م/ محمد شكري علوان

منذ أن أذن الله تعالي لرياح التغيير أن تهب علي مصرنا ، وتنسم شعبنا الكريم نسائم التحرر من الطغيان والقهر والاستبداد والظلم ، أصبح لمصر استحقاقات في عنق أبناءها واجبة الأداء حالة التنفيذ ، لا تقبل التسويف أو التأخير ، ولما كان الوقت وقت عمل لا وقت  مراء وجدال   ، فإننا نوجز هذه الاستحقاقات :-

أولا :-  ضرورة الإدراك الكامل والوعي العميق بطبيعة المرحلة ،  فالأمة في مرحلة التغيير ، والتغيير سنة إلهية في حياة الأمم والمجتمعات وهي درجة في سلم النهضة يسبقها سنتي التداول والتدافع ، ويعقبها سنة الريادة والتمكين .
فسنة التداول تزرع اليقين في قلب الدعاة والمصلحين  ، وتغلق باب اليأس والقنوط وتفتح أمام  المخلصين باب الأمل علي مصراعيه ، وتدفع إلي الايجابية والعمل والسعي والنشاط.
وسنة التدافع أداة ماضية مؤثرة في أيدي المصلحين  الذين آمنوا بضرورة الإصلاح ، فيثبتوا علي حقهم وتنطلق أعمالهم معلنة ملبية لنداء الحق سبحانه وتعالي (  وقل للذين لا يؤمنون اعملوا علي مكانتكم إنا عاملون وانتظروا إنا منتظرون )  ، مع التسليم والإيمان الكامل بقوله تعالي ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل علي العالمين ).
وأما سنة التغيير فهي السابقة والمؤهلة لتمكن الأمة من الريادة والتقدم والازدهار ، وقانونها عند الله ثابت لا يتغير ، نطقت بذلك آيات الذكر الحكيم ، وصاغها في نماذج عملية خير رسل الله للعالمين سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم  ، وذلك في قوله تعالي ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) ، وقوله تعالي ( ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها علي قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) ، فالتغيير المطلوب وخاصة في هذه المرحلة هو تغيير ما بالأنفس  ، إن رفعة شأن مصر مرهون بتغيير جذري وجاد في نفوس أبناءها قادة وجنودا حتى يتوافر في الجميع  " الإرادة القوية التي لا يتطرق إليها خور ولا ضعف ، والتضحية العزيزة التي لا يحول دونها طمع ولا بخل ، والوفاء الثابت الذي لا يعدو علية تلون ولا غدر ، والإيمان الصادق بقدسية تراب بلدنا وحضارة شعبنا وضرورة ريادة أمتنا فهذا هو شأن مصر ومكانة مصر التي حازت الشرف في كتاب ربنا وعلي لسان نبينا صلي الله علي وسلم .

ثانيا :-  الحرص على الإجماع الوطني ، والسعي إلى بناء كتلة اجتماعية وسياسية قوية  تستعصي علي  الاستبداد والفساد، وتفتح أمام مصر، باب الريادة من جديد .

ثالثا :-  تجاوز الهم الشخصي ، وحمل همِّ الأمة فهي الغاية والمقصد ، ولا ننكر بحال من الأحوال المظالم التي أنزلها النظام السابق علي عموم الشعب ، ولا الحقوق الواجبة والصادقة التي ينادي ويطالب بها الشعب ، ولكننا نطالب بترتيب الأولويات والعمل الجاد والصادق لتحقيق الوفرة من  الإنتاج  ، لتنهض البلاد ويتحقق لها الاستقلال كل الاستقلال " الاقتصادي والسياسي والعلمي والثقافي ......."  وعندها فلن تكون القرارات إلا لصالح كل أبناء الشعب .

رابعا :-  من حق مصر علي أبناءها السعي الجاد  لانتخاب برلمان حر نزيه قوي ، تحترم من خلاله إرادة الأمة ، ويشارك الجميع في اختياره ،  ليكون راسما لسياستها مراقبا ومتابعا لكل الجهات التنفيذية

خامسا :-  ومن الاستحقاقات الواجبة الأداء لمصرنا ،  العمل الجاد الصادق - بعد انتخاب البرلمان - لتكوين جمعية ( هيئة ) تأسيسية منتخبة من أكفاء مخلصين فائقين في تخصصاتهم وأعمالهم مخلصين لبلدهم ، لوضع دستور جديد لنا وللأجيال من بعدنا ،  يتناسب وعظمة بلادنا ، وميراثنا الثقافي وهويتنا الحضارية التي رويت بماء الوحي كما روي الله أرضنا من ماء النيل .

سادسا :-  انتخاب رئيس للجمهورية من أبناء الشعب انتخابا حرا نزيها ، ليكون خادما للأمة راعيا لمصالحها ، لا خائنا لها أو مضيعا لحقوق أبنائها.
 
سابعا :-  تشكيل حكومة وطنية تتقي الله في شعبها ، وتخضع لرقابة الشغب ، وتحمي حدوده وترعي مصالحة ، وتسهر علي تقدمه ورقيه والحفاظ علي موارده ، والدفاع عن تراثه وهويته .

ثامنا :-   دفع عجلة الإنتاج في الهيئات والمؤسسات ، وفك القيود عن العقول والإبداعات ، فالسباق في ميادين التقدم شديد ، ولابد من إيجاد موضع كريم لبلدنا فيه.

تاسعا :-  عودة الجيش إلي قواعده بعد  أن أدي واجبه وحمي ثورة شعبه ، بعد تسليم السلطة إلي منتخبين من قبل الشعب ، لتسير عجلة الحياة ، دون تباطؤ ولا تأخير .

عاشرا :- مشاركة كل أبناء الشعب في الشأن العام للبلاد ، بكل صور المشاركة وحراسة مكتسبات الثورة وفرض الإرادة الشعبية علي الجميع ، وتضييق الفرصة علي الفلول والمفسدين ، ليتواري الشر وتنطلق كل طاقات الخير في المجتمع .

تلكم بعض الاستحقاقات الواجبة علي أبناء مصر تجاه الأم الكريمة العظيمة "مصر" وفاء لحقها ومراعاة لحقوق الأجيال القادمة بعدنا ، تتطلب نكران الذات والحرص على الإجماع الوطني ، وتبني فكر الاكتساب لا فكر المفاصلة والإقصاء ، والبعد عن التجريح والتخوين ، وأدعو الجميع  وأخص إخواني الكرام في حزب الحرية و العدالة وجماعة الإخوان المسلمين أن يقدموا النموذج  والأسوة ،وأن يكونوا سندا ومعينا ونصحاء لقيادتهم ،  وأن يدرك الجميع ويؤمنوا بأن الناقد بصير ، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، قال وقوله الحق ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين ) صدق الله العظيم .

___________

عضو أمانة حزب الحرية والعدالة بالغربية وأمين التثقيف