واصلت قوات الاحتلال، اليوم الأربعاء، عملياتها العسكرية ضد قطاع غزة، مستهدفةً الأحياء الشرقية بقصفٍ جوي ومدفعي مكثّف، إلى جانب تنفيذ عمليات نسفٍ واسعة للمنازل والمربعات السكنية في مناطق متعددة من القطاع، في مشهد يؤكد استمرار إسرائيل في خرق اتفاق وقف إطلاق النار.
قصف ونسف متواصل شرق غزة وخان يونس
وقالت مصادر ميدانية إن قوات الاحتلال الإسرائيلي نفذت منذ ساعات الفجر الأولى عمليات قصف عنيفة ونسفٍ لمربعاتٍ سكنية شرقي مدينة غزة، تركزت في حي التفاح ومنطقة الشعف وشارع النخيل، حيث شوهدت أعمدة الدخان تتصاعد بكثافة عقب استهدافات متتالية بالطيران والمدفعية.
كما شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارات مكثفة على شرق خان يونس جنوبي القطاع، تزامنًا مع قصفٍ مدفعيٍ طال مناطق شرقي دير البلح وحي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة، فيما أطلقت الزوارق الحربية النار بكثافة تجاه سواحل مدينة رفح.
وأفادت المصادر بأن عمليات النسف الإسرائيلية شملت تفجير منازل مأهولة بالسكان شرقي خان يونس وغرب جباليا، ما تسبب في وقوع دمار هائل وخسائر بشرية متزايدة.
وقد استشهدت المواطنة سجى محمد الشواف الليلة الماضية متأثرة بجروحٍ أصيبت بها قبل أيام في بلدة عبسان الكبيرة شرق خان يونس.
حصيلة ثقيلة رغم وقف إطلاق النار
ورغم إعلان وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر الماضي، لم تتوقف آلة الحرب الإسرائيلية عن استهداف المدنيين والبنية التحتية في القطاع.
ووفق أحدث الإحصاءات، فقد ارتفع عدد الشهداء منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر 2023 إلى 68,872 شهيدًا، إضافة إلى أكثر من 170,677 مصابًا، بينما أسفرت الخروقات الأخيرة منذ سريان التهدئة عن 241 شهيدًا و607 إصابات، فضلًا عن انتشال 511 جثمانًا من تحت الأنقاض، في حصيلةٍ وصفها مراقبون بأنها «الأكثر دموية في تاريخ الحروب الإسرائيلية على غزة».
تطورات ميدانية وسياسية حول نفق رفح
وفي تطور ميداني لافت، كشفت صحيفة "معاريف" العبرية أن الجيش الإسرائيلي بدأ ضخّ الأسمنت في نفقٍ بمدينة رفح يُعتقد أن نحو 200 مقاتل من حركة حماس محاصرون داخله.
وتضاربت الأنباء في إسرائيل بشأن مصير نحو 200 من مقاتلي حماس العالقين في مناطق تخضع لسيطرة الجيش الإسرائيلي بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
فبينما نقلت صحيفة "هآرتس" عن مصادر سياسية قولها إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يرفض السماح لهم بالمرور الآمن نحو مناطق فلسطينية، تحدثت القناة 12 العبرية عن احتمال سماح الجيش الإسرائيلي بخروجهم شرط تسليم أسلحتهم.
صفقة محتملة مقابل جثة الجندي هدار غولدن
وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير أبدى استعداده للسماح بخروج نحو 200 مسلح فلسطيني من رفح مقابل استعادة جثمان الجندي هدار غولدن، المحتجز لدى كتائب عز الدين القسام منذ عام 2014.
غير أن هذه المبادرة واجهت رفضًا شديدًا من وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، الذي صرّح بأن "أي إرهابي لن يغادر رفح دون استعادة جثامين الجنود"، داعيًا إلى "إبادة حركة حماس بالكامل ودفن القتلى الإسرائيليين في أرضهم".
ضغوط أمريكية ووساطة إقليمية
تزامن ذلك مع أنباء عن ضغوط أمريكية تمارسها إدارة الرئيس دونالد ترامب على الحكومة الإسرائيلية للموافقة على مرورٍ آمنٍ لمقاتلي حماس، ضمن إطار خطة وقف إطلاق النار الجديدة التي تسعى واشنطن لتثبيتها بالتعاون مع وسطاء إقليميين.
ونقلت مصادر أن الوسطاء أجروا اتصالات مكثفة مع كلٍّ من حماس وتل أبيب لتأمين ممراتٍ إنسانية لخروج المقاتلين المحاصرين، على أن يتم ذلك تحت إشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لتفادي أي احتكاكٍ مباشرٍ مع قوات الاحتلال.
وأكدت المصادر أن حركة حماس أبدت موافقتها المبدئية على الطرح، فيما لا تزال إسرائيل تدرس الموقف وسط انقسام داخل الحكومة بين تيارٍ يدفع نحو التهدئة وتيارٍ آخر يصر على استكمال العمليات العسكرية حتى "نزع سلاح حماس بالكامل".

