أثار قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض عقوبات اقتصادية وعقوبات سفر على الأفراد المرتبطين بتحقيقات المحكمة الجنائية الدولية موجة من التنديد الدولي والمطالبات بضرورة حماية استقلالية المحكمة.
ويعتبر هذا القرار جزءًا من سياسة أميركية تسعى للحد من صلاحيات المحكمة في محاسبة المسؤولين المتهمين بارتكاب جرائم حرب.
 

رفض أوروبي واسع للعقوبات الأميركية
   نددت الدول الأوروبية بالخطوة الأميركية واعتبرتها تهديدًا للعدالة الدولية. فقد صرّح المستشار الألماني أولاف شولتز، الجمعة، أن العقوبات المفروضة على المحكمة الجنائية الدولية "أداة خاطئة" تهدد مؤسسة من المفترض أن تضمن عدم إفلات الطغاة من المساءلة.

من جهتها، أكدت هولندا، التي تحتضن مقر المحكمة، دعمها الكامل للمحكمة، حيث كتب وزير الخارجية الهولندي كاسبر فيلدكامب على منصة "إكس": "عمل المحكمة ضروري لمواجهة الإفلات من العقاب".
أما رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، فأكدت أن المحكمة يجب أن تظل قادرة على مواصلة مهامها بحرية دون عوائق.

وفي السياق نفسه، حذر رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا من أن فرض العقوبات على المحكمة "يُهدّد استقلالها"، معتبرًا أن هذه الخطوة تقوّض نظام العدالة الجنائية الدولية بأكمله.
 

موقف معارض من داخل أوروبا
   رغم الرفض الأوروبي الواسع، عبّر رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان عن تأييده للعقوبات الأميركية، معتبرًا أن الوقت قد حان لمراجعة عضوية المجر في المحكمة الجنائية الدولية، مشيرًا إلى أن "رياحًا جديدة تهب في السياسة الدولية"، واصفًا الوضع بأنه "إعصار ترمب".
 

تفاصيل العقوبات وتأثيراتها المحتملة
   شملت العقوبات التي فرضتها إدارة ترمب تجميد أصول الأفراد المعنيين داخل الولايات المتحدة ومنعهم وعائلاتهم من دخول البلاد.
ولم تعلن واشنطن بعد أسماء المستهدفين بهذه العقوبات، إلا أن تقارير أفادت بأن المحكمة بدأت باتخاذ تدابير لحماية موظفيها، مثل دفع رواتبهم مقدمًا تحسبًا لأي تداعيات مالية قد تعرقل عملها.

وفي سابقة مماثلة عام 2020، فرضت إدارة ترمب عقوبات على المدعية العامة للمحكمة آنذاك، فاتو بنسودا، بسبب تحقيقها في جرائم حرب ارتكبتها القوات الأميركية في أفغانستان.
 

الأبعاد السياسية للعقوبات الأميركية
   جاء توقيت القرار التنفيذي لترمب متزامنًا مع زيارة رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني بنيامين نتنياهو إلى واشنطن، ما أثار تكهنات حول ارتباط العقوبات بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت على خلفية الحرب على غزة.
وأكدت المحكمة أن قرارات الاعتقال تستند إلى تقييم قانوني دقيق لمجريات الأحداث وتهدف إلى وقف الانتهاكات الجارية.
 

المحكمة الجنائية الدولية ودورها في النظام القضائي الدولي
   تأسست المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية.
وتضم المحكمة 125 عضوًا، بينما تظل الولايات المتحدة والصين وروسيا والاحتلال الصهيوني خارج إطار عضويتها.