16/09/2010

إبراهيم عيسى:

تأمل الصورتين..

بينهما خمسة عشر عاماً وهو رقم يفرق جدا في حياة الشعوب !

الصورة الأولي عام 1995وتجمع كلينتون مع الملك حسين وياسر عرفات وإسحق رابين والرئيس مبارك وهم يستعدون للظهور علي خشبة المسرح في افتتاح مفاوضات فلسطينية إسرائيلية.

الصورة الثانية عام 2010وتجمع أوباما والملك عبدالله ومحمود عباس ونتنياهو والرئيس مبارك وهم يستعدون لافتتاح مفاوضات أخري !

تغيرت كل الوجوه ما عدا الرئيس مبارك.

رحل الجميع بيولوجياً أو سياسياً وبقي الرئيس مبارك الثابت الوحيد من بينهم.

ثابتة مصر بموقفها وبرئيسها ولم تتعلم من فشل الخمسة عشر عاما شيئا،

جرب الجميع المفاوضات فإلي أي شيء انتهت؟

طبعاً سيقول بعضنا إن الرئيس السادات حصل علي أرض مصر واسترد حق مصر بفضل المفاوضات!

وهذا كذب أشر وتضليل شرير فإنهم ينسون أن الرئيس السادات قاد قبل المفاوضات حرباً عظيمة ومعركة شريفة انتصر فيها علي عدوه ورفع فيها رايته واسترد قبل الأرض كرامته!

لا مفاوضات بدون قوة.

ولا قوة بدون نصر.

ولا نصر بدون حرب.

والحروب ليست بالضرورة بين جيوش بل ربما تكون بالمقاومة والاستنزاف وتعبئة القوة وإعلاء الاقتصاد وحرية المواطن وديمقراطية الحكم.

لو جلس الفلسطينيون ومعهم ملك الأردن ورئيس مصر مليون سنة علي مائدة المفاوضات فلن يحصلوا علي حق ولا مستحق بل مجرد فتات وذر رماد فلا قوة يملكها هؤلاء في مواجهة إسرائيل.

بل الأغرب أن السلطات الثلاث الفلسطينية والمصرية والأردنية حريصة جدا علي تجريد أي قوة عربية في مواجهة إسرائيل من سلاحها فهم يعادون حزب الله ويحاربونه ويكرهون حماس ويحاصرونها، نتنياهو يستغل ويستخدم متطرفي إسرائيل وإرهابييها وهو علي رأسهم للضغط علي العرب ونزع كل أوراق التوت من فوق عوراتهم بينما قادة العرب البواسل يبذلون الغالي والرخيص بقمع أي مظهر للمقاومة ضد الصهاينة ويحاربون منظمات المقاومة كأنهم أعدي عليها من إسرائيل، خمسة عشر عاما بين صورتين ولا يزال الموقف المصري واقفاً لم يتزحزح لا حركه إرهاب إسرائيل ولا بدله فشل المفاوضات ولا نرفزه توسع المستوطنات ولا عصبه تطرف تل أبيب ولا عكر عليه وقفته مطالبة إسرائيل للعرب ومنهم مصر بالاعتراف بها دولة يهودية!

ثابت جداً موقف مصر.

لكن هل هذا فعلا موقف مصر أم موقف حكام مصر؟.

وهل يختلف الأمر؟

قطعاً.

فلا أحد سأل شعب مصر عن موقفه، بل النظام يفعل ما يريد عبر خمسة عشر عاما من التدعيم والمشاركة المصرية في المفاوضات الفاشلة، لا صوت للشعب هنا بل صوت واحد وتصفيق كثير، حيث مهمة مجلس الشعب أن يصفق لحكمة الرئاسة ومواقفها الخارجية (والداخلية ) ويبايع ويؤيد ويشيد، وأحزاب المعارضة وصحف الدولة ورجال الأعمال الذين يملكون الصحف والفضائيات الخاصة، كلهم مصفقون للحكمة في الاستمرار في ذات الفشل العربي المذهل.

أما الشعب فلا أحد سأله رأيه رغم أنهم لوثوا وعيه وعقله وكرهوه في فلسطين والعرب (إلا دبي فهي حبيبة القلب خصوصاً عند رجال الأعمال ولاعبي الكرة ومقدمي البرامج الرياضية حيث صناديق الهدايا ومنحة الساعات الذهبية).

لعل التغيير الوحيد الذي جري خلال السنوات الخمس عشرة أن المتحدث الذكي باسم وزارة الخارجية خرج ليقول لنا إن مصر ليست محايدة في هذه المفاوضات وإنها مع الحق الفلسطيني ووصف المتحدث من يصف دور مصر بالمحايد بأوصاف لن أذكرها خوفاً عليه من الأذي من رؤسائه فالحقيقة المؤكدة أن الرئيس بنفسه هو الذي وصف دور مصر بالحياد ليس مرة واحدة ولا مرتين بل لعل أرشيف وزارة الخارجية (لو لديها أرشيف) سينبئ المتحدث بالنبأ العظيم، ومع ذلك فالحمدلله علي هذا التقدم الرائع حيث لم تعد مصر الرسمية محايدة بل منحازة، لكن المذهل إن اللي ميعرفش يقول إنه ده حياد والله!

 _________

المصدر : الدستور