25 / 05 / 2011

حازم سعيد :

الحوار مع أو حول العلمانيين لا يمكن أن يهدأ أو يخمد ، خاصة وهم في نزعهم الأخير يناضلون عن كراسي المستقبل ، ويكافحون كي لا يصل الإسلاميون لسدة القرار والحكم ، رغم عشرات ومئات الوعود التي أطلقها الإخوان قبل الثورة بشعار مشاركة لا مغالبة ، وبعد الثورة بعدم المنافسة على أغلبية مجلسي الشعب والشورى وكذلك عدم الترشح لانتخابات الرئاسة ..
العلمانيون تقاسموا أدوارهم في محاولتهم للقفز على الثورة ، الفريق الأول يناضل في الفنادق وفى الشوارع والميادين ، والفريق الثاني يتولى التغطية الإعلامية ، كل بحسبه وقدره ، بعضهم يروج للفكر العلماني مباشرة ، والبعض الآخر يروج له بترسيخ مفاهيمه في اللاوعي الجمعي للمصريين ، والفريق الثالث يتولى الهجوم المباشر وتضخيم فزاعة الإسلاميين عامة والإخوان خاصة ، وكلهم في الفكر سواء ...
 
عمرو أديب حالة .. وليس شخص ..
أما العنوان والمقصود به فطائفة الإعلاميين العلمانيين - الذين هم جزء من فصيل له أجندة ويتحرك بخطة واضحة - ،  وإن كانت الدافعية للكتابة في الأصل عن عمرو أديب بعد مشاهدة مداخلتين لرمزين إخوانيين في يومين متتاليين .. الأولى الدكتور صبحى صالح بعد أن قام عمرو أديب بالتشهير به وانتقاد " مفهوم خاص " لصحفي غطى ندوة تحدث فيها الأستاذ صبحى ، والثاني كان الدكتور البلتاجي ليتحدث عن موقف الإخوان مما يسمى بـ " جمعة الغضب الثانية " ..
القاسم المشترك في الحالتين كان الهجوم المستمر على الإخوان ، واصطياد لفظة من وسط الكلمات لإحداث مفهوم غير مرتبط بالحديث ولكنه يخدم أجندة المذيع التي تحركه ، وتعبيرات وجه وكلمات تنم عن " غل نفسى رهيب " يحمله ذلك المذيع ضد الإخوان !
وكذلك محاولته الدائبة لعزل الإخوان وجعلهم فصيل مختلف عن بقية الطوائف الوطنية ، وهو ما كان حريصاً عليه سواءاً مع صالح أو البلتاجي !
عمرو أديب ليس حالة فردية ، وإن كان له سمات خاصة تحركه وقالب وضع نفسه فيه ، تتفق معه أو تختلف ، ولكن يبقى أن له نكهة مميزة وقالب لا يشترك معه فيه أحد ، حتى في برامج المنوعات والتي لا ترتبط بالخطاب السياسي ولا حتى الاجتماعي مثل برنامج المنوعات الذى يقدمه مع آخرين على شبكة الإم بى سي .
وهو ينتمى للفئة الثالثة من الإعلاميين الذين تحدثت عنهم في المقدمة ، وهى الفئة التي تجيد التفزيع من الإسلاميين ومن الإخوان ، ولا أنسي له أبداً ذلك المشهد الذى يقول فيه أن جنة السلفيين ولا نار الإخوان ، فهو فيه استخدم تعبيرات التفزيع من الجميع ، وهى جملة جامعة مانعة خوف فيها من الإخوان والسلفيين معاً .
ولا أنسى له كذلك هجومه على " منتخب الساجدين " ومحاولة وصم بعض أفراده بعلاقة مع بعض المنحرفات في جنوب أفريقيا ومشادته مع الخلوق أبو تريكة نتيجة ذلك ، في محاولة لإلصاق نقيصة بهم لشهرتهم بمنتخب الساجدين ، وهو ما لا يمكن أبداً أن تفصله عن الأجندة العلمانية التي يخدمها .
هو صاحب صوت جهوري يحسن تماماً مقاطعة ضيفه وقتما يشاء وهو ما فعله مع الرمزين الإخوانيين ، وهو سريع البديهة بحيث يتقن اقتطاع أجزاء من الحديث لعمل مفهوم خاص يربك الضيف ، وهو ما حاول تكراره مع الضيفين الإخوانيين ولم يفلح في إرباكهما رغم ذلك .. ( أو أن أحداً ما يساعده في سماعة الأذن التي يرتديها ، أنا شخصياً أعتقد أنها صفات وسمات خاصة به ) .
هو والفئتين الأخريين من الإعلاميين العلمانيين كلهم يتقن فن ركوب الموجة ، وساحة اليوتيوب ملأي من فيديوهات المتحولين قبل وبعد الثورة ، بما يفضحهم ويكشف زيف ما يروجون إليه من أفكار ومبادئ .
كلهم في الخطورة على الثورة سواء ، حيث هم المتحولون الذين كانوا خدام النظام السابق وسدنته والممهدين لحكمه ، وهم الآن يصنعون ثورة ضد الثورة ..
 
جمعة الغضب .. ثورة ضد الثورة أم استفزاز للجيش ؟
نعم إنهم يصنعون ثورة ضد الثورة ، وقد كتب غيرى كثير ممن يرفضون ما يسمى بجمعة الغضب الثانية ، التي أحسبها التفافاً واضحاً من الفريق العلماني الذى دعا إليها ، وتدثر بغطاء الشباب ، محاولاً ركوب موجة ثورة لم يشارك فيها من الأصل .
ولو نظرت للطوائف التي تسعى فيها وتتولى كبرها فستفاجئ بمعالم جريمة السرقة الكاملة الأركان التي تورط فيها الجناح العلماني بدءاً من مؤتمر الوفاق " العلماني " الذى يقول للشعب أنكم لا تستحقون الديمقراطية ، وأنكم اخترتم اختياراً نرفضه وسنصنع لكم نحن اختياراً آخر فوق إرادتكم .
إن جمعة الغضب الثانية لهي الصورة الصارخة من الوجه العلماني القبيح الذى يجيد تزييف الأمور وتلوينها بغير لونها ،
ذلك الوجه الذى يفرض وصايته على طوائف الشعب المصري التي خرجت بالملايين يوم الاستفتاء على التعديلات الدستورية في أول ممارسة ديمقراطية حقيقية للمصريين – ربما منذ قرون –
انتدب أربعون مليون مصري للخروج في التعديلات ليقولوا رأيهم ، خرج منهم ثمانية عشر مليون ونصف ( اختار أربعة عشر مليون منهم أن يقولوا نعم للتعديلات ) وما جاء فيها من خط سير للمرحلة الانتقالية في تاريخ مصر الحديث .
فإذا بالعلمانيين يفرضون وصايتهم ، هذه الوصاية التي يفرضونها منطلقين من أيديولوجيتهم المعارضة للتوجه الإسلامي ، وكذلك خوفاً على حرمانهم المتوقع من سدة الحكم والقرار ، بعد أن سرقوا ونهبوا وخربوا مصر على مرار عقود ستة من الزمن منذ انقلاب يوليو 52 الذى سرق فاصبح ثورة ، كذلك يحاولوا أن يفعلوا الآن .. سرقة ثورة ..
وأنت إذا علمت بالطوائف التي تشارك الآن في هذه المحاولة – الممجوجة – لسرقة الثورة علمت نواياها الخبيثة ، وأنها لا تهدف إلا لمصالحها الشخصية الضيقة .
إنها خليط من أكثرية علمانية حانقة ، مع طوائف مسيحيي الكنيسة الأرثوذكسية ( الذين لم نسمع لهم صوتاً مطلقاً أيام الثورة الأولى ؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!! ) والذين قاموا بفض اعتصامهم الفئوي الطائفي أمام ماسبيرو متوعدين بجمعة الغضب الثانية !!!!!!!!!!!!!! مع أقلية من شباب منخدع زيفوا له الأمور تماماً وسواءاً بسواء كيوم التعديلات الدستورية ، ولم يستوعبوا الدرس الذى قلنا لهم فيه " انتهى الدرس يا نخبة " ! فيكررون الخطأ ويكررون المحاولة الفاشلة .
سألت سؤالاً في عنوان هذه الفقرة – سببه استغراق أمثالي في نظرية المؤامرة – فهل تراهم يحاولون ما يحاولونه من غضب على الجيش وتظاهرات ضده لاستفزازه ومحاولة إجباره على اتخاذ قرار بتحويل المسار الديمقراطي للثورة للبقاء في سدة الحكم مدة أطول واستفادتهم هم المظنونة من وراء ذلك ؟
هؤلاء العلمانيون لا أمان لهم ، ولا تعرف كيف يدبرون الأمور ولا كيف يرتبون لك الضربة .
 
فهل يفلحون ؟ سواءاً سرقة الثورة واستفزاز الجيش ، أو إحداث ثورة ضد الثورة  ؟
بالطبع لا ، لأن الظروف كلها مغايرة ..
في الحالة الأولى وهى سرقة الثورة واستفزاز الجيش ، الأمور كلها متغيرة ، الجيش – وهو القوة الوحيدة التي تستطيع مساندة سرقة الثورة لو أرادت – اختار منذ اللحظات الأولى خندق الثورة الشعبية الحقيقية ، وقام بخطوات جادة وإيجابية ورائعة ومشرفة في مناصرة الثورة الحقيقية ، وأتى بحكومة انتقالية في مجملها جيدة ، واستعاد بعضاً من الدور الريادي المصري على المستوى الخارجي ، ويسعى جاهداً لرعاية الأمن على المستوى الداخلي ..
أصدر مرسوم الدستور المؤقت للمرحلة الانتقالية مشرفاً يرعى فيها حرمات المصريين وحق الإنسان ، حاكم – ولا زال – المفسدين ...
صحيح هناك بعض البطء في القرارات ، ولكنها بلد سلمها لنا النظام خاوية ، ولا يمكن أبداً أن تتغير بعصا سحرية .
تمتع الجيش – وعلى طول الخط – بحكمة ونفس طويل وهادئ .
لهذا فلن يتمكنوا من سرقة الثورة أو استفزاز الجيش .
أما محاولة إحداث ثورة ضد الثورة فهي تكرار خائب لزيفهم يوم التعديلات الدستورية حين سخروا كل آلاتهم وفضائياتهم لمحاولة غسل دماغ المصريين ، ولكنه الرهان الفاشل ، الذى يحاولون به تناسى فشلهم في مخاطبة رجل الشارع والعمل على خدمته .
كذلك اختلاف الظرف بين جيش يحب شعبه ويسالمه ، ويقف إلى جواره فلا يمكن أن يقتل متظاهرين أو يحاربهم فيهيج المصريون وينقلبون ، وبين نظام ديكتاتوري خائب كان يوجه رصاصاته لشعبه فهاج الشعب وانتفض إلى أن اقتلعه ..
إن الظرف مختلف بالكلية من ناحية الجهة التي تنتفض وأجندتها ومن يدعمها ، ومن ناحية من ينتفض ضده والاتجاه الذى يسلكه والقوة الشعبية التي تدعمه ...
إن الذى ينتفض في هذه الحالة قوم أدركوا أنهم لم يعملوا يوماً – ولا يستطيعون - على خدمة هذا الشعب ، ويفشلون دائماً في العيش مع المواطن البسيط ، وليس لهم أجندة لخدمته ... لذلك فهم يراهنون دائماً على الحصان الخاسر ..
حصان عمرو أديب وإخوانه من إعلاميي الفضائيات الخاصة الذين فشلوا في المرة الأولى وأعلنوا أنهم يستعدون ( للخناقة ) الجاية ، وسيفشلون أيضاً بإذن الله ، لأنهم لا يسعون إلا لمصالحهم الضيقة ..
أما الشباب الذي يراهنون عليه فكثير منهم اختار خندق الثورة الحقيقية واختار وأيد ورضى بمسار الديمقراطية الحقيقي الذى ارتضاه الشعب لنفسه ، وعما قريب سيثبت لهم فشل رهانهم .. وإن غداً لناظره قريب .
===========
 
شاهد هذا الفيديو لعمرو أديب قبل وبعد الثورة :