د/ أحمد السعيد

عشنا في أوهام عديدة, تحذرنا من أخطار مديدة, لاتنتهى ولاتنحصر, بين محاولات الحرق للمقار االحكومية, وتخريب للإقتصاد القومى, وتفلت للأمن العام من قبل مايقرب من 24000مجرم منطلق من عقاله كما ينطلق الذئب الجائع من مخدعه, وأخيراً الأحداث المروعة التى ستهز الأمة في إحتفالاته السنوية الأولية المرتقبة للثورة المصرية المجيدة.

وتحققت بعض هذه الأوهام بفعل فاعلٍ - فشل في إخراجها كما ينبغى - فتم حرق المجمع العلمى إنطلاقاً من حرق هيئة الطرق والكبارى, ومن قبل ذلك وأثناءه وبعده غياب الأمن والأمان مع سبق الإصرار والتعمد, والذى تبعه كظله العاثر خسائر هائلة في البورصة بشكل خاص والإقتصاد المصرى بشكل عام.

وعلى الرغم من هذه الأوهام التى تصل إلى حد الإتهام لطرف وهمى وقد يكون خيالى على شكل أفلام فرنكشتاين, لم يعلمنا أحد من مسئولى هذا البلد المنكوب عن هذا المجرم العقور الذى يجوب أرجاء البلاد فلا يترك جانباً في أرجائها أو مجالاً في حياتها ومصالحها إلا وقد عقره أو إلتهمه فلم يبقى منه شئ لأهل هذا الوطن المتعثر. وأصبح لزاما علينا الإستعانة بالمخبر كولومبو أو الشياطين الـ 13 أو - على أضعف الإيمان - المغامرون الخمسة أوعلى توليفة من ذلك كله ليحلوا لنا حقيقة الطرف الوهمى وكنهه ومخططاته الشيطانية التى تحاول إفناء العباد والبلاد ومقدراتها, وذلك من خلال ملاحقته بيت بيت أو دار دار أو زنقة زنقة - على رأى المقتول -.  

ولكن من المعلوم بداهة ً أن متقلدى السلطة الحاليين يمتلكون من الأجهزة والوسائل القوية والحصينة التى تعينهم على مواجهة هذه الأوهام, والقضاء على مسبباتها قبل وقوعها, ولتراجع المحاكمات العسكرية - الجائرة - إلى ما يربو عن 10,000 مواطن جُرْمَهُمْ حقير أمام أباطرة طرة, فضلاً عن القبض المتتالى على الجواسيس الإسرائيلية, وإدارة وتأمين العملية الإنتخابية, ومن قبلها الإستفتاء الشعبى, دليلٌ على ماذكرناه ومالم نذكره.

إضافة ًإلى إمتلاك قيادات البلد الحالية الإمكانيات للتصدى المباشر والحاسم للحرائق والكوارث بدرجة أعلى وأسرع بكثير مما ظهر في الأيام الأخيرة - والتى حرق فيه قلب مصر على إرث تاريخى يتجاوز المئتى عام -, إلا أننا نجد التقاعس والتراخى الممزوج بالإرادة فى إستمرار الوضع الحالى المزرى للوصول إلى أهداف أقل ماتوصف بأنها شاذة أو خبيثة, ولتدليل على ذلك, فلترجع بذاكرتك إلى أحداث حريق مجلس الشورى وكيف أن الإخماد كان بأسلوب الهجوم بالبر والبحر والجو وأصبحت الطائرات هى الوسيلة الناجعة في إخماد هذا الحريق المثير للجدل في عصر ثار فيه الكثير من الجدل.

ولقد أصبح من الأمور المتوجبة رسم البعد الثالث للطرف الثالث كى نبرزه ونوضحه مما يجعله مرئ ومعلوم لجميع الأطراف والمتابعين, مما يسهل علينا تعقبه والقبض عليه ومحاكمته بل وإعدامه على الملأ بما يريحنا ويريح وطننا. وإلا فإن المجلس العسكرى الحاكم يكون هو ذاته الطرف الثالث الذى يرتع في ربوع الوطن لإشاعة الفوضى والإضطراب بما يضمن حماية مصالحه, ويعرقل الوصول إلى هدف الثورة الأسمى في حياة مدنية تحفظ للوطن والمواطن كرامته وإمكانياته ومقدراته دون التقييد بالأنظمة العسكرية الفاشلة تاريخياً وحضارياً.

ــــــــــ

أكاديمي مصري