ليس من السهل أن يفاجأ الفلسطينيون، بالنظر إلى المشاهد المروعة الناتجة عن 15 شهرًا من القصف الصهيوني والحصار والتجويع وصمت العالم تجاه ما وصفته منظمة العفو الدولية بأنه "إبادة جماعية".
لكن إذا كان هناك شخص يمكنه قلب الأمور رأسًا على عقب، فهو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أعلن يوم الثلاثاء أن الولايات المتحدة ستقوم بطرد الفلسطينيين من غزة، ومن المحتمل أن ترسل قوات أمريكية إلى هناك، ثم تطور المنطقة لتصبح "ريفييرا الشرق الأوسط" للسياح.
جاء هذا الإعلان الصادم إلى جانب رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني بنيامين نتنياهو، الذي كان أول زعيم أجنبي يزور البيت الأبيض في ولاية ترامب الثانية.
كان رد الفعل على تصريحات ترامب سريعًا.
النائبة الديمقراطية رشيدة طليب، وهي العضو الفلسطيني الوحيد في الكونجرس الأمريكي، قالت: "الفلسطينيون لن يذهبوا إلى أي مكان".
وأضافت على منصة إكس: "هذا الرئيس يستطيع فقط التحدث بهذا الجنون بسبب الدعم الحزبي في الكونجرس لتمويل الإبادة الجماعية والتطهير العرقي".
أما السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي، فقد وصف تصريحات ترامب بأنها مجرد محاولة لصرف الانتباه، قائلًا: "الولايات المتحدة لن تغزو غزة وتحتلها. ترامب يريد أن نتحدث عن هذه الفكرة المجنونة طوال اليوم لتخفيف الضغط عنه".
من جانبه، قال السيناتور الجمهوري راند بول، الذي عُرف بمواقفه الليبرالية: "اعتقدت أننا صوتنا لصالح مبدأ أمريكا أولًا. ليس لنا أي شأن بالتفكير في احتلال آخر يهدر مواردنا ويُسقط دماء جنودنا".
نكبة جديدة؟
الفلسطينيون الذين غادروا غزة بالفعل لم يخفوا صدمتهم من تصريحات ترامب.
وقال المحامي الحقوقي الفلسطيني رجيح الصوراني لموقع ميدل إيست آي: "أنا في حالة صدمة. بالكاد أصدق أنهم يمكن أن يكونوا بهذه الوقاحة".
الصوراني، البالغ من العمر 70 عامًا والمولود في غزة، غادر القطاع قبل عام عبر مصر متوجهًا إلى أوروبا بعد أن دمر الاحتلال منزله.
وهو يشغل منصب مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان وأحد الأطراف في قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية.
وأضاف الصوراني: "مجرم حرب من الدرجة الأولى مثل نتنياهو يقف في البيت الأبيض، ويُعامل باحترام، كما لو لم يكن هناك أمر اعتقال بحقه من المحكمة الجنائية الدولية، ثم يُشاد به كأنه بطل؟ والآن، يعلنون علنًا أمام العالم أنهم سيكملون مهمة الإبادة؟ إنها نكبة جديدة!".
واقترح الصوراني أن يتم تقديم "تذاكر سفر باتجاه واحد" للمستوطنين بدلًا من الفلسطينيين، قائلًا: "لماذا لا يتم دفع تعويضات للإسرائيليين وإعادة توطينهم في الأراضي الواسعة للولايات المتحدة؟ نحن لم نقم بالمحرقة".
أما المحلل السياسي الفلسطيني المقيم في واشنطن، خليل صايغ، فقال: "هناك أسطورة أن الفلسطينيين سيتحملون أي شيء ولن يغادروا أبدًا. هذا غير صحيح، وهو في حد ذاته شكل من أشكال التجريد من الإنسانية".
وأضاف: "عندما يكون الخيار بين البقاء والموت أو المغادرة، سيختار كثيرون المغادرة، وهذا ليس نقصًا في الوطنية، بل هو خيار للحياة".
وأشار صايغ إلى أنه في حال فُتح معبر رفح، فإنه يقدر أن ما يصل إلى نصف مليون فلسطيني قد يغادرون غزة.
رفض عربي رسمي لخطط ترامب
كانت السعودية أول دولة عربية تدين خطط ترامب، مؤكدة ضرورة قيام دولة فلسطينية قبل أي حديث عن التطبيع مع الاحتلال الصهيوني.
كما رفضت كل من مصر والأردن بشكل قاطع أي خطط لترحيل الفلسطينيين من غزة إلى أراضيهما.
وقال صايغ: "أعتقد أن الموقف العربي حتى الآن جيد، وإذا استمروا في هذا المسار، يمكننا تجاوز هذه الأزمة، إن شاء الله".
ترامب يبدأ بالتراجع؟
بحلول صباح الأربعاء، بدأت حملة "العرب الأمريكيون من أجل ترامب"، التي ساعدت في حشد الدعم له بين الناخبين الغاضبين من سياسات بايدن في غزة، بتغيير اسمها إلى "العرب الأمريكيون من أجل السلام".
وجاء في بيانها: "نحن نعارض تمامًا فكرة ترحيل الفلسطينيين من وطنهم التاريخي لأي سبب".
كما بدأ المسؤولون في إدارة ترامب بتخفيف حدة التصريحات، حيث قال مستشاره للأمن القومي، مايكل والتز، في مقابلة مع شبكة سي بي آس: "ترامب يطرح أفكارًا جريئة وجديدة، وهذا لا ينبغي أن يكون موضع انتقاد".
أما المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، فقالت للصحفيين: "دونالد ترامب، وهو أفضل صانع صفقات على هذا الكوكب، سيبرم صفقة مع شركائنا في المنطقة".
وعندما سُئلت عن إمكانية إرسال قوات أمريكية إلى غزة، ردت: "لم يتم الالتزام بذلك بعد".
وبينما حاولت إدارة ترامب إعادة تفسير خطته، لم يكن بالإمكان التراجع تمامًا عن التصريحات الصادمة التي أطلقها الرئيس الأمريكي.
https://www.middleeasteye.net/news/state-shock-palestinians-respond-trump-proposal-take-over-gaza