أحمد منصور
في مقارنة بين التجربتين المصرية والتركية قال أحمد داود أوغلو في لقائه الذي حضرته مع عدد محدود من الديبلوماسيين والمفكرين في العاصمة المصرية القاهرة يوم الاثنين الماضي : الوضع مختلف فنحن لدينا في تركيا أحزاب تقليدية قديمة عمرها يزيد على سبعين عاما هذه الاحزاب لديها تجربة عريقة، وبعد كل انقلاب عسكري كانت هذه الاحزاب تنفض الغبار عن نفسها وتغير أسماءها ثم تعيد الانطلاق مرة أخرى معتمدة على رصيدها التاريخي وأعضائها وتجربتها العريقة، لكن مصر لم توجد فيها تجربة حزبية حقيقية خلال الستين عاما الماضية لذلك فإنها سوف تعاني في ترسيخ التجربة الديمقراطية حتى تتشكل العقلية التي تقبل التعددية السياسية وتقبل اللعبة الديمقراطية ونتائجها لأن عماد الديمقراطية هو ترسيخ التجربة الحزبية التعددية، التي تقوم على اسعاد الانسان، وتحقيق الحد الادنى له من الرفاة وهنا يأتي دور الاقتصاد، فالاقتصاد الناجح هو الذي يشعر عموم الناس بالفائدة وليس طبقة محدودة من الناس، وقد نما الاقتصاد التركي خلال السنوات العشر الماضية أربع مرات وكذلك تضاعف دخل الفرد بنفس القدر ، لذلك فان الناس تحرص على الاستقرار السياسي حتى يظل الرخاء والنمو الاقتصادي تعم فائدته على الجميع، ومن أهم الاسباب التي يمكن أن تؤدي الى انعاش الاقتصاد في مصر هو أبناء مصر في الخارج، ان وضع مصر الآن بالنسبة لأبنائها في الخارج مثل وضع تركيا قبل عشر سنوات حيث كان الاتراك يعانون من البيروقراطية والفساد في بلادهم فوجدوا فرصا أفضل في الخارج وحينما تحسنت الاوضاع والقوانين الآن عاد الاتراك الى بلادهم بالثروات وفرص العمل والمشروعات التي ساعدت على انعاش الاقتصاد وهكذا يجب على الحكومة الحالية أن تفكر في أبناء مصر المميزين في الخارج فهؤلاء يمكن أن يلعبوا دورا مميزا في انعاش الاقتصاد المصري ويجب أن يمنح هؤلاء الفرص التي يتمكنون من خلالها من المساهمة في نهضة بلادهم. وهنا أود أن أؤكد أننا في تركيا لا نملك النفط، لكننا نملك ثروة من أبناء تركيا في الخارج الذين لعبوا دورا في نهضة بلادهم أفضل من أي ثروة نفطية، اننا لا نملك النفط ولكننا نملك طاقة الشعب، وشعب مصر لديه طاقة يستطيع أن يضع مصر بها خلال سنوات معدودة في مكانة متميزة.
ان الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي والسياسة الخارجية القوية كفيلة بصناعة مصر قوية وقادرة، كما أن المصريين يتوقعون الافضل من الرئيس والحكومة القادمة وأود أن أقول لهم ان تركيا بجواركم، نحن بحاجة الى أن نعمل سويا من أجل نهضة المنطقة نحن لدينا التجربة ومصر لديها الطموح والامكانات ولن نعيد التاريخ العثماني أو الفاطمي ولكننا نصنع الحاضر المشترك لبلادنا، واني أرى أن ليبيا وتونس والمغرب يجب أن تكون مع مصر وتركيا ضمن منظومة واحدة تتكامل فيها الثروة النفطية مع الثورة السكانية مع الموقع الجغرافي مع المشروعات التي يمكن أن تغير خريطة العالم في كافة النواحي، اننا على استعداد لفتح الحدود بين بلادنا وهذه البلاد، واذا أقمنا الاتفاقات الاقتصادية والشراكة ويجب أن نقوم بذلك سوف نوجد قوة اقليمية جديدة يمكن أن تلعب دورا هاما في تغيير وجه المنطقة. وحول مستقبل الوضع في سوريا قال أوغلو : الوضع معقد جدا في سوريا لقد زرت سوريا خلال تسع سنوات اثنتين وستين مرة، وتحدثت لبشار وقلت له اننا عائلة واحدة، لقد دافعنا عنكم حينما واجهتم المشاكل مع اسرائيل في العام 2007 وكان واجبنا أن نقف الى جواركم ووققنا، وحينما نجد أنفسنا مخيرين بينكم وبين الشعب كما نحن الآن فاننا سنختار الشعب لأنه هو الذي سيبقى وأنتم سوف تذهبون، أعطوا الشعب السوري فرصة مثل الفرصة التي أخذها الشعب المصري والشعوب الاخرى، لكنه لم يستجب ويواصلوا قتال الشعب السوري .
ان الصورة العاملة للشرق الاوسط أنه في حالة تشكل جديدة لكني أود أن أؤكد على شيء هام للغاية هو أن الشرق الاوسط الجديد لن يتشكل دون مصر بل ان مصر هي التي سوف تلعب الدور الرئيسي في تشكيله.. مصر القوية مصر الجديدة.
انتهى الحوار الخاص مع أحمد داود أوغلو وزير الخارجية التركي.
طالع ايضا:

