في مشهد يختصر طبيعة الحكم في مصر تحت سلطة عبد الفتاح السيسي، أقدمت أجهزة الأمن على اعتقال المرشح البرلماني أحمد فتحي عبد الكريم، المرشح عن دائرة المنتزه بمحافظة الإسكندرية، بعد ساعات من نشره مقطع فيديو يوثق تزويرًا فجًا في صناديق الاقتراع داخل أربع لجان انتخابية.
 

حكومة الانقلاب تحوّل صناديق الاقتراع إلى صناديق قمامة... ومن يكشف الحقيقة يُعتقل
الفيديو الذي انتشر بسرعة على وسائل التواصل الاجتماعي كشف كيف قام القاضي المشرف على اللجنة بفتح الصناديق وإعادة فرز البطاقات بطريقة مخالفة للقانون، في مشهد يعكس انهيار ما تبقى من أي مظاهر لنزاهة الانتخابات أو حياد القضاء.

https://www.facebook.com/reel/1180902260844831

لكن بدلاً من التحقيق في الجريمة، تحركت أجهزة الأمن فورًا لتكميم الفضيحة، فاختفى المرشح بعد دقائق من نشر المقطع، في واقعة تعكس الخوف الهستيري للنظام من أي صوت يفضح التزوير، حتى لو كان مرشحًا رسميًا في سباق "انتخابي" فقد كل معنى.
 

اختفاء قسري لمرشح برلماني... والسلطة ترد بالإنكار والتجاهل
أكدت حملة المرشح أحمد فتحي في بيان رسمي أنها فقدت الاتصال به فور بث الفيديو، مرجحة أنه تم توقيفه من قبل أجهزة الأمن الوطني، بعد تعقب موقعه عبر الهاتف، مشيرة إلى أن كل محاولات التواصل مع الجهات الرسمية باءت بالفشل.

وقدمت الحملة بلاغات رسمية إلى اللجنة العليا للانتخابات ووزارة الداخلية والنائب العام تطالب فيها بالكشف عن مصيره ومحاسبة المسؤولين عن واقعة التزوير التي وثقها بنفسه، لكن الصمت الرسمي كان الجواب الوحيد.

لم تُصدر اللجنة الوطنية للانتخابات أي بيان توضيحي، واكتفى مديرها المستشار أحمد البنداري بالقول إن الواقعة "قيد الفحص"، بينما تواصل أجهزة الأمن التستر على مكان المرشح، في انتهاك صارخ للقانون والدستور.

في دولة السيسي، من يسرق الأصوات يُكرَّم، ومن يكشف السرقة يُعتقل.
 

صناديق انتخابية مزورة.. وعدالة صامتة
الفيديو الذي نشره المرشح على صفحته الرسمية أظهر بوضوح تلاعبًا في أوراق الاقتراع، وإعادة فرز بطاقات داخل الصناديق بصورة مخالفة لكل القوانين المنظمة للانتخابات، وسط تواطؤ كامل من القضاة المشرفين.

المشهد الصادم دفع رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى التساؤل:

"إذا كان هذا يحدث أمام الكاميرا، فماذا يجري في اللجان التي لا يُسمح فيها لأحد بالتصوير؟"

الجواب بسيط: تزوير شامل وممنهج بإشراف الأجهزة الأمنية، تُدار فيه الانتخابات كتمثيلية هزلية، هدفها فقط منح شرعية زائفة لبرلمان صوري يصفق للعسكر ويصمت أمام الانهيار الاقتصادي والسياسي.
 

شهادات الأحزاب تكشف المستور: رشاوى انتخابية وتوجيه الناخبين
الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، أحد الأحزاب القانونية المشاركة في السباق الانتخابي، أصدر بيانًا أكد فيه أن غرفة عملياته رصدت مخالفات جسيمة شابت العملية الانتخابية.

البيان ذكر أن أحزاب الموالاة وزعت رشاوى انتخابية في شكل كراتين مواد تموينية أمام اللجان، مع توجيه منظم للناخبين داخل المقار لصالح مرشحي النظام، وسط منع مرشحين معارضين ومندوبيهم من دخول اللجان، وهو ما يمثل انتهاكًا واضحًا لمبدأ تكافؤ الفرص.

بكلمات أوضح: الانتخابات في مصر لم تعد تنافسًا سياسيًا، بل عملية أمنية مغلقة، يديرها ضباط المخابرات والداخلية، وتباركها لجنة صورية تابعة للسلطة التنفيذية.
 

برلمان بالتزوير... وديمقراطية تحت الحراسة
المرحلة الأولى من الانتخابات النيابية التي أُجريت في 14 محافظة انتهت وسط موجة من الشكاوى والانتهاكات، فيما تُستعد الحكومة لإكمال المسرحية في المرحلة الثانية هذا الشهر، دون أن يجرؤ أحد على المطالبة بتحقيق نزيه أو رقابة مستقلة.

السلطة، التي تتعامل مع أي مرشح مستقل كأنه "خطر أمني"، أفرغت العملية السياسية من مضمونها تمامًا. البرلمان القادم، مثل سابقه، لن يكون سوى غرفة تصفيق لتشريعات القمع وبيع الأصول وإقرار الضرائب، بينما يُكمم الأفواه كل من حاول كشف الحقيقة.
 

نظام يسرق أصوات الناس ويعتقل من يصرخ "تزوير"
اعتقال المرشح أحمد فتحي عبد الكريم ليس حادثة فردية، بل رسالة ترهيب لكل من يفكر في خوض انتخابات حقيقية أو كشف الفساد.
ففي جمهورية السيسي، الصندوق يُفتح في يد القاضي، والمرشح يُسحب من بيته، والشعب يُستبدل بالأجهزة الأمنية.

الانتخابات التي تُدار تحت حراسة المخابرات ليست سوى واجهة ديكتاتورية مزيّفة، والعالم الذي يصمت على هذا العبث يتواطأ مع نظام فقد أي صلة بالشرعية أو القانون.

مصر اليوم لا تعيش انتخابات... بل تعيش جريمة سياسية مكتملة الأركان، عنوانها: التزوير أولًا، والاعتقال ثانيًا، والصمت ثالثًا.