عبده مصطفى دسوقي
عاشت مصر فترة انتقالية عصيبة، ظل الشعب يترقب لحالة الاستقرار التي تعيد له البسمة والطمأنينة، وكلما وصل لمرحلة من مراحل الاستقرار خرج من يحاول إثارة الفتن والقلاقل وسط الناس، ووسط الحالة السياسية العامة، حتى كان يوم الأحد الموافق 24 /6 / 2012م الموافق 4 شعبان 1433هـ حينما احتبست أنفاس الشعب المصري مع انطلاق أذان العصر، بل احتبست أنفاس العالم كله.. حتى زاغت العيون، ليتعرف على أول رئيس مصري منتخب منذ ألاف السنين، وجاءت دقائق تلاوة البيان من المستشار فاروق سلطان كأنها دهر، حتى جاءت اللحظة الفارقة حينما أعلن أن رئيس مصر القادم هو الدكتور محمد مرسي، فانطلقت جموع الشعب في شوارع مصر لتعبر عن فرحتها لهذا النصر المبين الذي منه الله على وطننا وشعبنا الكريم، وعاشت البلاد ساعات الفرح في جو لم تشهد البلاد مثله إلا وقت أن أعلن عن تنحي الرئيس المخلوع مبارك حينما انطلقت القلوب في كل مكان ترفرف فرحة بهذا النصر المبين.
بدأ الرئيس حياته في القصر الجمهوري حينما اخذ أول ما أخذ على أيدي اسر الشهداء لينطلقوا معه إلى هذا المكان ليكونوا له وقود حي في انتشال البلاد، ثم تتابعت اللقاءات مع القانونين والعلماء والأحزاب والإعلاميين والصحفيين، وأصبحت أخبار رئيسنا على كل لسان الشعب، لأنه واحد منهم، عاش وسيعيش وسطهم، وإن كانت هناك بعض القلوب التي لا تتمنى له ولا لهذا الشعب ولا لهذا الوطن الخير، بل تريد أن يستيقظ الشعب على فاجعة تجعله يتمنى الرجوع لعهدهم البائد، وإن كنت متأكد أن هذا لن يحدث لأن الله أراد لهذا البلد الخير وسيحفظه إن شاء الله..لكن؟؟؟؟؟؟
لابد أن نلتفت للعمل والجد والاجتهاد والنهوض والتصدي والمعاونة لتحقيق الرقي والنهضة لهذا الوطن وهذا الشعب الذي ينتظر الخير على يدي من أتت بهم الثورة المباركة.
هيبة الرئيس
الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية واحد مننا وتربي وسطنا وتعاملنا معه كثيرا قبل أن يكون رئيسا للبلاد، فكان مع كل من يلقاه طيب القلب (وسيظل كذلك) لكن لابد من وجود هيبة للرئيس لأن هيبته من هيبة الوطن، وليس كما يحدث من بعض الإعلاميين (الغير متوافقين معه) من الحديث عنه في برامجهم وكأنه واحد يجلس معهم في البرنامج، فهم يتحدثون عن رئيس البلاد فلابد من اختيار وانتقاء الألفاظ التي تعطيه الهيبة في القلوب (مع حسن الخلق ولين الجانب التي يتحلى بهم) حتى لا يتجرأ على وطننا ولا على رئيسنا أحد من الخارج متعللا بأن أبناء الوطن لا يحترمونه، لأن رئيسنا يمثل وطننا الكبير العظيم في المحافل الدولية وغيرها ولابد من هيبته التي تقتبس من هيبة ومكانة مصر.
لقد وهب الله رئيسنا الفهم السديد في شئون دينه ووسطيته كما وهبه الله الحكم الذي يعينه على العمل والنهوض بالوطن فلا يكل بعد اليوم عن العمل من اجل هذا الشعب الذي انتظر هذه اللحظات سنوات كثيرة.
لابد من الفريق الرئاسي أن يساعده في ذلك من حيث اختيار ملابسه وتعامله مع الغير وأيضا إلقاء خطبه فلا يصح مثلا أن يقف رئيس الجمهورية يمسك بورقة يتلو منها أول خطاب لها في حين المذيعين والمذيعات يقرأون نشرة الأخبار عن طريق جهاز (أوتو كيو) المخصص للقراءة من الكاميرا، ونهيب بالتلفزيون المصري أن يكون على قدر المسئولية في مثل هذه الأمور.
لابد من إيجاد فريق يخاف الله يساعد الرئيس على صناعة هيبة الدولة في الداخل والخارج، ويكونوا رحماء بالرئيس وبالشعب المصري العظيم.
الشعب ومهامه
لم تتوقف مهمة الشعب على الخروج في طوابير طويلة ليضرب أروع الأمثلة في نشود الديمقراطية وتحول مسار الوطن إلى الأفضل، ثم بعد ذلك يتحول لمراقب لأداء الرئيس فحسب، أو في جبهة المعارضة فقط، بل لابد من الشعب العظيم أن يحول كل طاقته الايجابية لعمال تعود بالنفع على تطوير البلاد.
فمثلا..لماذا كل إنسان يمتلك الايجابية والقدرة على الإبداع والتفكير من تشكيل فرق في حيه أو عمله او مدينته أو قريته..لمتابعة مشاكل الغاز والعمل على حلها وأيضا لمراقبة المخابز وأيضا تنظيم المرور بقدر المستطاع سواء عن طريق فكرة أو عمل وليس ذلك فحسب بل لابد من إخراج طاقة وايجابية شبابنا فلا نجعل أجازتهم تمر سدى فلنستغل هذه الطاقات المهدرة باستغلالها في مثل هذه القضايا ويكونوا أداة تنفيذية رائعة...ومن ثم لا يصير رئيس الجمهورية وحيدا يعمل منفردا..بل يجد الشعب كله يعمل وينهض ويتقدم..وهذا فعل الشعوب القوية المتقدمة.
فرنسا حينما هزمت في الحرب العالمية الثانية وتولى الحكم شارل ديجول لم يجلس ليبكي وشعبه على الاطلال، بل عمد إلى الشباب المنهار والشعب المدمر فتعاونوا على التحول فنهض الشباب بهذا الوطن..مثله مثل الشعب الياباني الذي استيقظ على كارثة هيروشيما ونجازاكي وخراب الوطن. ومقتل الشعب بل وجدوا المستعمر الأمريكي يسومهم سوء العذاب لكن بصحوة الشباب وايجابية الشعب نهضت اليابان وتقدمت، فلم تنتظر الرئيس يعمل بل الشعب هو الذي عمل..فغير من سلوكياته..وبحث عن السلوك الطيب فنهجه، وبحث عن أداوت التقدم فسار عليها.
يا شعبنا:
تذكروا قول الله تعالى: (قَالُوۤاْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُون) الأعراف: 129
وهاهو المولى جل وعلا استخلفكم في الأرض ومكن لكم برئيس منكم يحاول أن يعمل معكم وبمساعدكم على التمكين والاستقرار لهذا الوطن فماذا انتم فاعلون.
أيها الإعلاميون تذكروا
من المعروف أن الإعلام سلاح قوى إذا أحسن استخدامه، فبه تظهر قوة البلاد، وعن طريقه تعرف الانجازات، ومن خلاله يعرف الشأن الداخلي لكل وطن.
ولذا نرجو من كل إعلامي وصحفي أن يقدم مصلحة هذا الوطن على مصالحة الخاصة، فيعمل على عدم نشر الشائعات الباطلة، ويرسخ معاني النقد البناء لتنجب الوقوع في الزلل، ولا يتصيد الخطاء لمن أراد أن يعمل.
ندرك أن كل واحد منكم يخاف على رزقه ومكتسباته، لكن هل فكر كل واحد منهم أن الرازق هو الله، وانه حفظ الرزق فلا يتدخل فيه أحد، بل اخبرنا بذلك بقوله: وفي السماء رزقكم وما توعدون * فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون (الذاريات).
لقد أخبرنا الله بأصناف تعمل على خراب وتدمير الشعوب حينما فرق بين الشعراء المتقين وشعراء السلطة، وما ينطبق على الشعراء في وصفهم ينطبق على الإعلاميين والصحفيين، ألم تتدبروا قول الله تعالى: { والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون} الشعراء.
لابد لنا جميعا رئيسا ومرؤوسين أن نعمل على ترسيخ هيبة وتقدم هذا الوطن، وإنجاح ثورتنا التي ينتظرها الكثير من الشعوب لينالوا حريتهم هم أيضا.
__________
[email protected]

