تعرض الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن لانتقادات واسعة بسبب دوره في دعم إسرائيل خلال حربها على غزة. لكنه لم يكن مجرد شريك سلبي في استمرار الصراع، بل أسس لما هو أسوأ. لم يكن الأمر مجرد عجز، بل كان مقصودًا. والآن، جاء خليفته دونالد ترامب ليجعل هذا التوجه سياسة رسمية، واضعًا الأسس لمرحلة جديدة أكثر خطورة.

خلال حملته، أوحى ترامب لمؤيديه بأنه سيوقف الحروب التي خاضتها أمريكا في عهد بايدن، لكن الواقع كان مختلفًا تمامًا. فبعد أسابيع قليلة من توليه المنصب، لم يكتفِ بمنح إسرائيل حرية التصرف في غزة، بل تبنى الحرب وكأنها مشروعه الشخصي.

عند لقائه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تحدث ترامب عن "إعادة بناء غزة"، واصفًا إياها بأنها "موقع عقاري قيّم"، في إشارة ضمنية إلى أنها مشروع استثماري أكثر منها قضية إنسانية أو سياسية. لكن ما فعله ترامب يتجاوز مجرد الحديث عن إعادة الإعمار؛ فقد منح نتنياهو تفويضًا واضحًا لمواصلة الحرب، متجاهلًا الجهود الدبلوماسية لإنهاء القتال.

ووفقًا لما أورده ديفيد هيرست في ميدل إيست آي، فإن أحد أخطر تداعيات سياسة ترامب هو إلغاء اتفاق الهدنة الذي تم التفاوض عليه على مدار 15 شهرًا. فقد أعلن عن إلغاء المرحلة الثالثة من الاتفاق، والتي كانت تشمل انسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل من غزة وإعادة جثث القتلى. كما ألقى بظلال الشك على المرحلة الثانية، المتعلقة بإطلاق سراح الأسرى المتبقين.

هذا القرار أدى إلى أزمة حقيقية، إذ لم يعد لدى حركة حماس أي حافز للاستمرار في إطلاق سراح الرهائن، خاصة بعد أن أصبح واضحًا أن إسرائيل لا تنوي الالتزام بأي ضمانات أمريكية.

إحدى النقاط التي سلط هيرست الضوء عليها في مقاله هي أن ما يجري ليس مجرد حرب على غزة، بل مخطط شامل لإعادة تشكيل الوجود الفلسطيني برمته. فترامب ونتنياهو، مدعومين بأكثر الأجنحة تطرفًا في الحكومة الإسرائيلية، يمهدون الطريق لعملية تهجير قسري للفلسطينيين قد تكون الأكبر منذ نكبة 1948.

ويشير هيرست إلى أن وزير الأمن القومي السابق إيتمار بن غفير، الذي يمثل التيار الصهيوني الديني المتطرف، أعلن استعداده للعودة إلى الحكومة إذا بدأ ترامب في تنفيذ خطته. هذا يوضح أن المشروع ليس مجرد رؤية اقتصادية، بل خطة تهدف إلى تغيير التركيبة السكانية بالكامل لصالح إسرائيل.

التصعيد الأمريكي-الإسرائيلي لم يمر دون ردود فعل، خاصة من دول الجوار. فقد سارعت السعودية إلى إصدار بيان شديد اللهجة أكدت فيه رفضها القاطع لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين أو ضم الأراضي المحتلة. أما الأردن، فقد حذّر بشكل غير مسبوق من أن أي محاولة لإجبار الفلسطينيين على مغادرة الضفة الغربية قد تُعتبر "إعلان حرب".

ويشير هيرست إلى أن هذا الموقف الحاد من السعودية والأردن يعكس قلقًا حقيقيًا من أن استمرار السياسات الإسرائيلية المدعومة من ترامب قد يؤدي إلى تفجير المنطقة بأكملها.

يؤكد هيرست أن الفلسطينيين يدركون تمامًا خطورة المخطط الذي يجري تنفيذه، لكنهم مصممون على البقاء. فمهما كانت الظروف القاسية التي يواجهونها، ومهما زادت الضغوط العسكرية والسياسية، فإن خيارهم الوحيد هو الصمود في أماكنهم.

ويختتم هيرست مقاله بتحذير واضح: ما يخطط له ترامب ونتنياهو ليس مجرد سياسة أمريكية جديدة، بل هو مشروع تهجير قسري واسع النطاق. لكن كما فشلت محاولات إسرائيل السابقة لاقتلاع الفلسطينيين، فإن هذا المخطط أيضًا محكوم عليه بالفشل، لأن الفلسطينيين مستعدون للموت حيث يقفون، ولن يتخلوا عن أرضهم.

https://www.middleeasteye.net/opinion/if-trump-tries-take-over-gaza-palestinians-will-die-where-they-stand