21/07/2010
محمود سلطان :
بتعليمات مباشرة من فضيلة الدكتور محمد بديع، دشن الإخوان موقعا بعنوان: "توقيعات أون لاين" بالتوازي مع موقع الجمعية الوطنية للتغيير "تغيير دوت نت" وذلك لجمع التوقيعات على المطالب السبعة للإصلاح التي اتفقت عليها القوى الوطنية في مصر.
قرار فضيلة د. بديع في ذلك الشأن، يعتبر "مفاجأة" تضاف إلى جملة مفاجئات الجماعة التي بادرت بها منذ توليته منصب الإرشاد، إذ جاءت جميعها على النقيض من كافة التوقعات التي رجحت انغلاق الجماعة على "الذات التنظيمية" واغلاق ملف التواصل مع الحركة الوطنية إلى أجل غير مسمى.
المدهش ـ فعلا ـ أن الجماعة في طبعتها الجديدة، تتجه بشكل غير مسبوق للانفتاح على المجتمع وعلى قواه السياسة أكثر من أي وقت مضى، وباتت أكثر جرأة على تحدى ظروفها الأمنية والإنسانية القاسية.. وهو تحول جاء طبيعيا وعفويا ومتسقا مع تحولات مجتمعية جسورة تحمل البشارة بتغيير حقيقي بات يتشكل في رحم المستقبل القريب.
غير أن ثمة تساؤلات مشروعة تحتاج إلى إجابات بشأن ما تعكسه الأرقام اليومية لعدد الموقعين على المطالب السبعة من خلال الموقع الذي دشنته الجماعة وبإشراف مباشر من فضيلة المرشد العام.
وبحسب موقع الجماعة الرسمي على الإنترنت، فإن عدد الموقعين ـ وبعد 12 يوما ـ بلغ 81 ألفا فيما سجل موقع الجمعية الوطنية للتغيير "تغيير دوت نت" 79 ألفا.. وهما رقمان متقاربان لا يفصل بينهما إلا فاصل رقمي صغير.
والسؤال ـ هنا ـ : كيف لا تستطيع الجماعة وهي أكبر حركة سياسية مصرية على الإطلاق إلا تجميع 81 ألف توقيع فقط في 12 يوما، فيما تعادلها تقريبا الجمعية الوطنية للتغيير.. وهي نشاط سياسي غير منظم، وليس له تراث حركي ولا خبرات سياسية تعدل خبرة الإخوان.. الجماعة التي يقترب عمرها السياسي والتنظيمي من تسعة عقود تقريبا؟!
أخشى أن يعتبر البعض هذه الأرقام إحصائية يستند إليها في قياس القوة الحقيقية التي تمثلها الجماعة في الشارع المصري.. خاصة وأن حملة التوقيعات يقودها أقوى شخصية في الإخوان.. فإذا كانت الجماعة بعد أكثر من عشرة أيام لا تستطيع من تجميع 81 توقيع على مطالب الإصلاح.. فما عساها أن تفعل حال طلب منها المشاركة في أية حركة احتجاجية كبيرة وحاسمة تتفق عليها كافة القوى الوطنية المصرية؟!.
هذا الرقم ربما يكون مخيفا حال أدرجناه في إطار المقاييس التنظيمية الثصارمة.. إذ يظل مبعث قلق حقيقي عند الأجهزة الأمنية.. لأن وجود أكثر من 80 ألف شخص في إطار يخضع للانضباط التنظيمي الصارم بما فيه "السمع والطاعة" يظل قوة قادرة على ازعاج أي نظام سياسي في العالم.. غير أنه يعتبر بالمقاييس السياسية السلمية "صغيرا" ولعله يضع حقيقة ما يمثله الإخوان من قوة في الشارع ومن وجود اجتماعي موضع السؤال مجددا.
وأية كانت الدلالة التي تشير إليها هذه الأرقام، فإنه لا ينبغي أن تنسينا أن الجماعة فعلا بـ"تتغير" وباتت أقرب رحما للمجتمع أكثر من أية وقت مضى.. ولعله يحمل في مضمونه الخفي، الإشارة إلى ان التغييرات الأخيرة على قمة الهرم التنظيمي، لم تكن ثمرة الصراع ـ كما كان سائدا ـ بين الصقور والحمائم، وإنما محصلة نهائية لتطور الوعي السياسي داخل الحركة ليكون أكثر احساسا بما يجري حوله من تطورات.

