13/02/2010
يحكى فى أحد أشهر القصص عن التبشير والمبشرين أن أحد المبشرين فى دولة أفريقية جمعوا له العديد من فقراء هذا البلد تمهيداً لإعطاء البصمة النهائية لإعلان استجابتهم لجهد ردح من الزمن من العطايا والهدايا والمبشرات ودخولهم فى المسيحية .
وجلس هذا القس أو المبشر يحدثهم لأكثر من ثلاثة ساعات عن المسيح وعن الأب والابن وعن الصلب والفداء وعن وعن .. ثم سكت القسيس ثوانى .. وخيم سكون غريب .. فأراد أحد الجالسين أن يقطعه .. فإذا به يصيح فى الجالسين " وحدوه " .. لتضج القاعة بصوت واحد ليس فيه نشاز : " لا إله إلا الله محمد رسول الله " .. وليخرج القسيس من القاعة غاضباً معترفاً بأن جهوده التبشيرية ضاعت سدىً .
من يقرأ هذه القصة يدرك شعور روز اليوسف وأشباهها من المجلات الصفراء – ومن سار بسيرهم من أقباط المهجر - ، ويستطيع أن يفهم سر الحملة الشعواء والغضب الرهيب الذى انتابهم ضد لفظ " منتخب الساجدين " ، وضد فعلة السجود نفسها كوسيلة شكر لله سبحانه بعد كل هدف كانوا يسجلونه ، وبعد فوزهم بالبطولة الأفريقية .
حملة ضد التعصب .. أم ضد الهوية الإسلامية
فقد خرجت علينا هذه الجريدة الصفراء وفى حملة متزامنة ساخطة منظمة من أقباط المهجر وكذلك جريدة وطنى التى يصدرها بعض المسيحيين بالداخل ضد المدير الفنى الخلوق للمنتخب الوطنى الكابتن حسن شحاتة وضد اللاعبين الساجدين ، وضد سجود الشكر بالملعب ، وضد عدم وجود لاعب غير مسلم بالمنتخب القومى .. وهيجوا الدنيا وأقاموها ولم يقعدوها بحجة أن مصر بها تمييز دينى وعنصرية ، وبالتوازى دعت روز اليوسف لإطلاق لقب الفراعنة على المنتخب وحذف منتخب الساجدين فى جزء من الحملة تمثل فى مقالة بعنوان : " قل منتخب الفراعنة ولا تقل منتخب الساجدين " .
وبعيداً عن الردود الفنية المتخصصة والتى يمكن فيها القول بأن الخلوق حسن شحاتة تحدث عن عدة معايير للاختيار منها الجانب الأخلاقى بمعنى طاعة اللاعب للمدرب والتزامه بما يقول ، وأيضاً بأنه لو وجد اللاعب المسيحى الذى يتمتع بالموهبة فإنه قد يصل لمكانة الكابتن فى الفريق مثلما حدث مع هانى رمزى لاعب النادى الأهلى وكابتن المنتخب والمدير الفنى لأحد فرق الناشئين الحالى .. وهو ما يدحض تماماً فرية العنصرية .
أقول : بعيداً عن هذه الردود فإننى لا أستطيع فهم هذه الحملة فى سياق بعيد عن حملة وزير التعليم السابق ضد النقاب والمنقبات والذى أيضاً كان ولا زال لروز اليوسف فيها دوراً تحريضياً كبيراً .
– كان ولا زال - لقب منتخب الساجدين يعكس هوية أمة بأكملها وارتباطها بدينها الإسلام وعقيدتها التوحيد ، ويعكس تدين هذا الشعب المصرى الوثيق الصلة بالله سبحانه ..
والنقاب بخلاف كونه شعيرة دينية تتراوح بين الفريضة والسنة هو رمز عفة المجتمع واستمساكه بثوابت الفضيلة والقيم والأخلاق .
من هنا أستطيع أن أؤكد وأجزم بأن الحملة ليست لما برره البعض من العصبية أو النعرة العرقية أو التمييز العنصرى .. وإنما هى حملة ضد أى هوية إسلامية ، وضد أى مظهر من مظاهر التدين الإسلامى .
وأقول الإسلامى – متعمداً – حيث لم نر لهذه المجلة الصفراء مثيلها من الحملات ضد رسم الصلبان على البيوت بهذه الأحجام التى نراها الآن ، أو تعليقها على الصدور أو وشمها على الأيدى أو على السيارات بهذه الطريقة المبالغ فيها والتى يقوم بها متعصبى المسيحيين .
أكاد أقدر غضبة الفريق الثائر على مظاهر الهوية الإسلامية من نقاب ولحية وسجود وتدين .. لأنها غضبة أبناء مدرسة ربت أجيالاً على العلمانية ونزعت منهم هويتهم الإسلامية ، وطمستها ، فإذا بهم رغم جهود عشرات السنين فيما يصل لقرن كامل من الزمان إذا بهم يرون هذه الجهود تضيع سدى وهباءاً منثوراً .. تماماً كما قال ربى الكريم فى محكم كتابه : " فأما الزبد فيذهب جفاءاً وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض " .
إن ما نراه يا أيها العلمانيون الجاهلون من مظاهر الهوية الإسلامية والتى تزداد يوماً بعد يوم رغم جهودكم الحثيثة فى محاربتها ، لهو من أكبر الأدلة على أنكم لا تحاربون بشراً .. بل أنتم تحاربون رب البشر ، وتحاربون دينه .
فمن أين أتيتم بهذا الكم من الغباء لتبارزوا الله الخالق العظيم بالمحاربة ، وأنتم لا قبل لكم بهذه الحرب ، وهل يستطيع مخلوق قليل الحيلة ضعيف العقل ومنعدم الثقافة من أمثالكم أن يحارب خالقه العظيم ؟؟؟؟
بشارات نصر الإسلام والمسلمين
وإن ما نراه أيها المغتاظون لهو أحد مبشرات نصر الإسلام التى بشرنا بها نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم فى العديد من الأحاديث بنصر الإسلام فى آخر الزمان ، وعودة خلافة إسلامية راشدة نقية على منهاج النبوة الصافى ، وقتالنا لليهود بفلسطين وقتلنا لهم ، ومن عدم بقاء أى بيت إلا ويدخله الإسلام بعز عزيز أو بذل ذليل .
من أمثلة هذه الأحاديث والبشارات ما رواه الإمام أحمد فى مسنده عن تميم الداري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل و النهار ، و لا يترك الله بيت مدر و لا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل ، عزا يعز الله به الإسلام و ذلا يذل الله به الكفر ، و كان تميم الداري يقول : قد عرفت ذلك في أهل بيتي لقد أصاب من أسلم منهم الخير و الشرف و العز ، و لقد أصاب من كان منهم كافرا الذل و الصغار و الجزية ) .
ويأتى مصداقاً لهذا الحديث الشريف – بخلاف مظاهر الهوية التى نتحدث عنها – ما ذكرته صحيفة "لوسوار" البلجيكية" أن أكثر من نحو أربعين ألف مواطن أشهروا إسلامهم خلال الأعوام القليلة الماضية، بشكل جعل بروكسل تشكل المعدل الأعلى بين دول القارة الأوروبية في اعتناق مواطنيها للإسلام .
وأوضحت الصحيفة أن عدد سكان بلجيكا يصل لعشرة ملايين نسمة، بينهم 450 ألف مسلم، مما يعني أن معدل اعتناق المواطنين البلجيكيين هو الأعلى بين أوروبا إذا ما قورنت نسبة اعتناق الإسلام بعدد سكان بلجيكا، الأمر الذي دفع باليمين المتطرف البلجيكي إلى إطلاق تحذيرات تؤكد خطورة الزواج المختلط .
هذا الخبر الذى سقته لكم هو عينة واحدة فقط من مثيلها من عشرات بل مئات الأخبار فى نفس السياق .
وروى مسلم في صحيحه عن أبي قبيل قال كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاص وسئل أي المدينتين تفتح أولاً القسطنطينية أو رومية، فدعا عبد الله بصندوق له حلق قال فأخرج منه كتاباً قال: فقال عبد الله: بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب إذ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي المدينتين تفتح أولاً قسطنطينية أو رومية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مدينة هرقل تفتح أولاً، يعني قسطنطينية.
وفتح القسطنطينية بالقتال قد وقع على يد السلطان محمد الفاتح، وأما فتحها بدون قتال فلم يقع بعد، قال الشيخ أحمد شاكر: فتح القسطنطينية المبشر به في الحديث سيكون في مستقبل قريب أو بعيد يعلمه الله عز وجل، وهو الفتح الصحيح لها حين يعود المسلمون إلى دينهم الذي أعرضوا عنه، وأما فتح الترك الذي كان قبل عصرنا هذا فإنه كان تمهيداً للفتح الأعظم، ثم هي خرجت بعد ذلك من أيدي المسلمين منذ أعلنت حكومتهم هناك أنها حكومة غير إسلامية وغير دينية، وعاهدت الكفار أعداء الإسلام، وحكمت أمتها بأحكام القوانين الوثنية الكافرة، وسيعود الفتح الإسلامي لها إن شاء الله كما بشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى .
ويكون هذا الفتح الثانى في آخر الزمان كما رواه مسلم أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر، قالوا: نعم يا رسول الله، قال: لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفاً من بني إسحاق فإذا جاؤوها نزولوا فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم، قالوا لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط أحد جانبيها -قال ثور وهو أحد رواة الحديث -لا أعلمه إلا قال: الذي في البحر، ثم يقولوا الثانية: لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط جانبها الآخر، ثم يقولوا: لا إله إلا الله والله أكبر فيفرج لهم فيدخلوها فيغنموا، فبينما يقتسمون الغنائم إذ جاءهم الصريخ فقال: إن الدجال قد خرج، فيتركون كل شيء ويرجعون.
سقت لكم هذين الحديثين فقط لأغيظكم أيها المغتاظون .. ولأبشركم وأبهج قلوبكم أيها المؤمنون .. ولأخبركم أن ما ترونه من مظاهر الهوية الإسلامية إنما هو انعكاس لحالة العودة لدين الله سبحانه وتعاليم الإسلام المجيد ، وإنما هو أمر واقع يبهج قلوب المؤمنين بشرنا به نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم .. ويغيظ العلمانيين ويكبتهم ويظهر غيظ قلوبهم .. ألا فموتوا بغيظكم أيها العلمانيون .
والله أكبر ولله الحمد ، والنصر والعزة للمؤمنين .

