يعيش الدكتور محمد سعد الكتاتني، رئيس مجلس الشعب المنتخب عام 2012، وأستاذ علم النبات بجامعة المنيا، في عزلة تامة داخل سجون بدر، منذ أكثر من اثني عشر عامًا، محرومًا من أبسط حقوقه الإنسانية، وعلى رأسها الزيارة والعلاج والرعاية الصحية، في انتهاك صارخ لكل المواثيق الدولية التي تنظم معاملة السجناء السياسيين وتحفظ كرامتهم.

الكتاتني، الذي تجاوز اليوم الثالثة والسبعين من عمره، لم يكن يومًا سوى عالمٍ وأكاديميٍّ مشهود له بالكفاءة والانضباط، وأحد أبرز الرموز المدنية والسياسية التي برزت في أعقاب ثورة يناير. غير أن مسيرته الأكاديمية والسياسية توقفت قسرًا عقب انقلاب يوليو 2013، حين أُلقي القبض عليه وحُوكم في قضايا ذات طابع سياسي، لتبدأ فصول معاناة إنسانية قاسية داخل السجن، ما زالت مستمرة حتى اليوم.

 

سنوات من العزلة والمعاناة

وفقًا لشهادات حقوقية وتقارير موثقة، يعيش الدكتور الكتاتني منذ اعتقاله في زنزانة انفرادية ضيقة، لا تتجاوز مساحتها أمتارًا قليلة، تفتقر إلى التهوية والضوء الطبيعي، ولا يُسمح له بالتريض أو الاختلاط بالسجناء الآخرين.

كما حُرم منذ سنوات من زيارة أسرته أو التواصل معها، وهو ما جعله يعيش حالة من العزلة التامة، في انتهاك مباشر للمادة (37) من قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، التي تؤكد على حق السجين في الاتصال بعائلته بانتظام.

ومع مرور السنوات، تدهورت صحته بشكل خطير؛ إذ فقد جزءًا كبيرًا من وزنه، وتفاقمت أمراض الشيخوخة لديه، في ظل إهمال طبي متعمّد، وغياب كامل للرعاية الصحية اللازمة لحالته.

ورغم المناشدات المتكررة من أسرته ومنظمات حقوق الإنسان، فإن السلطات ما زالت تلتزم الصمت، متجاهلة تدهور وضعه الإنساني والطبي.

 

رمز للعلم والسياسة يتحول إلى رقم في السجون

في الصور القديمة للدكتور الكتاتني، يظهر رجلٌ وقورٌ، مفعم بالحيوية والعلم والنشاط، أستاذًا جامعياً وصاحب مسيرة سياسية برلمانية مشرفة. أما اليوم، فتظهر صوره وقد أنهك السجن جسده، بينما بقيت روحه صامدة، لم تنكسر أمام سنوات العزلة والتعنت.

وتحوّلت قضية الكتاتني إلى رمز لمعاناة مئات الأكاديميين والسياسيين الذين ما زالوا يقضون سنوات طويلة خلف القضبان، فقط بسبب آرائهم ومواقفهم السياسية، في مشهدٍ يعكس واقعًا مؤلمًا لحرية الرأي والتعبير في مصر خلال العقد الأخير.

 

دعوات حقوقية للإفراج والتحقيق

في بيان حديث، طالبت منظمة عدالة لحقوق الإنسان السلطات بالإفراج الفوري وغير المشروط عن الدكتور محمد سعد الكتاتني، محمّلة وزارة الداخلية مسؤولية سلامته الجسدية والنفسية، وداعية إلى فتح تحقيق مستقل وشفاف حول ظروف احتجازه وسوء معاملته داخل السجن.

كما شددت المنظمة على ضرورة ضمان حقه في تلقي العلاج والرعاية الصحية، والسماح لأسرته ومحاميه بزيارته، التزامًا بالاتفاقيات الدولية التي وقّعت عليها مصر، وعلى رأسها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

https://www.facebook.com/JHRNGO/posts/1140500144874195?ref=embed_post