أكدت القوى والفصائل الفلسطينية تمسكها بحق الشعب الفلسطيني في المقاومة والدفاع عن النفس معتبرة قرار مجلس الأمن أداةً للوصاية وشراكة دولية في الإبادة.
وأكدت الفصائل الفلسطينية في بيان صحفي، اليوم الثلاثاء، “موقفها الرافض للقرار الصادر عن مجلس الأمن بدفعٍ أمريكي، وترى فيه تجاوزًا للمرجعيات الدولية، وإطارًا يُمهّد لإيجاد ترتيبات ميدانية خارج الإرادة الوطنية الفلسطينية. وتعتبر أن أي قوة دولية يُراد نشرها في غزة بصيغتها المطروحة ستَتحوّل إلى شكلٍ من أشكال الوصاية أو الإدارة المفروضة، بما يعيد إنتاج واقع يَحدّ من حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإدارة شؤونه بنفسه”.
وشددت “الفصائل الفلسطينية على أن المقترح يضرب حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وسعيهم المشروع لنيل سيادتهم الوطنية، ويُمثّل شكلًا من أشكال الشراكة الدولية العميقة في حرب الإبادة التي شنّها الاحتلال على شعبنا في قطاع غزة، كما أنه يتجاهل ما تتعرض له الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس من إرهابٍ استيطاني مدعوم من جيش الاحتلال واستيطان مسعور وضم تدريجي، ويتجاهل حاجة الفلسطينيين للحماية الدولية من إرهاب المستوطنين”.
وأشارت الفصائل إلى أن “هذا القرار، الذي يتحدث عما يُسمى السلام، لم يعالج جذور المشكلة، وغياب السلام الحقيقي والعادل، ولم يدعُ إلى إنهاء الاحتلال ونظام الأبارتهايد والتمييز العنصري، وتلبية حق العودة وتقرير المصير للشعب الفلسطيني”.
وأوضحت أن “هذا القرار يربط انسحاب الاحتلال ووقف الحرب على القطاع بشروط الاحتلال الإسرائيلي، ويُقيّد الإعمار والمساعدات بإرادة المحتل، ويُعمّق الفصل بين الضفة والقطاع، ويستهدف الأونروا ودورها التاريخي ومسؤوليتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين، الذي يُمثّل آخر أشكال التعبير المتبقية عن الالتزام الدولي تجاه قضيتهم”.
كما شددت الفصائل الفلسطينية على “إدانتها الكاملة ورفضها الواضح لوصم المقاومة بـ”الإرهاب” وطرح ملف السلاح الفلسطيني المستخدم في الدفاع عن الشعب الفلسطيني ضد حملات وحروب الإبادة، دون اعتبار للسياق الوطني والتاريخي والقانوني، وأيضًا دون توفير أي آلية لحماية شعبنا من جرائم الاحتلال وإيجاد أفق سياسي لاستعادة حقوقه المسلوبة”.
وترى الفصائل أن “تحويل القوة الدولية إلى جهازٍ أمني منسّق مع الاحتلال يُفرغ مفهوم الحماية الدولية من جوهره، ويضرب الأسس التي يقوم عليها في القانون والمواثيق الدولية، فضلًا عن تحويلها إلى قوة احتلال أجنبي إضافية وأداة جديدة للعدوان على شعبنا والاستمرار في إبادته”.
وتأكيدًا على هذا الموقف الرافض لقرار مجلس الأمن، أكدت الفصائل على ما يلي:
أولًا: التمسّك الكامل بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير وإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس. وتؤكد أن أي ترتيبات تخص غزة أو أي جزء من الوطن المحتل يجب أن تخضع للإرادة الوطنية الحرة، بما يحفظ وحدة الأرض والشعب، ويضمن وقف العدوان كليًا ووقف حرب الإبادة وانسحاب الاحتلال من أراضينا المحتلة، ومنع إعادة خلق احتلال دائم لقطاع غزة، وإن القرار يؤكد الحاجة لضرورة تطبيق اتفاق بكين لصد محاولات الوصاية الأجنبية.
ثانيًا: رفض ما تضمّنه القرار من ترتيبات تتجاوز حقوق شعبنا وسيادته على مصيره وقراره الوطني، وأي شكل من أشكال الوصاية المفروضة من الخارج، وتؤكد أن أي دور دولي للحماية يجب أن يقتصر حصريًا على حماية المدنيين من عدوان الاحتلال ومن حرب الإبادة الوحشية، وأن يكون أداة لمواجهة جرائم الاحتلال.
ثالثًا: التأكيد على أن أي قوة دولية يجب أن تكون خاضعة لولاية الأمم المتحدة وحدها، وأن تعمل بتنسيقٍ كامل مع المؤسسات الفلسطينية الرسمية، دون إشراك الاحتلال أو منحه صلاحيات ميدانية. وتشدد على ضرورة أن تكون مهام القوة محددة زمنيًا ووظيفيًا في حماية المدنيين وتسهيل المساعدات والفصل بين الأطراف، دون أن تَتَحوّل إلى سلطةٍ أمنية أو إدارةٍ موازية، مع الرفض القاطع لأي وجود عسكري أجنبي أو قواعد دولية في القطاع.
رابعًا: تشدّد الفصائل الفلسطينية على إدانتها الكاملة ورفضها القاطع لوصم المقاومة الفلسطينية بـ“الإرهاب”، ولطرح مسألة سلاح المقاومة بمعزلٍ عن سياقها الوطني والتاريخي والقانوني، باعتباره سلاحًا دُفع إليه شعبٌ تحت الاحتلال ويتعرض لحصار طويل وحروب إبادة متكرّرة. وترى أن أي مقاربة تتجاهل غياب منظومة حماية حقيقية للشعب الفلسطيني، أو لا تقدّم أفقًا سياسيًا لانتزاع حقوقه المشروعة، إنما تُسهم في تكريس واقع الاحتلال بدل إنهائه.
خامسًا: تؤكد الفصائل، ردًا على القيود التي يضعها القرار، أن إدارة المساعدات وإعادة الإعمار يجب أن تكون بقيادةٍ فلسطينية وبالتنسيق مع الأمم المتحدة، وترفض تحويل المساعدات إلى أداة ضغط أو استخدام القرار للإضرار بدور الأونروا بوصفها شاهدًا أمميًا على حقوق اللاجئين.
سادسًا: تلفت الفصائل، في سياق ما أغفله القرار، إلى أن حماية المدنيين لا تكتمل دون آلياتٍ واضحة لمحاسبة الاحتلال على جرائمه، ودون معالجة مسؤوليته المباشرة عن التجويع الممنهج ونقص الإمدادات وسيطرته الكاملة على المعابر، بما فيها معبر رفح وحدود القطاع مع مصر.
سابعًا: تؤكد الفصائل، مقابل المسارات الضبابية التي يفتحها القرار، أن ما تقرر عربيًا وإسلاميًا بشأن تشكيل إدارة وطنية مستقلة تدير شؤون القطاع، بما فيها الأمن والمعابر، وفق المقترح المصري والخطة العربية الإسلامية للتعافي المبكر، هو البديل الأكثر واقعية وقابلية للتطبيق.
ثامنًا: تدعو الفصائل الوسطاء والضامنين إلى التحرّك الجاد لمنع استغلال الاحتلال للقرار للتهرّب من التزاماته أو تمديد العدوان، وتُحذّر من أن إبقاء القرار بلا تعديلات جوهرية ولا ضمانات ملزمة بوقف الحرب والانسحاب يقدّم غطاءً لاستئناف الاحتلال حرب الإبادة، ويُمثّل استمرارًا لما يجري من مواصلة هذه الحرب على شعبنا بوجوهٍ أخرى.
ختامًا: تؤكد الفصائل أن أي ترتيبات أو تدخلات دولية أو قرارات لا تحترم الإرادة الوطنية ولا تضمن إنهاء الحرب والانسحاب، ولا تطلق مسارًا جادًا للتعافي والإعمار وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، تبقى غير ملزمة للشعب الفلسطيني، ولا يمكن أن تنجح في تحقيق الاستقرار أو الوصول إلى حلٍ عادل. كما تؤكد أن شعبنا، الذي عاش تاريخًا طويلًا من التضحيات دفاعًا عن وطنه، لن يستسلم أبدًا أمام محاولات سلب حقوقه المشروعة وتصفية قضيته.
والليلة الماضية، صوّت مجلس الأمن الدولي، لصالح قرار أميركي يدعم خطة الرئيس دونالد ترامب للسلام في قطاع غزة، التي تتضمن نشر قوة دولية ومسارا نحو “إقامة دولة فلسطينية”.
وحاز القرار على 13 صوتا مؤيدا من بين أعضاء المجلس، فيما امتنعت روسيا والصين عن التصويت دون استخدام حق النقض.
وكانت الولايات المتحدة أطلقت الأسبوع الماضي مفاوضات داخل مجلس الأمن حول نص القرار، في محاولة لدعم خطة ترامب وتهيئة الظروف لنشر قوة دولية في قطاع غزة.

