شهدت شركة مياه الشرب والصرف الصحي بالقاهرة، أمس الأربعاء، حالة من الغليان العمالي بعد خروج المئات من العاملين في وقفات احتجاجية متزامنة بمختلف فروع الشركة، للمطالبة بصرف العلاوات المتأخرة منذ عام 2017، وتحسين أوضاعهم المالية، وإقالة نائب رئيس مجلس الإدارة للشؤون المالية والإدارية علي عماشة، الذي حمّله العمال مسؤولية "تدهور الأوضاع المعيشية والإدارية داخل الشركة".
وانطلقت الاحتجاجات في مناطق الزيتون ومصر الجديدة والبساتين ومسطرد والحي العاشر بمدينة نصر، بمشاركة عمال الشبكات والمحطات والمخازن والإداريين ومحصلي وقارئي العدادات، في وقت تزامنت فيه التحركات في أكثر من موقع، ما يعكس حجم الاحتقان داخل واحدة من أكبر الشركات الخدمية في العاصمة.
ورفع المشاركون في الوقفات لافتات دوّنوا عليها مطالبهم، ورددوا هتافات غاضبة منها: "يا اللي ساكت.. ساكت ليه؟ خدت حقك ولا إيه"، و"قول متخافش.. عماشة لازم يمشي"، و"فين العلاوات؟ فين حقوقنا؟"، مؤكدين أنهم لن ينهوا احتجاجاتهم إلا بعد استجابة الإدارة لمطالبهم بشكل واضح ورسمي.
مطالب متراكمة منذ سنوات
وقال أحد العمال المشاركين في الوقفة، إن العلاوات المتأخرة منذ عام 2017 تمثل مطلبًا أساسيًا لجميع العاملين، إلى جانب إعادة النظر في تطبيق الحد الأدنى للأجور بشكل يراعي التدرج الوظيفي وسنوات الخدمة.
وأضاف العامل، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أن هناك بنودًا مالية أصبحت "مهينة وغير منطقية"، موضحًا: "بدل الغذاء 100 جنيه في الشهر، يعني 3 جنيه في اليوم.. ده مش تمن سندوتش فول، في حين الأسعار بتزيد كل يوم".
وأشار إلى أن المحتجين يطالبون كذلك بإلغاء عقود المستشارين الذين تجاوزوا سن التقاعد وما زالوا يتقاضون مبالغ طائلة دون إنتاج حقيقي، بالإضافة إلى إلغاء تكليف بعض رؤساء القطاعات ومديري العموم الذين فُرضوا بقرارات "غير عادلة"، على حد وصفه.
كما شملت المطالب تسوية المؤهلات الدراسية للعاملين الذين حصلوا على شهادات أعلى، وتثبيت العمالة المؤقتة، وتحسين الخدمات الطبية لتشمل أسر العاملين وصرف فروق الضرائب المتراكمة.
تأثير الاحتجاجات على التحصيل
وكشف عامل آخر أن محصلي الفواتير بدأوا منذ أكثر من أسبوع في الامتناع عن العمل، ما أدى إلى تراجع إيرادات التحصيل بنسبة وصلت إلى نحو 80%، في خطوة احتجاجية للضغط على الإدارة.
وأوضح العامل أن الإدارة أصدرت أمس منشورًا داخليًا موقعًا من مدير عام الموارد البشرية، تعهدت فيه بعرض زيادة حافز التحصيل على مجلس الإدارة، مع احتساب تحصيلات "فوري" ضمن المستهدف الشهري، وإلغاء البصمة الإلكترونية للانصراف للعاملين في التحصيل وقراءة العدادات.
لكن العامل نفسه أكد أن المنشور لم يلق قبولًا لدى الغالبية، إذ اعتُبر "مجرد محاولة لامتصاص الغضب دون تلبية جوهر المطالب"، خاصة ما يتعلق بصرف العلاوات المتأخرة وتحسين الأجور فعليًا بما يتناسب مع غلاء المعيشة.
الأجور والعدالة الوظيفية
من جهته، قال عامل ثالث إن قضية التدرج الوظيفي أصبحت من أبرز أسباب الغضب بين العاملين، موضحًا أن "عاملًا قضى أكثر من عشرين سنة في الشركة يحصل على نفس الراتب الذي يتقاضاه موظف جديد لم يكمل عامًا واحدًا"، وهو ما اعتبره "ظلمًا فجًا" في تطبيق الحد الأدنى للأجور.
وأكد العامل أن تجاهل إدارة الشركة للمطالب المتكررة دفع العمال إلى التصعيد عبر وقفات سلمية متزامنة في مواقع متعددة، لافتًا إلى أن الاحتجاجات مستمرة لحين استجابة الإدارة أو تدخل الجهات الحكومية المعنية.
وتأتي هذه التحركات بعد سلسلة من احتجاجات مماثلة في شركات المياه بعدة محافظات، إذ نظم عمال شركة مياه الشرب والصرف الصحي بالإسكندرية في يوليو الماضي وقفات واعتصامات للمطالبة بضم العلاوات المتأخرة منذ 2016 بأثر رجعي، كما شهدت شركة مياه القليوبية في مارس الماضي وقفات احتجاجية لمحصلي الفواتير وقارئي العدادات بنظام العمولة للمطالبة بتطبيق الحد الأدنى للأجور وتوقيع عقود دائمة للعاملين المؤقتين.

