03/01/2011
حازم سعيد :
بعيداً عن الإدانة التى أغنانى عنها وكفانى وبوضوح بيان الإخوان في أعقاب التفجيرات مباشرة .. وتبع الإخوان بقية الجماعات الإسلامية المعتدلة الموجودة على الساحة كأنصار السنة المحمدية والسلفيين ، ثم مقالة أستاذنا الدكتور عبد الرحمن البر عضو مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين والمنشورة بصدر الموقع وعد فيها التفجيرات نوعاً من الإفساد في الأرض .
وبعيداً عن الكتابة حول من فعلها .. بين مفرط مسرف في التحليل وهل هى أيادى خارجية عابثة من قاعدة إلى مخابرات إسرائيلية أم هى تفجيرات طائفية لأسباب متنوعة ، وبين متورع عن التحليل لأنها وظيفة الأمن وليست وظيفة السياسيين أو الكتاب .
وبعيداً عن تجار الفتنة من مدعى وطنية لا يشعرون بها وقد صدعوا رؤوسنا بأغانى وطنية وأشعار وكلمات جوفاء لا يشعر بها سواهم ، أو مثيرى فتنة متخفين يستغلون الحدث لتحقيق مكاسب وتحويله لقضية اضطهاد عرقى للأقباط خلافاً لواقع شهدته مصر على مدار أربعة عشر قرناً من الزمان عاش فيها عنصرا الأمة من مسلمين وأقباط تعايشاً سلمياً آمناً ، ضاغطين بهذا الاستغلال على حكومة خانعة ضعيفة مستسلمة فيما يتعلق بالملف القبطى . وأنا أساوى بين المطبلين وبين المستغلين لأن المطبل والمستخف بالفتنة والذى يحاول تأميمها بأغانى وأشعار يصرف أنظارنا عن اللهيب الذى يرقد تحت الرماد ويحول مسارنا عن علاج المشكلة علاجاً حقيقياً إلى مخدرات ومغيبات عن الوعى .
وبعيداً عن الأسباب التى أدت لهذه التفجيرات – لو كانت بعنف طائفى أو انتقام قاعدى – وعلى رأسها قيادة متطرفة تأخذ بيد – لا أقول أبناء طائفتها – ولكن بيد مصر كلها إلى هوة سحيقة بدأت باختطاف الوافدات إلى الإسلام عن اقتناع للضغط عليهن وإجبارهن على العودة عن دين اقنتعن به ، ومروراً بملف ما يدرس ويعلم داخل الكنائس لشبابنا المسيحى من أبناء مصر – وانتهاءاً برد الفعل العنيف الذى اتخذه هذا الشباب والذى تجلى في صورته الأشد في الاعتداء الطائفى ضد شيخ الأزهر ومفتى الجمهورية ووفد مجمع البحوث الإسلامية الذى ذهب للكنيسة مستنكراً للتفجيرات ومديناً لها ومقدماً تعازى أبناء مصر كلها من المسلمين للجناح الثانى وللأشقاء – في الوطن – من المسيحيين .
بعيداً عن كل هذا أتحدث عن الفشل الأمنى الرهيب الذى أثبتته التفجيرات والمقدمات التى سبقتها وكذلك الأحداث التى تلتها .
وأنا حين أتحدث عن فشل الأمن لا أتصور أن يطالبنى أحد بمروءة – لا يستحقها رجال الأمن – ويقول دعهم وجراحهم ، بل إنى أقول بكل وضوح : هذا أوان الملامة .
نعم . ملامة على فشل ذريع تمثل في توجيه كل الجهود والطاقات لحرب الإسلاميين الذين أثبتوا في كل المواقف أنهم حصن هذا البلد وأمانه بعد الله سبحانه من كل الانحرافات والمخاطر .
حصن من العدو الخارجى في حرب 48 ، وفى الجهد والمعاونة الكبيرة التى قدموها قبل يوليو 52 ، ورغم تغييبهم في السجون في حقبتى الخمسينات والستينات إلا أنهم ما لبثوا أن كانوا حصناً لمصر بصيحات الله أكبر في أكتوبر 73 .
وحصن من انحرافات الداخل بين الشيوعيين وبين عواقب الانفلات الأخلاقى من مخدرات وشهوات نساء وغيرها ليعصموا كثيراً من شباب هذه الأمة بوازع الدين والأخلاق والضمير .
وحصن أمان من التطرف والإرهاب بتربية الشباب تربية معتدلة على الفكر الوسطى الآمن والذى يقود الأمة كلها إلى بر السلام .
رغم كل هذا .. وجهت الداخلية كل سهامها وحربها لهؤلاء الوطنيين ، الذين حملوا الخير كل الخير لمصر تحت شعار الإسلام هو الحل .. ووجهت الداخلية كل ميزانيتها لجهاز أمن الدولة من رواتب إلى توفير تكنولوجيا بالمليارات إلى توفير امتيازات وصلت لحد وقوف عميد كلية عملية من كليات القمة بإحدى جامعات مصر معظماً – تعظيم سلام – لأمين شرطة بأمن الدولة !
تصوروا .. تكنولوجيا ومليارات لحرب الإسلاميين وخاصة الإخوان على الرغم من المنهج السلمى الواضح البين الذى يتبنونه !
فى الوقت الذى خفضت فيه ميزانية البحث العلمى من مائة مليون جنيه إلى خمسين مليون تنفق على مائتين وأربعين مركز بحث علمى فى عام 2007 تجد زيادة مناظرة فى ميزانية الداخلية – الزيادة وحدها تصل إلى أربعة أضاف ميزانية البحث العلمى كله – لتصبح ميزانية الداخلية مليار وثمانمائة مليون جنيه .. يعنى بلغة الحسابات أن ميزانية الداخلية فى عهد مبارك تتفوق بستة وثلاثين ضعفاً على ميزانية البحث العلمى . *
فأين ثمار هذه المليارات ؟ إذا كنت تجنى من ورائها هذا الفشل الذريع فلا تستطيع حصار جريمة أو مقاومتها أو حتى التعرف على فاعلها ، وأنت من صدعت رؤوسنا وأنت تخطط في الدورة البرلمانية الماضية لزيادة ميزانية الداخلية بأنك تريد أن ترتقى بالتكنولوجيا في هذا الجهاز وبالذات تكنولوجيا الكشف عن مواقع الجريمة وأحداثها ؟! فأين هذا الكلام ؟*
كيف لم تستطع هذه المليارات أن تقاوم مثل هذه الجريمة وتوقفها ، وأنت معك تهديدات مسبقة وبالذات ممن سموا بتنظيم قاعدة العراق ، كل ما فعلته أنك قلت لا يستطيعون .. ( بأمارة إيه ؟ ) .
ورغم ما صرح به عاموس يادلين الرئيس السابق للإستخبارات العسكرية الإسرائيلية ( امان ) " أن في مصر، الملعب الأكبر لنشاطاتنا، فإن العمل تطور حسب الخطط المرسومة منذ عام 1979، فلقد نجحنا في تصعيد التوتر والاحتقان الطائفي والاجتماعي، لتوليد بيئة متصارعة متوترة دائماً، ومنقسمة إلي أكثر من شطر في سبيل تعميق حالة الاهتراء داخل البنية والمجتمع والدولة المصرية، لكي يعجز أي نظام جديد في معالجة الانقسام والتخلف والوهن المتفشي في مصر " . كان ذلك في 28/10/2010 ..
وتصريحه يثبت ما قاله العقلاء من قبل عن فتن السنة والشيعة في الخليج ولبنان وفتن المسلمين والمسيحيين بمصر وفتن جنوب السودان ، وعن دور الصهاينة في كل ذلك .. فماذا فعلتم ؟ لا شئ .. صفر كصفر المونديال سواءاً بسواء .
وتصريحه يثبت ما قاله العقلاء من قبل عن فتن السنة والشيعة في الخليج ولبنان وفتن المسلمين والمسيحيين بمصر وفتن جنوب السودان ، وعن دور الصهاينة في كل ذلك .. فماذا فعلتم ؟ لا شئ .. صفر كصفر المونديال سواءاً بسواء .
نعم هذا أوان الملامة لداخلية السوء التى شغلت نفسها بقانون الطوارئ الذى يحارب العقلاء والخصوم السياسيين النزهاء ، وتركوا الحبل على الغارب للانفلات الأمنى بالشارع من شباب يتحرش بالفتيات .. لتجارة مخدرات علناً وبقارعة الطريق .. لإخلال بالآداب العامة في شقق وملاهى وأماكن عامة تحت سمع وبصر ضباط الأداب .. لبلطجة وانفلات دموى رهيب ( من حاملى مطاوى وسنج وسيوف علناً جهاراً نهاراً بكل قوارع الطريق ) .
كيف أهملت الداخلية دورها الحقيقى في حفظ الأمن لتتوجه بكل طاقتها وجهدها لحرب الإسلاميين وخاصة الإخوان واختطافهم من البيوت ، وشغلت الداخلية كل جهدها الجهيد لمطاردة لقاءاتهم واختطافهم من البيوت أو الشوارع على حد سواء .
نعم هذا أوان الملامة لأجهزة أمنية فشلت عن تأمين تجمع تملك تهديداً واضحاً ضده بأعمال عنف وتفجير وتخريب ، لتترك الحبل على الغارب ، وكل ما يفعله النظام الذى شغل كل طاقته لتزوير الانتخابات وضرب المعارضة السلمية هو التهديد بأن أمن مصر خط أحمر لا يمكن أن يقترب منه أحد ولا يستطيع ....
طيب يا سيدى أهو اقترب واستطاع .. ورينا بقى هتعمل إيه ؟!
إنه فشل ذريع .. تعرض له نظام شغل باله بمحبى الوطن والمخلصين له وحاربهم وزج بهم في السجون وزور إرادتهم لصالح فئة من الرأسماليين المنتفعين والذين تزاوجوا معه .. وتغافل عن التهديدات الحقيقية والخطر الأصيل وتناسى دوره الطبيعى في حماية البلد .
وأشك في أنهم سوف يتغلبون على هذا الفشل في القريب ، أو أنهم سوف يعرفون الجانى الحقيقى الذى ربما يكون قد غادر مصر أثناء تنفيذ التفجيرات ، كيف دخلوا وفجروا وقتلوا ، وكيف خرجوا .. أشك في أن تعرف الداخلية ذلك أو حتى تقترب منه .. وحسبنا الله ونعم الوكيل ..
ـــــــــــــــــــــــ
شاهد هذا الرابط عن مبررات لرفع ميزانية الداخلية فى الدورة البرلمانية الماضية :
http://www.youtube.com/watch?v=pFt8GAj_AU0

