22/08/2010
محمد عبد الحليم
عندما أعلن الكاتب وحيد حامد عن مشروعه الضخم لإنتاج عمل فني عن الإخوان المسلمين تسابقت إليه عدسات الكاميرا والقنوات الفضائية ليدخل في دائرة الضوء، وفي كلِّ الحوارات كان يصدِّع رءوسنا بأنه يكتب هذا العمل بحيادية تامة، ولن يكون مع جانب على حساب جانب آخر، وينصح الناس ألا يتسرعوا في الحكم على العمل قبل مشاهدته، ويبدو أن الكاتب قد أصابه ما يُعرف بـ"جفاف الموهبة"، فبحث عما يمكن أن يخرجه من دائرة النسيان وفشل الأعمال المتعددة التي كتبها، وتسول إنتاجها من الشركات المختلفة حتى إنه بدأ ينتج لنفسه؛ ليخرج أعماله إلى النور، فوجد ضالته في جماعة الإخوان المسلمين؛ لتعيده إلى دائرة الضوء، فمرض "جفاف الموهبة" قد أصاب قبله الكاتب المسرحي علي سالم الذي أثرى المكتبة المسرحية العربية بالعديد من المسرحيات المهمة، وعندما جفت موهبته لم يجد سوى أن يرتمي في أحضان العدو الصهيوني بعد أن كان معاديًا شديدًا لهذا الكيان فأصبح ملء السمع والبصر، وضيفًا شبه دائم في البرامج والحوارات التي تروِّج لفكرة التطبيع مع الكيان الصهيوني.
ولا يخفى على أحد أن هذا الكاتب من الكُتَّاب الذين كتبوا العديد من الأفلام لعادل إمام، في فترة اقترن اسم وحيد حامد بشريف عرفة بعادل إمام؛ المعروف عنه في الوسط الفني أنه يطلب من المؤلف كتابة عمل يتم تفصيله على مقاسه الخاص؛ ليتناسب مع أفكاره وسنه المتقدمة وميوله الجنسية المعروفة، وعندما جفت موهبته التفصيلية ابتعد عنه عادل إمام؛ لأنه لا يتعامل إلا مع الموهوبين الحقيقيين في التفصيل وينسى تمامًا من جفَّت موهبته، فهو لا يتعامل مع أنصاف الموهوبين، كما أن هذا الكاتب اعترف أكثر من مرة في حوارات قديمة أنه كاتب مُوَجَّه- يكتب بتوجيهات من الأمن- وهو لا يستطيع إنكار ذلك، فكل ذلك مُسَجَّل في حواراته ولقاءاته في فترة سطوع موهبته، فقد كتب مسلسل "العائلة"؛ لمواجهة الجماعات الإسلامية المسلحة، كما أنه كتب مسلسل "أوان الورد"؛ لمناقشة مشكلة الفتنة الطائفية في مصر.
وعندما نعود لمسلسل الجماعة فإن هذا الكاتب قد جعل من هذا العمل مشروع عمره الذي أحاطه بسرية مبالغ فيها منذ لحظات الكتابة الأولى، مرورًا بالتجهيز، وصولاً إلى مراحل التصوير المتعددة، واتفق مع المخرج السينمائي محمد ياسين ليقوم بإخراج المسلسل بأسلوب السينما الذي لم يستطع أن يصور مشاهد المسلسل في الوقت المطلوب، فهو يهتم كثيرًا بالتفاصيل، ويصور مشهدين في يوم؛ ما أقلق هذا الكاتب، فاستعان بابنه المخرج مروان حامد؛ ليصور مشاهد أخرى ليسرع في إنتاج المسلسل، ولطول أحداث المسلسل الذي تختلف عن أحداث الفيلم المكثفة فإن مخرجا العمل أخرجا كل ما في جعبتهما من حيل للتنويع في الزوايا وحركات الكاميرا، فأصبحت الزوايا والحركات شبه نمطية وواحدة تقريبًا لا يوجد فيها اختلافات واضحة، كما لم نلاحظ أي اختلافات في الصورة ما بين الوقت الحاضر، وعندما ينتقل للحديث عن الماضي، فكلاهما متشابهان لا اختلاف فيهما.
أما الموسيقى فقد استعان بالموسيقار عمر خيرت الذي وضع موسيقاه طبقًا للرؤية التي وضعها الكاتب، فقد نجح عمر خيرت في عمل ما طلبه منه هذا الكاتب من حالات الخطر أثناء الحديث بين الإخوان وبعضهم، ولحظات الترقب مصاحبة لحركات الإمام، وحالات الرسمية المصاحبة لرجال أمن الدولة، فمؤلف الموسيقى التصويرية لأي عمل فني أسير للأفكار التي يطلبها منه المخرج أولاً.
وفي هذا العمل إذا وضعنا المخرج جانبًا؛ لأنه مثل كل أركان العمل يخضع للرؤية التي يقولها هذا الكاتب؛ لأنه المشرف العام على الإنتاج أي الآمر الناهي داخل العمل، فهو لا يترك مشهدًا دون حضور تصويره، ومشاركًا في وضع اللمسات عليه، وهو من يوافق على الممثلين وتوزيع الأدوار عليهم، فبذلك أصبح المخرج ما هو إلا مدير تصوير لإنتاج صورة سينمائية عالية الجودة تحت مسمى "مخرج".
وإذا نظرنا لهذا العمل نظرة موضوعية نجد أن هذا العمل فشل فشلاً تسويقيًّا منقطع النظير، فلم يُعرض هذا المسلسل إلا على قناة (القاهرة والناس) التي تعرض برامجها في رمضان فقط، وهي مملوكة لطارق نور مالك إحدى وكالات الإعلان والمقرب من السلطة، والتي تذيع قناته في رمضان 3 مسلسلات و3 برامج فقط لا أكثر ولا أقل، وقناة المسلسلات على شبكة "أوربت" المشفرة، وهي متخصصة في إذاعة المسلسلات، و"اتحاد الإذاعة والتليفزيون" التابع للدولة الذي قام بدفع ما يقرب من 22 مليون جنيه لإذاعة هذا العمل على 3 قنوات تابعة له، فكيف استطاعت شركة "الباتروس" لمالكها كامل أبو علي الذي يُنتج أفلام خالد يوسف والتي تعلن في بداية "تتر" المسلسل أنها الشركة المنتجة له بتغطية النفقات العالية لإنتاج هذا العمل، ويبدو أن شركة "الباتروس" ما هي إلا واجهة إنتاجية أو منتج منفذ لهذا العمل الذي في الحقيقة يقف وراءه منتج خفي لم يعلن عن نفسه بعد، كما لم يحوِ العمل على أي نجم من النجوم، تستطيع من خلاله أي شركة منتجة تسويق عملها، وعندما واجهت هذا الكاتب مشكلة النجوم استعان بأحمد حلمي ومنة شلبي ليكونا ضيوف العمل في أولى حلقاته؛ محاولة منه في جذب المشاهدين للعمل، فأبطال العمل الحقيقيون لا يمكن التسويق بهم لعمل مثل حسن الرداد في دور أشرف هلال وكيل النيابة، فهو شاب حديث التخرج من المعهد العالي للفنون المسرحية، وتجاربه السينمائية والتليفزيونية تعد على أصابع اليد الواحدة.
أما عزت العلايلي فيلعب دور المستشار عبد الله كساب الذي انتهت فترة نجوميته، فهو الآن يلعب في الوقت الضائع، فلا يتابع أحد عملاً؛ لأنه يحوي بين أبطاله عزت العلايلي، أما الممثلة المغمورة يسرا اللوزي التي تجسِّد دور حفيدة المستشار فهي حديثة عهد بالتمثيل، ولا يعرفها الكثير من المشاهدين.
أما صلاح عبد الله الذي يؤدي دور والد تيمور عبد الحميد يونس أحد الطلبة المقبوض عليهم، فهو يؤدي دورًا هامشيًّا، كما أنه ممثل كربوني ينسخ أدواره من بعضها البعض، فصارت متشابهة إلى حدٍّ كبير.
أما إياد نصار البطل الحقيقي للمسلسل الذي يجسِّد شخصية الإمام الشهيد حسن البنا فهو ممثل أردني لا يعرفه أحد في مصر، يضغط على مخارج حروفه؛ ليستطيع نطق الكلمات بالعامية المصرية فيضيع منه المشهد، ولا يستطيع تجسيده على الوجه المطلوب منه، كل ذلك بالرغم من أن الكاتب قام بعمل ورشة خاصة بإياد نصار؛ ليتمكن من تجسيد الشخصية ونطق الكلمات نطقًا صحيحًا، وسامي مغاوري الذي جسد دور المرشد العام السابق الأستاذ محمد مهدي عاكف لم يستطع الوصول لقوة وصلابة الأستاذ مهدي؛ فأداؤه ضعيف لا يوجد فيه القوة الكافية ليصل بالشخصية لقوة الأستاذ عاكف.
وعندما سُئل الكاتب: هل يقصد من هذا الدور الأستاذ عاكف نفى نفيًا قاطعًا، وهذا كذب واضح فالملف الذي تسلمه سامي مغاوري عن شخصيته وجلسات العمل مع الكاتب على هذه الشخصية كانت تدور حول الأستاذ عاكف، كما أن الماكيير عندما بدأ في عمل الشخصية التي سوف يجسِّدها سامي مغاوري قام هذا الكاتب بإعطائه صورة للأستاذ عاكف؛ ليصل بملامح سامي مغاوري إلى ملامح الأستاذ مهدي، أما باقي الممثلين في العمل إما من أنصاف الموهوبين أو الشباب الطموح الذي أقبل على العمل في هذا المسلسل ليس إيمانًا منه بفكرة المسلسل، ولكن اعتقادًا منه أن هذا العمل سوف يحظى بنسبة عالية من المشاهدة.
أما الدراما في العمل فيجب أن نفرد لها مقالاً آخر نستطيع من خلاله أن نتحدث عنها بالتفصيل؛ لكي نتعرف على ملامح السم الذي يحاول هذا الكاتب أن يدسه في هذه الوجبة التليفزيونية من أكاذيب وافتراءات ومغالطات.

