أكدت خطبة الجمعة في عموم مساجد تركيا، أمس الجمعة، أن الأخوة الإيمانية هي رحمة الله بين عباده، وأشارت إلى أن الوحدة والتآلف هما سر بقاء الأمة وقوّتها.

ولفتت الخطبة إلى أن التنازع والتباغض يذهبان الريح ويضيعان الجسد الإسلامي.

 

نص الخطبة كاملة:

يقول ربنا سبحانه وتعالى في الآية الكريمة التي تلوتها:”وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين“.

وفي الحديث الشريف قال رسول الله صلى عليه وسلم “لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخوانا“.

من القيم العظيمة التي علمنا إياها النبي صلى الله عليه وسلم، الذي أرسل رحمة للعالمين، قيمة الأخوة.

وهذه الأخوة هي أخوة الإيمان، تجمع بين أصحاب اللغات والألوان المختلفة على الإيمان والمبادئ والأهداف نفسها.

وأساس هذه الأخوة هو الوعي بأننا عباد الله وأمة محمد صلى الله عليه وسلم، وفي هذه الأخوة جهد لكي نكون واحدا، نعمل معا، نكون أقوياء؛ وليس فيها دعاوى الأنانية أو التفاخر أو التنافس في الغرور، بل فيها التوحد والتآلف، وليس فيها التفرق والتشتت. فيها المحبة والرحمة والتعاون والتكافل؛ وليس فيها البغض والكراهية والعنف والعداوة.

هذه الأخوة التي تستمد قوتها من الإيمان، هي التي حفظتنا أمة واحدة عبر القرون، فقد آمن أجدادنا بقول الله تعالى“وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين“، فانتصروا في ملاذكرد، وفي فتح إسطنبول، وفي جناق قلعة بروح الأخوة والإيمان.

وهذه الأراضي التي سقيت بدماء الشهداء، صارت وطنا لنا إلى يوم القيامة بروح الأخوة نفسها.      

لقد كانت أمتنا على مدى القرون حاملة لواء الإسلام أخذة الإلهام من هذه الآية تخدم الإنسانية، وتقف دائما مع المظلوم، وتسعى لنشر العدل والخير في العالم.

وما دمنا على هذه الطريقة، فإن الله لن يتركنا وحدنا ولا بدون مساعدة.

وقد تجسد معنى قوله تعالى “إنما المؤمنون إخوة” في حياة أجدادنا، فقد تخطوا كل الصعاب متحدين، وضحوا بأنفسهم ولم يتنازلوا عن شبر من أرضهم، ولم يدعوا يدا نجسة تمس مساجدنا.

فما دمنا نحافظ على هذه الروح وهذا الوحدانية، فلن يخفت صوت الأذان في وطننا، ولن يسقط علمنا العظيم أبدا.

فلنحذر من كل كلمة أو سلوك يمكن أن يضعف روح الأخوة التي تعلمناها من نبينا الكريم وورثناها عن أسلافنا.

ولنعتبر اختلافنا في الآراء والثقافات والأذواق ثراء وتنوعا ليس سببا للفرقة، ولنسع جاهدين لتربية أجيال متمسكة بدينها وقيمها، متزودة بالأخلاق والعلم حافظة لتاريخها ومجد أمتها، ولنحافظ جميعا على قيمنا الوطنية والمعنوية التي تشكل هويتنا.

وبهذه المناسبة نسأل الله تعالى أن يتغمد شهداءنا الأبرار، الذين رووا بدمائهم هذه الأرض الطاهرة، برحمته ورضوانه، وأن يجزي جميع غزاتنا ومجاهدينا خير الجزاء.

نسأله سبحانه أن يديم علينا الوحدة والتآلف، وأن يجعلدولتنا وشعبنا دائمي البقاء والعزة.