حازم سعيد :

ماذا لو فاز الإخوان فى الانتخابات البرلمانية القادمة وفعلوها كما فعلها حزب النهضة بتونس ، سيتحالفون مع السلفيين لتنقلب حياة المصريين إلى تشدد فى تشدد .

سيمنعون السياحة التى تدر دخلاً قومياً على البلد ويتسببون فى انهيار اقتصاد مصر .

وسيغلقون البنوك الربوية ليضيقوا على كثير من الناس مصادر دخلهم التى تعتمد على فوائد هذه البنوك .

سيحجبون النساء ويعودون بنا إلى عصر الحريم ويتراجع دور المرأة فى المجتمع .

ثم يأتي الملف الأخير .. ملف الأقباط ، وهل يملك الإخوان فيه تصوراً واضحاً يحيط المجتمع بسياج الأمن والعدل والمساواة .

مجموعة من الترهات ألقاها سمير رجب فِل الجمهورية المشهور ، والذى كان أحد العلامات والمحطات الصحفية البارزة لعهد مبارك الفاسد .

 

هذه الترهات ومن ألقاها أقصدهم بالوقوف فى هذه النقاط :

 

أولاً : يا أيها الفلول الذين تتباكون على مشاكل - مظنونة - للاقتصاد نتيجة ضرب السياحة أو تتباكون على مصحلة محدودى الدخل الذين اعتمدوا على ربا البنوك مصدراً لدخلهم كما تزعمون ، أين كنتم من سرقة بلدنا مصر ليل نهار من مبارك وطغمته الفاسدة ؟ أين كنتم وأراضى الدولة تباع بأرخص الأسعار للمتر من قبل منتفعي العمولات ؟

أين كنتم والقطاع العام يخصخص بأبخس الأثمان للشرق والغرب دون مراعاة لمصلحة هذا البلد ؟

أين كنتم من البطالة والفقر المدقع والذى وصل بالأحياء لأن يسكنوا المقابر ، ووصلت نسبة من هم تحت خط الفقر بمصر لأعلي المعدلات العالمية فى عهد مبارك الذي كنتم تطبلون له وتزمرون ؟

أين كنتم من الأمراض والسرطانات والفشل الكلوي والكبدي والأوبئة التى لم نرها فى مصر من قبل ؟

أين كنتم والحكومة الفاسدة تبيع الغاز للصهاينة بثمن بخس يضيع على كل المصريين ثروتهم وأموالهم ؟

أين كنتم من سرقات الطغمة الحاكمة للآثار " كلوحة زهرة الخشخاش " وتحويلها للخارج أو للداخل لمصلحتهم الشخصية افتئاتاً على الشعب ، أليس هذا حرباً ضد السياحة ؟

أين كنتم من تحويل الأموال المسروقة لصالح الفئة الحاكمة الفاسدة خارج البلد ، مما أفقد البلد عملة صعبة بمليارات الدولارات ؟

أين كنتم من ضحايا العبارات أو الذين قضوا فى الدويقة أو حوادث الطرق والقطارات أو حرقي المسارح والمنازل ؟

أفتصمتون أمام هذه المآسي والمخازي ، وتفتحون أبواقكم وأفواهكم أمام أوهام مظنونة تصورها لكم خيالاتكم المريضة ؟

ءالآن تتكلمون ؟؟؟؟؟

أتعرفون أين كنتم ؟

كنتم تطبلون وتزمرون وتنافقون وتزينون الباطل للحرامية المفسدين الذين نهبوا مصر من قبل ، وكنتم تصورونهم على أنهم الصالحين والراشدين مقابل ثمن بخس أعطوه لكم .

وكنتم تحاربون المصلحين الذين ينهون الحرامية عن الفساد ، وكنتم تحسنون للناس ما يفعله الحاكم الظالم وطغمته بهؤلاء الصالحين من تنكيل واعتقال وإبعاد .

واجبكم أيها المنافقون أن تخرسوا ولا تتكلموا ، فأنتم من أفسدتم البر والبحر ، وأفسدتم حياتنا من قبل ، فلا ترتدوا مسوح الرهبان .

واجبك أيها " السمير " أنت ورفاقك أن تسمروا - لا على حسابنا - ولا فى موضوعاتنا نحن المصريين ، ولكن اسمروا فى ميدان آخر بعيدا عنا وعن همومنا فقد بعتمونا من قبل بثمن بخس .. دراهم معدودة .. وكنتم فينا وفى مصلحتنا من الزاهدين .


ثانياً : الخطأ الرئيسي فى منهج هؤلاء هى فى كونهم يحكمون على الأمور بالظنون والأوهام وليس بالحقائق ، ومنهجهم يقوم على
التخيلات والافتراضات التى تصل لحد الأساطير والخرافات .

فما أدراهم أن الإخوان إذا حكموا سيحبسون المرأة ، كيف وكل قوائم الإخوان بالانتخابات بها نساء صالحات فضليات من خيرة المجتمع ؟ وللإخوان قسم خاص من أقسامهم يعلم به القاصى والداني اسمه قسم " الأخوات " ، تكرمة للمرأة واستشعاراً لعظيم دورها فى المجتمع .

ومالهم هم وملف الأقباط الذي صنعته حكومات الفساد التى طبلوا لها ؟

أوهام فى أوهام وظنون يتعاملون بها ، ثم يفترضون أنه واجب على الاجتماعيين والسياسيين والعلماء أن يواجهوا الأمر لأن البلاد توشك على الدخول فى خطر داهم ..

إنني إذا أردت أن أتهمك بتهمة ، فلابد أن يكون لك تصريح أو تلميح أو منشور يدينك أو يدين فكرك ، فأين هذا الموقف من السياحة أو من المرأة أو من الأقباط الذى ترتكز إليه فى اتهامك للإخوان ؟ إنها مجرد الظنون والخرافات .


ثالثاً : هذه الفئة اعتادت احتكار الكلام نيابة عن الناس ، وادعاء البحث عن مصلحة المصريين ، فهم ينسجون على نفس المنوال القديم ، ونسوا أن عجلة الزمان قد دارت ، وأن هناك ثورة قامت على الأنظمة والعادات البائدة والتى كانوا أحد محاورها ، وأنه لم يعد هناك أحد من المصريين يصدقهم ، ولكن رغم ذلك مازالوا يتحدثون ؟ هل هو عمي البصيرة أم الاستهبال أم كلاهما معاً .. أظنها الأخيرة .


رابعاً : أزعم أن هذه التهم هى نوع من الشغب والزخم يخدمون به أجندة " الفزاعة " التى أتقنوها فى ظل النظام السابق ، ويظنون أنه من الممكن إعادة إنتاجها مرة أخري ، وهم لا يستطيعون العيش خارج هذه الدائرة " الفزاعة " ، وكما قلت فى النقطة السابقة يبدو أنهم لم يعلموا أن الثورة قامت .

 

خامساً : هؤلاء يكررون بهذا الطرح نفس خطأهم أيام الاستفتاء على التعديلات الدستورية ، وهو الخطأ الذى ينجرون إليه انجراراً ، وأحسبهم مجبرون على ذلك لقلة حيلتهم ، واتباعهم للشهوات وعدم قدرتهم على معايشة بنى جلدتهم .

خطأ هؤلاء أنهم يتقنون الكلام وسط النخب بالفضائيات والصحف ، إنهم قوم يجيدون التنظير والكلام الفوقى الاستعلائى ، أما نحن فأناس نسأل الله أن يعيننا على العمل ويجعلنا من رجاله ويرزقنا القدرة على خدمة الناس حق الخدمة ومعايشتهم والشعور بأفراحهم وأتراحهم حق المعايشة ، ولا يجعلنا من أصحاب الكلام .

 

سادساً : أحسب أن هؤلاء يخافون من الإسلام نفسه ومن المرجعية الإسلامية وليس من فقه الإخوان أو السلفيين ، خاصة وقد أعلن الإخوان مراراً وتكراراً احترامهم للهيئات الإسلامية الرسمية كمجمع البحوث الإسلامية وأنهم يرضون اختياراته الفقهية ، وبناءاً عليه فالإخوان بالذات لا تستطيع أن تقول أنهم سيحتكرون الأحكام الفقهية ويؤممونها لأحكام لا ترضى أحد أو أنهم سيعيدون إنتاج فقه جديد لهم يصادرون به حق المصريين فى الحياة ، بل الإخوان أعلنوا مراراً وتكراراً أنهم يحترمون المؤسسات الرسمية كالأزهر ومجمع البحوث الإسلامية وينزلون على ما يقررونه فى مسائل الفقه والأحكام .

فإذا ما علمت ذلك ، ثم أصررت على اتهامك للإخوان ، فأنت لا تتهم الإخوان ، بل تتهم الإسلام ذاته وتخافه وتخشاه .

 

سابعاً : وأخيراً ، فإني أفرح بهذه التهم لأنها تعنى أننا فعلاً سوف نفوز - بإذن الله - فى الانتخابات القادمة حيث أن منافسنا العلماني قد اختار الانحياز لفئة الكلام وإلقاء الشبهات ، ولا يستطيع العمل ، تماماً كالذى راح يقدم طعوناً فى بعض مرشحي الإخوان ببعض الدوائر خشية من شعبيته الجارفة ، فهو يجيد صناعة الزخم ولا يجيد خدمة الجماهير .

والإرادة الآن أصبحت بعد فضل الله وقوته لهذه الجماهير .. لهؤلاء المصريين الذين امتلكوا - أخيراً - قرارهم ولن يسمحوا لهذه الطغمة الفاسدة بأن تضللهم مرة أخرى بإذن الله .

-------

[email protected]