلقى قسم شرطة العبور بلاغات صادمة من أولياء أمور تفيد بتعرض ستة طلاب وطالبات في مدرسة سيدز الدولية للغات بالعبور للتحرش والاعتداء الجنسي من قِبَل أربعة من العاملين بالمدرسة، في فضيحة جديدة تكشف فشل نظام الانقلاب الذريع في حماية الأطفال داخل المؤسسات التعليمية، رغم المصروفات الخيالية التي تتجاوز 70 ألف جنيه سنوياً، والتي يدفعها الأهالي ظناً منهم أنها ستشتري السلامة والأمان لأبنائهم.
الواقعة الأليمة التي هزت الرأي العام المصري تطرح أسئلة مؤلمة حول دور وزارة التربية والتعليم في حكومة الانقلاب: أين الرقابة على المدارس الدولية والخاصة؟ كيف يُسمح لمتحرشين ومعتدين جنسياً بالعمل مع الأطفال؟ وهل المصروفات الباهظة التي تجمعها هذه المدارس تذهب فعلاً لضمان سلامة الطلاب، أم أنها مجرد نهب منظم دون أي ضمانات حقيقية؟
أربعة متهمين.. وضحايا في عمر الطفولة
وفق التحقيقات التي تجريها النيابة العامة، تم استدعاء أولياء الأمور والتلاميذ للاستماع إلى شهاداتهم، بينما تم ضبط أربعة متهمين من العاملين بالمدرسة، تتراوح أعمارهم بين 29 إلى 63 عاماً. هذا التباين الكبير في الأعمار يكشف أن الاعتداءات لم تكن حالة فردية معزولة، بل منظومة فاسدة سمحت لمعتدين من أجيال مختلفة بالتواجد والعمل مع الأطفال دون أي فحص أمني أو نفسي جدي.
كما تم التحفظ على كاميرات المراقبة داخل المدرسة في الغرف والمناطق التي شهدت الوقائع، لضمان جمع الأدلة وعدم التلاعب بها. لكن السؤال الأهم: إذا كانت كاميرات المراقبة موجودة، فلماذا لم تُكتشف الاعتداءات مبكراً؟ ولماذا استمرت حتى وصلت إلى ستة ضحايا؟ هل كانت الكاميرات مجرد ديكور، أم أن إدارة المدرسة كانت تتجاهل ما يحدث؟
رد فعل المدرسة.. بيان مكتوب وإجراءات متأخرة
أصدرت إدارة مدرسة سيدز الدولية بياناً رسمياً تؤكد فيه أنها تأخذ الحادثة "بأقصى درجات الجدية والمسؤولية" وأن أمن وسلامة الطلاب أولوية قصوى. لكن هذا الكلام المعسول يأتي بعد فوات الأوان، بعد أن تعرض ستة أطفال للاعتداء الجنسي داخل مؤسسة تعليمية كان من المفترض أن تحميهم.
وأضافت الإدارة أنها تتعاون مع جهات التحقيق بالكامل، وتشدد على مراجعة كاميرات المراقبة. كذلك أعلنت المدرسة عن رفع مستوى الرقابة التكنولوجية داخل الحرم المدرسي، خاصة في المناطق الحساسة، بهدف ضمان بيئة أكثر أماناً. لكن هذه الإجراءات كان يجب أن تكون موجودة من الأساس، وليست رد فعل متأخر على فضيحة كان يمكن تجنبها بالكامل لو كانت الرقابة الحقيقية موجودة.
70 ألف جنيه سنوياً.. ثمن الوهم لا الأمان
أولياء الأمور انتقدوا ما وصفوه بـ"غياب الرقابة الكافية" داخل المدرسة، خاصة في ظل ارتفاع المصروفات التي تجاوزت 70 ألف جنيه سنوياً حسب بعض الأهالي. هذا المبلغ الخيالي، الذي يعادل راتب موظف حكومي لعامين كاملين، كان من المفترض أن يشتري الأمان والرعاية الفائقة للأطفال، لكنه اشترى فقط الوهم والإهمال.
المدارس الدولية والخاصة في مصر تحولت إلى مشاريع نهب منظمة، تجمع مصروفات باهظة من الأهالي دون تقديم أي ضمانات حقيقية للسلامة أو الجودة التعليمية. والأدهى أن حكومة الانقلاب تتركها دون رقابة فعلية، بحجة أنها "مدارس خاصة" لها استقلاليتها، بينما الحقيقة أن الوزارة تتنصل من مسؤوليتها عن حماية الأطفال المصريين.
محامي الضحايا يطالب بوضع المدرسة تحت الإدارة الحكومية
من جهته، طالب محامي الضحايا، عبد العزيز عز الدين فخري، بوضع المدرسة تحت الإدارة المباشرة لوزارة التربية والتعليم، وأن يتم تشكيل لجنة مالية وإدارية لمراقبتها وضمان سلامة الطلاب. هذا المطلب العادل يكشف فقدان الثقة الكامل في إدارة المدرسة، ويؤكد ضرورة تدخل الدولة لحماية الأطفال من منظومة فاسدة تضع الربح فوق كل اعتبار.
ثغرات كبيرة في الرقابة.. وغياب كامل للمحاسبة
الجدير بالذكر أن القضية أثارت استياءً كبيراً بين أولياء الأمور، الذين وصفوا ما جرى بأنه كشف عن "ثغرات كبيرة" في الرقابة داخل المدارس الخاصة والدولية. وطالبوا بإعلان نتائج التحقيق علناً لإعادة الثقة في إدارة المدرسة، مؤكدين أن المصروفات العالية يجب أن تكون مرفقة بضمانات سلامة أطفالهم.
لكن الحقيقة المرة هي أن الثقة قد ضاعت تماماً في منظومة التعليم الخاص في مصر، وفي قدرة حكومة الانقلاب على حماية الأطفال. المدارس الخاصة والدولية تحولت إلى غابة بلا قانون، يحكمها الربح الجشع والإهمال الكامل لسلامة الأطفال، بينما الوزارة تكتفي بالمتابعة عن بُعد دون أي تدخل حقيقي أو رقابة فعالة.
فشل نظام الانقلاب في حماية الأطفال
فضيحة مدرسة سيدز الدولية ليست حالة معزولة، بل رأس جبل الجليد في منظومة تعليمية فاسدة تديرها حكومة الانقلاب بإهمال وتنصل كاملين من المسؤولية. المدارس الخاصة والدولية تجمع مئات المليارات من الجنيهات سنوياً من الأهالي، بينما الدولة لا تراقب ولا تحاسب ولا تحمي.
الأطفال، الذين من المفترض أن يكونوا الأولوية القصوى لأي حكومة مسؤولة، تحولوا إلى ضحايا منسيين في منظومة فاسدة تضع الربح فوق الأمان، والإهمال فوق المسؤولية. وحكومة الانقلاب، التي تنفق المليارات على القصور والمشروعات الوهمية، عاجزة عن توفير حماية بسيطة للأطفال داخل المدارس.

