في مشهد يعكس الفساد السياسي والتخلف الاجتماعي، انتشرت مؤخراً هتافات لمؤيدي مرشحة للبرلمان تدعى شيماء، في إحدى دوائر نجع حمادي، تطالب بتوريثها "كرسي والدها" في البرلمان. هذا المشهد المثير للدهشة ليس مجرد حادث عابر، بل هو انعكاس مؤلم لواقع سياسي يرزح تحت وطأة الفساد والتوريث في مؤسسات الدولة.

بينما كان الناس في حاجة إلى تغييرات جذرية في نمط الحكم، نجد أن الانتخابات في بعض المناطق تتحول إلى مجرد عملية لتوريث المناصب، بدلًا من أن تكون وسيلة لتحقيق العدالة والمشاركة الحقيقية.

 

الناشطون ينتقدون الهتافات والتوريث السياسي

فور انتشار الفيديو الذي يظهر الهتافات التي تطالب بتوريث "الكرسي" لمرشحة معينة، كان رد فعل الناشطين والمواطنين في منصات التواصل الاجتماعي سريعًا وحادًا.

حيث انتقدت الناشطة رانيا الخطيب هذا التصرف بشكل لاذع، متسائلة عن سبب تفاعل "الرجالة" بتشجيع مرشحة بهذا الأسلوب الغريب في وقت تتوجه فيه النساء المطالبات بحقوقهن. هذه الصورة تبين بوضوح كيف يتم تشجيع النساء على التوريث بدلًا من دعمهن في مسار سياسي حقيقي بعيدًا عن العلاقات الأسرية والمصالح الشخصية.
https://x.com/ElkhateebRania/status/1983205663766421971

ولفت أحمد طه " مهزلة بالصوت والصورة .. نموذج حي لما يسمى (دولة مدنية ديمقراطية حديثة) وحسبنا الله ونعم الوكيل".
https://x.com/AhmedTa34592541/status/1983262242536624624

وسخرت لينا " طيب بدل الكرسي بتاع أبوها أحنا كشعب مال أبونا بقي جايين تلفوا فى البلد وعايزين أصوات الناس ليه !!".
https://x.com/LinaKamal841369/status/1983168079711617057

ونوه أبو يوسف " المشكلة مش فى الهتاف المسخرة ده ولكن المشكلة فى رجالة بشنبات وبهيصوا لواحدة ست عشان تبقى نائبة عنهم".
https://x.com/Abuyousef_123/status/1983229600936386828

وأكد صبري " احنا وصلنا القاع يا جماعة بجد هى مصر دى ملهاش حد يسأل عليها".
https://x.com/sabryelsa3ie/status/1983210716854169994

أما الصيرفي، فقد أشار إلى أن الهتاف "الكرسي بتاع أبوها" يعكس الجهل والتخلف الذي تعيشه البلاد. فكيف يكون البرلمان - وهو أهم مؤسسة تشريعية في الدولة - ساحة للتوريث والاحتكار السياسي؟ كيف يتوقع الشعب أي نتيجة إيجابية عندما يساهم في دعم هذا النوع من الممارسات الفاسدة؟ هذا الهتاف لا يعكس فقط الانحدار الأخلاقي، بل يبرز الفجوة الواسعة بين الشعب والنظام الحاكم الذي يظل يطغى عليه الاستبداد.
https://x.com/alsairafi_h/status/1983221436836708724

 

السياسة التوريثية: احتقار للانتخابات والديمقراطية

الهتافات المتعلقة بتوريث "الكرسي" تعكس بوضوح أن الانتخابات في بعض المناطق لم تعد تعبيرًا عن إرادة الشعب، بل تحولت إلى مجرد محاكاة شكلية لعملية ديمقراطية مزيفة. إذا كان المقعد البرلماني قد تحول إلى "ملكية خاصة" لعائلات معينة، فكيف يتوقع الناس أن تتحقق العدالة والمساواة؟ هذا النوع من الممارسات يعزز الفساد في جميع مستويات السلطة، ويجعل النظام السياسي مغلقًا وغير قادر على التجديد أو التغيير.

 

التوريث في المجتمع المصري: مشكلة أكبر من مجرد هتافات

الهتاف الذي يطالب بتوريث "الكرسي" لمرشحة معينة ليس مجرد سخرية أو ظاهرة مؤقتة، بل هو جزء من ثقافة عامة تشجع على التوريث وتدعم أنماطًا من الفساد والتسلط. هذه الظاهرة تشير إلى غياب الرقابة والمحاسبة الحقيقية على النظام السياسي، حيث يتم التلاعب بالمناصب والمقاعد دون النظر إلى الكفاءة أو الخبرة. هذا التوريث لا يقتصر على البرلمان فقط، بل قد يمتد إلى العديد من المؤسسات الحكومية الأخرى، ما يعزز من فكر التوريث والاحتكار في أوساط الطبقة الحاكمة.

 

التفاعل الاجتماعي: ضعف الوعي السياسي

من المثير للدهشة أن عددًا من الرجال - وفقًا لما ذكره أبو يوسف - يدعمون هذا النوع من التوريث، ويشجعون على بقاء السلطة في يد عائلة واحدة، دون اعتبار لحقوقهم أو لمصلحة المجتمع. هذا يبرز ضعف الوعي السياسي في بعض فئات المجتمع، حيث يصبح البعض جاهزًا للمشاركة في هذه الممارسات الفاسدة، بينما يفترض أن يكونوا أكثر وعيًا بضرورة دعم التغيير الديمقراطي الذي يستند إلى الكفاءة والمشاركة الحقيقية، لا إلى العلاقات الأسرية.

 

الخلاصة: دعوة للتغيير الحقيقي

إن ما حدث في دائرة نجع حمادي هو مجرد نموذج صغير لما يحدث في الكثير من الأماكن الأخرى في مصر من توريث المناصب البرلمانية والمناصب السياسية. هذا التوريث يعد بمثابة نكسة حقيقية للديمقراطية ويجب أن يكون دافعًا لنا جميعًا للعمل على التغيير السياسي الفعلي، لا أن نكتفي بمشاهدته. إن الحكومة، بدلاً من السماح لهذه الممارسات بالتوسع، يجب أن تكون في المقدمة لمحاربة الفساد والتوريث السياسي، وتعزيز ثقافة الشفافية والمساواة في كل ما يتعلق بالانتخابات والمناصب العامة.