في واقعة تثير الاستياء والغضب، يعاني أهالي قرية الكشح في محافظة سوهاج من أزمة خانقة بسبب عدم وصول المياه اللازمة للزراعة، وهو ما يهدد مصير محصولاتهم الزراعية ويزيد من معاناتهم الاقتصادية. وعلى الرغم من أن الزراعة تعد مصدر رزقهم الرئيسي، فإنهم يجدون أنفسهم أمام تجاهل حكومي لمطالبهم المستمرة بتحسين وضع المياه الزراعية في منطقتهم. تتزايد الفيديوهات التي تظهر المزارعين وهم يشتكون من تلك الأزمة، مطالبين الحكومة بتحمل مسؤولياتها وإيجاد حلول سريعة.

 

الأزمة الحقيقية: نقص المياه الزراعية في قرية الكشح

 

تشهد قرية الكشح، الواقعة في مركز البلينا بمحافظة سوهاج، أزمة مياه زراعية خانقة تسببت في توقف العديد من الأنشطة الزراعية في المنطقة. ففي وقت يعاني فيه الأهالي من ندرة المياه وتراجع معدلات الأمطار، تزداد معاناتهم بسبب تعطل ضخ المياه إلى الأراضي الزراعية. ويعزو الأهالي هذا الوضع إلى سوء إدارة الموارد المائية وتجاهل مطالبهم من قبل المسؤولين، ما يجعلهم في مواجهة مباشرة مع الفشل في المحاصيل وانهيار مصدر رزقهم.

 

الفيديوهات التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر المزارعين وهم يتحدثون عن معاناتهم اليومية، مشيرين إلى أن العديد من الأراضي التي تعتمد على الري من مياه النيل أو الترع لا تصل إليها المياه بشكل منتظم. بعضهم كشف عن تدني منسوب المياه في الترع، ما أدى إلى جفاف الأراضي الزراعية وأثر بشكل كبير على المحاصيل التي تعتمد على المياه بشكل أساسي.

 


عدم استجابة الحكومة والمسئولين

 

المؤلم في هذه الأزمة هو أن الحكومة، التي طالما أكدت على أهمية الزراعة في دعم الاقتصاد المصري، لم تقدم الحلول المناسبة لتوفير المياه للأراضي الزراعية في المناطق المتضررة. فعلى الرغم من أن المياه تعتبر من أولويات الحكومة في خطط التنمية الزراعية، إلا أن تنفيذ تلك الخطط غالبًا ما يتأخر أو يقتصر على تصريحات إعلامية، دون أن يتم تطبيق حلول فعالة على أرض الواقع.

 

منذ بداية الأزمة، لم تتخذ الحكومة أي خطوات ملموسة لتحسين الوضع، ولم تتجاوب مع شكاوى أهالي القرية. لا تتوقف الشكاوى عند نقص المياه فحسب، بل تشمل أيضًا تسرب المياه من شبكات الري وتراكم الطمي في قنوات المياه، ما يعوق وصولها إلى الأراضي الزراعية. وبالرغم من الاجتماعات المتكررة التي عقدها المسئولون المحليون مع الأهالي، إلا أن الحلول التي تم طرحها كانت مجرد وعود لم تتحقق حتى الآن.

 

الأضرار الاقتصادية والاجتماعية

 

تعتبر الزراعة في قرية الكشح المصدر الرئيسي للرزق، حيث يزرع الأهالي محاصيل متنوعة مثل القمح والذرة والفول. ومنذ بدء الأزمة، عانى الفلاحون من خسائر كبيرة في محاصيلهم. العديد من المزارعين اضطروا إلى بيع أراضيهم أو خفض إنتاجهم الزراعي بسبب عدم توفر المياه، مما أدى إلى تدهور الوضع الاقتصادي في القرية.

 

زيادة على ذلك، فإن هذه الأزمة تخلق تأثيرًا اجتماعيًا سلبيًا على الأهالي الذين يعانون من البطالة والفقر بسبب قلة فرص العمل. الفلاحون الذين كانوا يعتمدون بشكل كامل على الزراعة وجدوا أنفسهم في موقف صعب للغاية، حيث لم تعد الزراعة قادرة على توفير دخل كافٍ لهم ولعائلاتهم. وهذا بدوره يعمق المشاكل الاجتماعية ويزيد من الفجوة بين الفئات الأكثر احتياجًا والفئات التي تتمتع بفرص أفضل في الحياة.

 

التجاهل الحكومي للمشاكل المائية

 

إن تجاهل الحكومة لمشاكل المياه في قرية الكشح يمثل حلقة من سلسلة الإهمال الحكومي للمناطق الريفية التي تعاني من قلة الخدمات الأساسية. تتكرر الوعود من المسؤولين بإصلاح الوضع، لكن الحقيقة هي أن الحلول الفعالة تغيب عن هذه المناطق. هذا الإهمال يتناقض مع التصريحات الرسمية التي تؤكد على "أهمية الزراعة" و"ضرورة تحسين وضع الفلاحين"، بينما يعاني الأهالي من تراجع كبير في جودة الحياة بسبب نقص المياه.

 

المشكلة الأكبر تكمن في أن الحكومة لم تضع حلًا حقيقيًا لهذه الأزمة على الرغم من التوجيهات المستمرة لزيادة الكفاءة في استخدام الموارد المائية. فمازالت الترع تحتاج إلى الصيانة، والأنظمة المائية القديمة تعاني من نقص في الصيانة، ما يعوق قدرتها على توفير المياه للأراضي الزراعية. هذه المسائل تمثل تحديات كبيرة لمزارعي القرية، بينما تظل الوعود الحكومية مجرد كلام على الورق، دون أن تتبعها أفعال ملموسة.

 

في النهاية، تبقى أزمة المياه الزراعية في قرية الكشح في سوهاج شاهدة على فشل الحكومة في التعامل مع أهم مصدر رزق للمواطنين في تلك المناطق. إن تجاهل معاناة الأهالي وعدم الاستجابة لمطالبهم بتوفير مياه الري هي قضايا يجب على الحكومة أن تتعامل معها بشكل عاجل، إذا كانت فعلاً حريصة على تحسين ظروف المزارعين ودعم الاقتصاد المصري الذي يعتمد بشكل أساسي على الزراعة. المطلوب اليوم هو حلول فعالة وإجراءات عملية تضمن وصول المياه إلى الأراضي الزراعية في قرية الكشح وكل المناطق المتضررة، بدلاً من الاكتفاء بالتصريحات الإعلامية التي لا تغني ولا تسمن من جوع.