برزت تركيا كلاعب رئيسي في مشهد الطاقة بشرق البحر الأبيض المتوسط، مدفوعة بالتغيرات الإقليمية الجارية في سوريا، وفقًا لما أكده خبير بارز.

وأوضح كريم الجنّي، الباحث في "تشاتام هاوس"، أن انهيار النظام السوري الذي استمر لعقود قد فتح الباب أمام إعادة هيكلة إقليمية جديدة. وقال: "تركيا، بشبكتها الواسعة من خطوط أنابيب الغاز ومحطات الغاز الطبيعي المسال، مستعدة لأن تصبح مركز الطاقة في المنطقة، في ظل إعادة تشكيل خريطة الطاقة في شرق المتوسط نتيجة التحولات في سوريا".
 

البنية التحتية القوية لتركيا
   وأشار الجنّي إلى أن البنية التحتية التركية للطاقة  تدعم بقوة هدف أنقرة بأن تصبح مركزًا إقليميًا للطاقة، والتي تشمل سبعة خطوط أنابيب للغاز، وخمس محطات للغاز الطبيعي المسال، وثلاث وحدات تخزين عائمة، ومنشأتين للتخزين تحت الأرض.

وأضاف أن إمكانية الربط بشبكة خط الغاز العربي عبر سوريا قد توفر خيارات أكثر جدوى للمنتجين الإقليميين للوصول إلى الأسواق الأوروبية، كما أن إحياء مشروع خط أنابيب قطر-تركيا يمكن أن يعيد تشكيل تدفقات الطاقة في المنطقة.
 

فرص جديدة في قطاع الطاقة
   
فيما يتعلق بالفرص المتاحة في المنطقة، أوضح الجنّي أن التحولات في سوريا لا تؤثر فقط على جيرانها المباشرين، بل تمتد آثارها إلى دول أخرى.

وتابع:"في حين يمكن لقطر والسعودية إحياء طموحاتهما في مد خطوط أنابيب، فإن دولًا مثل مصر وإسرائيل ولبنان قد تستفيد من طرق تصدير أكثر كفاءة من حيث التكلفة. كما أن البنية التحتية القائمة في الأردن تجعلها شريكًا طبيعيًا في هذه الشبكة الناشئة".

وألمح إلى أن هذه التطورات تمثل تحديًا لمشروع خط أنابيب "إيست ميد" التابع لمنتدى غاز شرق المتوسط، والذي تدعمه اليونان والإدارة القبرصية اليونانية في جنوب قبرص.

وذكر أن مشروع "إيست ميد"، وهو خط أنابيب بحري بطول 1900 كيلومتر لنقل موارد الطاقة الإقليمية إلى أوروبا عبر اليونان وقبرص اليونانية، يواجه بالفعل عقبات تقنية ومالية كبيرة. وذكر: "يمثل المسار البري عبر سوريا إلى شبكة تركيا حلًا أكثر واقعية يمكن أن يشجع التعاون الإقليمي رغم النزاعات البحرية القائمة".
 

دور تركيا في إعادة إعمار سوريا
   
إلى جانب التحولات في قطاع الطاقة، شدد الجنّي على دور تركيا القيادي الطبيعي في إعادة إعمار سوريا، نظرًا لخبرتها الطويلة في التعامل مع قضايا المنطقة.

ولفت إلى الروابط المشتركة بين البلدين، فضلًا عن الخبرة الواسعة التي اكتسبتها شركات البناء التركية في إعادة الإعمار بعد الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا في فبراير 2023.

وأردف: "مع حدود مشتركة تمتد لـ900 كيلومتر، واستضافة تركيا لـ3.6 مليون لاجئ سوري، فإن أنقرة تمتلك فهمًا فريدًا لهذه المهمة. وبعد إدارتها لعمليات إعادة الإعمار واسعة النطاق عقب زلزال كهرمان مرعش 2023، فإن الشركات التركية مؤهلة جيدًا للتعامل مع متطلبات إعادة الإعمار في سوريا، والتي تُقدر بحوالي 400 مليار دولار."

https://www.middleeastmonitor.com/20250129-syrias-changing-landscape-paves-way-for-turkiyes-energy-leadership-chatham-house-expert/