زار الرئيس اللبناني الجديد جوزيف عون القاهرة في 19 مايو، للمرة الثانية خلال أقل من ثلاثة أشهر، في إطار توجه لبناني جديد نحو الدول العربية المعتدلة مثل مصر والسعودية والإمارات والأردن وقطر. هذه الزيارة جاءت بعد مشاركته في قمة الجامعة العربية الطارئة حول غزة في مارس، وتعكس تحولًا استراتيجيًا في السياسة الخارجية اللبنانية بعد تراجع نفوذ حزب الله وسقوط نظام الأسد في سوريا.
رافق عون وفد رفيع يضم مستشارين ومسؤولين اقتصاديين، بهدف تعزيز الدعم العربي في ملفات الطاقة والإعمار والمساعدة العسكرية. وركزت زيارته إلى القاهرة على طلب دعم مصري في تفكيك شبكة أنفاق يستخدمها حزب الله، وتنظيف الأراضي اللبنانية من المتفجرات، تنفيذًا لاتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل الموقع في نوفمبر 2024.
أكد عون في مقابلة تلفزيونية أنه سيطلب دعمًا مصريًا تقنيًا في كشف الأنفاق والمتفجرات. وذكرت الرئاسة المصرية أن اللقاء ناقش آليات تعزيز الاستقرار اللبناني، والسلام الإقليمي، إضافة إلى التعاون في الطاقة والبنية التحتية.
تمتلك مصر خبرة واسعة في التعامل مع الأنفاق، خاصة في سيناء، حيث دمرت القوات المسلحة آلاف الأنفاق التي استخدمها مسلحون بين غزة وسيناء، وبنت سياجًا حدوديًا مزودًا بأجهزة استشعار، وهدمت مباني في رفح كانت تخفي مداخل أنفاق. وصف اللواء فؤاد علام، الخبير الأمني المصري، هذه التجربة بأنها تؤهل مصر لمساعدة دول أخرى في تفكيك الشبكات تحت الأرض.
لكن هذه السياسات أثارت انتقادات. ففي حين اعتبرها البعض إجراءات أمنية فعالة، رأى آخرون أنها تخدم المصالح الإسرائيلية وتستهدف حركات المقاومة. في غزة، وفرت الأنفاق شريان حياة في ظل الحصار، وفي لبنان، استخدمها حزب الله ضمن استراتيجيته الدفاعية ضد إسرائيل. ولذلك، يخشى البعض من أن يؤدي التعاون المصري في تفكيك أنفاق لبنان إلى تقويض مقاومة الاحتلال بدلاً من معالجة جذوره.
تتبع مصر (حكومة الانقلاب)، التي وقّعت معاهدة سلام مع إسرائيل وشاركت في حصار غزة، عقيدة إقليمية تركز على دعم مؤسسات الدولة ورفض نفوذ الجماعات غير الرسمية مثل حماس وحزب الله. ويدعم هذا التوجه موقفها في ليبيا والسودان ولبنان، حيث تساند الجيش اللبناني على حساب الميليشيات.
حلّل الكاتب اللبناني أسعد بشارة هذا الموقف بقوله إن مصر "تكره الفاعلين غير الرسميين"، وتدعم الجيش اللبناني في إطار عقيدتها السيادية. ويتماشى ذلك مع دعوة الرئيس السيسي بعد لقائه بعون إلى تطبيق قرار مجلس الأمن 1701، الذي ينص على نزع سلاح الميليشيات وانسحاب إسرائيل من الجنوب اللبناني، وتسليم الجيش اللبناني السيطرة الكاملة جنوب الليطاني.
في جانب آخر من العلاقات، تُعد الطاقة محورًا مهمًا بين البلدين. ففي 2022، وُقع اتفاق لتوريد الغاز المصري إلى محطة دير عمار اللبنانية عبر سوريا. ويأمل لبنان أن ينعش رفع العقوبات الأميركية هذا الاتفاق، الذي تعطل بسبب شروط البنك الدولي المتعلقة بإصلاح قطاع الكهرباء.
كما تشكل التجارة الزراعية جانبًا آخر في العلاقات، إذ تُعد مصر من أكبر مستوردي المواد الأولية الزراعية من لبنان. لكن هذا القطاع يواجه تحديات بسبب الرسوم الجمركية التي فرضتها مصر عام 2016، ومشكلات في تطبيق قواعد المنشأ، ما يعرقل الصادرات اللبنانية رغم اتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى.
يسعى الرئيس عون، منذ توليه المنصب، إلى إعادة دمج لبنان ضمن المنظومة العربية المعتدلة، من خلال الانفتاح على عواصم محورية كالقاهرة والرياض وأبوظبي والدوحة وعمان. ويرى في هذه العواصم شركاء أساسيين في إعادة بناء الدولة اللبنانية بعد تحييد حزب الله وانتهاء النفوذ السوري.
وفي ختام تقرير العربي الجديد، يشير بشارة إلى أن مصر، كدولة محورية، تدعم استقرار لبنان لأنها ترى في ذلك مصلحة مباشرة تضمن استقرار الإقليم بأكمله.
https://www.newarab.com/news/can-egypt-help-lebanon-dismantle-hezbollahs-tunnel-network