في وقت يعاني فيه العديد من المواطنين من أزمة سكن خانقة، يلجأ بعض الملاك إلى أساليب تطفيش غير قانونية لتهجير المستأجرين من عقاراتهم. هذه الممارسات تشمل قطع المياه والكهرباء، وتخريب المواسير والتمديدات الكهربائية، ما يزيد من تعقيد الوضع.
ورغم هذه المعاناة، لا تبدو الحكومة قادرة على تقديم حلول بديلة للمستأجرين أو مواجهة ممارسات الملاك التي تخلق أزمة أكبر. الخبراء يتوقعون أن يمر المستأجرون بسبع سنوات عجاف في ظل تراخي الحكومة في إيجاد حلول حقيقية لهذه المشكلة، مما يهدد بتفاقم الأزمة السكنية أكثر في المستقبل.
أساليب تطفيش المستأجرين: قطع المرافق وخلق الأزمات
في ظل غياب الرقابة الحكومية على سوق الإيجارات، يُمارس بعض الملاك أساليب قاسية لتطفيش المستأجرين من منازلهم، وذلك في محاولة منهم لاستعادة عقاراتهم ورفع الإيجارات بطريقة غير قانونية.
ومن أبرز هذه الأساليب قطع المياه عن العقار، وهو ما يترتب عليه خلق بيئة غير صالحة للعيش.
كما يلجأ البعض إلى تكسير المواسير أو التلاعب في التمديدات الكهربائية، مما يؤدي إلى تعريض حياة السكان للخطر.
تسهم هذه الأساليب في إحداث أضرار جسيمة للمستأجرين الذين يصبحون مضطرين لمغادرة المنازل بسبب الظروف المعيشية القاسية التي يواجهونها. وبينما تزداد معاناتهم، تظل الحكومة غائبة عن إيجاد حلول ملموسة لمكافحة هذه الظاهرة.
تراخي الحكومة في توفير بدائل سكنية
المشكلة تتفاقم في ظل غياب الجهود الحكومية الفعالة لتوفير البدائل السكنية المناسبة للمستأجرين الذين يواجهون التهديدات بالطرد من منازلهم.
كان من المتوقع أن تتخذ الحكومة إجراءات سريعة لتوفير سكن بديل، سواء عبر دعم المشروعات السكنية أو زيادة المعروض من الوحدات السكنية المناسبة للفئات المتوسطة والدنيا.
لكن، حتى الآن، لم تظهر الحكومة أي خطط واضحة للتعامل مع هذه الأزمة أو لدعم المستأجرين الذين يُجبرون على مغادرة منازلهم بسبب ممارسات بعض الملاك.
في حين كان من الممكن استغلال الأراضي غير المستغلة في المدن الكبرى أو تمويل مشروعات إسكان اجتماعي توفر للشباب والعائلات محدودة الدخل بيوتًا ملائمة بأسعار معقولة.
توقعات الخبراء: سبع سنوات عجاف للمستأجرين
تشير توقعات الخبراء إلى أن الأزمة ستستمر لفترة طويلة، وأن المستأجرين قد يواجهون سبع سنوات عجاف من التدهور في أوضاعهم السكنية في ظل غياب الحلول الفعالة.
ويرجع ذلك إلى تزايد الضغوط على السوق العقاري، وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق، ما يزيد من تعقيد الأمور.
مع استمرار هذه الوضعية، يواجه الكثير من المستأجرين خطر الطرد والانتقال إلى مناطق نائية أو غير مناسبة بسبب عدم قدرتهم على دفع الزيادات المقررة في الإيجارات.
من جانبه، يوضح أحد الخبراء في شؤون الإسكان أن "الحكومة تتحمل جزءًا كبيرًا من المسؤولية في هذه الأزمة، حيث لم تضع آليات واضحة لتنظيم العلاقة بين الملاك والمستأجرين، كما أنها لم تقدم حلولًا ملائمة للفئات المتضررة".
ويضيف أن الحلول تتطلب توفير وحدات سكنية بأسعار مناسبة، بالإضافة إلى تطوير التشريعات التي تحمي حقوق المستأجرين من الممارسات التعسفية للملاك.
الملاك وتوجيه الأنظار نحو التعديل القانوني
رغم أن بعض الملاك قد يواجهون ضغوطًا اقتصادية تدفعهم إلى رفع الإيجارات، إلا أن الممارسات التي تلجأ إليها قلة منهم تمثل خرقًا للقوانين التي تحمي حقوق المستأجرين.
فبموجب قانون الإيجارات، يحق للمستأجرين البقاء في العقارات طالما أنهم يلتزمون بدفع الإيجار والقيام بالصيانة المطلوبة.
وتستند هذه القوانين إلى مبدأ حماية حقوق الأفراد في الحياة المستقرة داخل بيوتهم.
مع ذلك، تبرز الحاجة الملحة لتعديل هذه القوانين لضمان مزيد من الحماية للمستأجرين في مواجهة ممارسات التطفيش من قبل الملاك.
تعديل هذه القوانين قد يشمل وضع إجراءات رادعة للملاك الذين يستخدمون أساليب غير قانونية ضد المستأجرين، إلى جانب إنشاء آليات قانونية تضمن حقوق جميع الأطراف وتحد من تجاوزات السوق العقاري.
الحلول المقترحة: ضرورة تدخل الحكومة
من أجل معالجة هذه الأزمة، يجب على الحكومة تبني سياسات جديدة تهدف إلى توفير السكن بأسعار معقولة، والعمل على توفير بدائل سكنية للمستأجرين الذين يعانون من ظروف قاهرة. يتطلب ذلك تدخلًا عاجلًا من خلال بناء المزيد من وحدات الإسكان الاجتماعي، خاصة في المناطق التي تعاني من نقص في المعروض السكني.
كما يمكن توفير دعم للمستأجرين الذين يتعرضون لزيادة مفاجئة في الإيجارات أو ظروف غير قانونية تفرض عليهم ترك منازلهم.
كما يجب على الحكومة تشديد الرقابة على سوق الإيجارات، بما في ذلك إنشاء لجنة متخصصة لضمان تنفيذ القوانين المعمول بها، ومنع الممارسات التي تضر بالمستأجرين.
وأخيرا وفي ظل تزايد معاناة المستأجرين من ممارسات تطفيش الملاك، وفي غياب الحلول الحكومية الفعالة، يبقى السؤال مطروحًا حول مدى استعداد الحكومة لمواجهة الأزمة السكنية التي تهدد استقرار الأسر المصرية. إن اتخاذ إجراءات حاسمة من خلال توفير سكن بديل، وزيادة الرقابة على سوق الإيجارات، وتعديل التشريعات القانونية بما يضمن حقوق المستأجرين، بات أمرًا بالغ الأهمية لضمان استقرار المجتمع وحمايته من أزمات سكنية قد تكون لها تداعيات اجتماعية واقتصادية كبيرة في المستقبل.

