اسماعيل حامد
تعيش مصرنا الحبيبة وجماعتنا المباركة في هذه الفترة الحساسة من تاريخ أمتنا أزمة خانقة، فبعد أن حققت مصر والدعوة أهدافاً كبيرة، بفضل الله ثم بفضل ثورة 25 يناير المباركة ، وكانت هذه الثمرة التي يقطفها الجيل الراهن، أصبحنا الآن نمر بمرحلة أزمة حقيقية ربما تمثل انقلاباً على الثورة، فمن أجل الحفاظ على بقاء روح الثورة ، ومن أجل مواصلة الطريق لتحقيق أهدافها، وقطعاً للطريق على من يريدون سرقة الثورة أو الخروج بها عن مسارها، ومنعاً للبلبلة لدى أفراد الصف ، نستعرض هنا ما يجب على الإخوان القيام به من تحركات لتجاوز تلك الأزمة والعبور بمصر إلى بر الأمان .
1) تحرك سياسي : مع كافة القوى السياسية بهدف توحيد رأس حربة الشعب المصري من المدافعين عن الحرية والكرامة وبخاصة الإسلاميين والقوميين والليبراليين المنصفين ، من أجل الوصول إلى صيغة مناسبة للخروج من الأزمة الراهنة ، ومن أجل التنسيق والتوافق على مرشح يقود مصر إلى بر الأمان ضد مرشحي الفلول ، من أجل تحقيق أهداف الثورة التي جمعت كل تلك القوى ( تغيير – حرية – عدالة اجتماعية )، وتغليب المصلحة العامة على المصالح الشخصية، على أن يشمل التحرك أيضاً مؤسسات المجتمع المدني والنقابات المهنية والمنظمات الحقوقية ونوادي أعضاء هيئة التدريس .
2) تحرك شعبي : من خلال تفعيل التواصل الجماهيري المباشر عبر القواعد التنظيمية الإخوانية في كافة المحافظات، وكذلك كوادر حزب الحرية والعدالة ، وسرعة التواصل مع جماهير الشعب من خلال حملات إعلامية مكثفة لتوضيح الرؤية والمشهد السياسي وتجميع الصفوف من حولنا ، والاقتراب أكثر من الشعب والمساهمة في تخفيف معاناته اليومية
3) تحرك شبابي : التواصل مع الشباب الوطني الثائر في الائتلافات الثورية والحركات الشبابية وتوضيح الرؤى للتعاون فيما هو متفق عليه من أهداف الثورة، والسعي معاً من أجل إنقاذ الثورة والحفاظ عليها من خطط الفلول، مع تأجيل القضايا الخلافية لما بعد انتخابات الرئاسة ، ومد يد التعاون والاستيعاب لشباب الألتراس وتفهم مشاكلهم ومطالبهم وتوعيتهم بما يدبر للوطن وأهله ، والتأكيد على أن ميدان التحرير لازال فعالاً لاسترداد الحقوق وتحقيق أهداف الثورة.
4) تحرك تشريعي : ويكون على عدة مسارات ، مسار الجمعية التأسيسية للدستور والمضي قدماً من أجل استكمال وضع الدستور مع إمكانية التنازل النسبي لتحقيق التوافق الوطني من باب ميزان الفضل لا العدل، ومسار آخر يستكمل إجراءات سحب الثقة من حكومة الجنزوري ، ومسار ثالث لاعتماد قانون العزل السياسي لكل قيادات النظام السابق .
5) تحرك غير صدامي : مع نظام الحكم الداخلي الحالي ، بهدف المحافظة على تماسك الدولة وعدم انهيارها، وبشكل يحقق له الاطمئنان على مستقبله ومصالحه ، واستمرار قدر مناسب من طلباته ومنحه الخروج الآمن فيما يخص مرحلة ما قبل ثورة 25 يناير، مع المحافظة على حقوق الشهداء ومحاكمة المسئولين عن جرائم ما بعد الثورة .
6) تحرك دبلوماسي : ويتمثل في قيادة حملة تواصل دبلوماسي مع كافة سفراء الدول الأجنبية وبخاصة الغربية من أجل إرسال رسالة طمأنة حول المشروع الإسلامي ونزع الخوف لديهم من وصول الإسلاميين للسلطة، والمحافظة على المصالح المشتركة ، واحترام المواثيق والعهود الدولية المبرمة سابقا بما يضمن عدم انزعاجها، مع احترام سيادة الوطن وكرامته، والعلاقات الدولية التي تقوم على تحقيق مصالح كل الأطراف بصورة متكافئة . في إطار من الندية والاحترام المتبادل
7) تحرك خارجي مع الجاليات المصرية للتعريف بالصورة التي عليها الأوضاع في مصر وحقيقة الصراع الدائر الآن ، والاقتراب من تلك الجاليات ومعايشة أوضاعهم ومطالبهم، وتسويق مشروع النهضة لديهم، من أجل كسب مشاركتهم في تنفيذ المشروع والنهوض بمصر معاً .
8) تحرك إعلامي : منظم ومرتب في شكل متدرج يتصاعد مع مرور الوقت عبر كافة وسائل الإعلام ( صحف – قنوات فضائية – إعلام إلكتروني .. إلخ ) من أجل صد الهجمة المنظمة في الإعلام على المشروع الإسلامي ، والقيام بحملة ناجحة وغير مسبوقة تروج لمرشحنا للرئاسة، وعقد عدة مؤتمرات إعلامية ومقابلات تليفزيونية ، بهدف إبراز معالم وملامح مشروع النهضة الذي نحمله في شكل خطاب مبسط لعرضه على الشعب وبحيث يمكن غزو القلوب وتملكها وانحيازها نحوه، على أن يكون المتحدثون للإعلام يمتلكون القدرة على الحوار العقلاني مع القدرة على مخاطبة القلوب والمشاعر، ويصاحب ذلك تحرك إعلامي مع مراسلي الصحف والفضائيات الأجنبية لتحسين الصورة الذهنية للجماعة وبعث رسالة طمأنة
9) تحرك على مستوى الصف : بهدف المحافظة على وقوف الصف على مستجدات الأمور أولا بأول، حتى يكون على مستوى الحدث، وليكون فاعلا في تلك المرحلة، وذلك من خلال وضوح رؤية دائم له ومعرفته بالمستجدات والمواقف، وبهدف تحصين الصف وحراسته والمحافظة على تماسكه، والحفاظ على غرس قيم الدعوة التربوية ( أركان البيعة وبخاصة الطاعة والثقة والأخوة – ثوابت الجماعة – فكر الإمام البنا وبخاصة الأصول العشرين .. إلخ )
10) تحرك إيماني : بتقوية الصلة مع الله وحسن الاتصال به واللجوء إليه، في هذه الأوقات العصيبة، وأن نستعين على مؤامرات المتآمرين وعلى كل ظالم جبار، بسهام القدر ودعاء السحر وكل أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره، وتفعيل كافة الأعمال الإيمانية .
وفي الختام يجب أن ندرك أن المرحلة مرحلة الشعوب ، فإن لدى الشعوب إرادة في العودة إلى الله ونبذ المناهج الأرضية ، وإصرار على التغيير والعودة إلى الفطرة ، وأن الديمقراطية أصبح لها قيمة واقعية في فرض إرادة الشعوب، والتي أصبحت مصرة على حقها المشروع ، وأنها ستصل إلى هذا الحق ولو بعد حين، رغم الحملات الإعلامية الشرسة والمبرمجة في وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة الموجهة ضد الإسلاميين .
حفظ الله مصر وأهلها من كل سوء

