في مشهد يعري تماماً زيف ادعاءات "الديمقراطية" و"حرية التعبير" التي يتغنى بها الغرب، أقدمت الشرطة البريطانية اليوم، 24 ديسمبر 2025، على اعتقال الرمز البيئي العالمي غريتا ثونبرغ، ليس لأنها هددت الأمن القومي، بل لأنها تجرأت على قول "لا" للإبادة الجماعية في غزة.
جاء الاعتقال أثناء مشاركتها في وقفة احتجاجية أمام مكاتب شركة "أسبن للتأمين" في لندن، حيث احتشد المئات للتنديد بدعم الشركات الغربية لآلة الحرب الإسرائيلية، وللمطالبة بإنقاذ حياة المضربين عن الطعام من نشطاء "فيلتون 24". هذا الحدث ليس مجرد إجراء شرطي، بل هو رسالة سياسية فجة مفادها أن بريطانيا تضع حماية مصالح الاحتلال فوق كل اعتبار قانوني أو أخلاقي.
🟡ألقت شرطة مدينة لندن القبض على الناشطة السويدية غريتا ثونبرغ خلال مشاركتها في احتجاج أمام مكاتب شركة “أسبن للتأمين” دعمًا للمضربين عن الطعام من نشطاء “فيلتون 24”، بعد رفعها لافتة كُتب عليها “أنا أعارض الإبادة الجماعية”. pic.twitter.com/GSXCHCt5id
— مقاطعة (@Boycott4Pal) December 24, 2025
بين "خرق الشروط" و"قانون الإرهاب": تهم جاهزة لقمع الصوت الفلسطيني
بينما حاولت الشرطة البريطانية تغليف القمع بغطاء إجرائي، معلنة أن الاعتقال تم "للاشتباه في خرق شروط التظاهر"، كشفت صرخات النشطاء على الأرض حقيقة ما يجري. التهمة الحقيقية لغريتا كانت رفع لافتة كُتب عليها "أنا أعارض الإبادة الجماعية"، ودعمها العلني لسجناء حركة "فلسطين أكشن" الذين يواجهون الموت جوعاً في السجون البريطانية.
وقد أثار هذا التناقض الصارخ موجة غضب عارمة، حيث أشار نشطاء إلى أن السلطات تستخدم "قانون مكافحة الإرهاب" لترهيب المتضامين السلميين. وفي هذا السياق، أكد المغرد "عصام" أن اعتقال ثونبرغ تم بموجب هذا القانون سيء السمعة، لمجرد رفعها لافتة تدعم السجناء، مما يحول التضامن الإنساني إلى "جريمة إرهابية" في قاموس لندن الجديد.
بموجب قانون "مكافحة الإرهاب".. الشرطة البريطانية تعتقل الناشطة السويدية غريتا ثونبرغ خلال احتجاج مؤيد لفلسطين في العاصمة لندن بعد رفعها لافتة "أدعم سجناء حركة فلسطين " pic.twitter.com/rGfQD8vfgT
— عصام (@Ss19266Aa) December 24, 2025
وفي تعليق لاذع على ازدواجية المعايير، نقلت الناشطة "عايدة" عن الكاتب جونز قوله إن العالم يعيش مفارقة مرعبة: "يستطيع القادة الغربيون تسليح الإبادة الجماعية والإفلات من العقاب، بينما يتم اعتقال غريتا باعتبارها داعمة خطيرة للإرهاب". هذه الكلمات تلخص المشهد القاتم؛ فبينما تتدفق الأسلحة لقتل أطفال غزة بحماية رسمية، يُساق من يرفض القتل إلى سيارات الشرطة.
جونز: تم اعتقال غريتا ثونبرغ لدعمها المضربين عن الطعام من حركة العمل الفلسطيني، لأنه في العالم الذي نعيش فيه يستطيع القادة الغربيون تسليح الإبادة الجماعية والإفلات من العقاب، بينما يتم اعتقال غريتا باعتبارها داعمة خطيرة للإرهـ.ـاب.
— ayada (@ayada04326098) December 23, 2025
غريتا ثونبرغ والضمير الغائب: صفعة "سويدية" على وجوه الحكام العرب
لم يكن اعتقال ثونبرغ مجرد حدث بريطاني، بل تحول إلى مرآة عكست عجز وتخاذل النظام الرسمي العربي. التفاعل الواسع على منصات التواصل الاجتماعي أظهر كيف باتت هذه الفتاة السويدية تمثل "الضمير" الذي افتقده الكثيرون في منطقتنا.
وقد عبرت عن ذلك بمرارة الناشطة "غيداء المتوكل"، التي قالت إن غريتا "قالت ما لم يجرؤ عليه حكام العرب"، مشيرة إلى أنها وإن لم تكن عربية الدم، فقد امتلكت "ضميراً عربياً" أكثر من كثيرين ممن يتحدثون الضاد ويصمتون عن المذبحة. هذه المقارنة المؤلمة تكشف عمق الهوة بين الشعوب التواقة للحرية وبين أنظمتها الصامتة.
للأسف، نُسيت غريتا ثونبرغ بسرعة... الفتاة التي وقفت مع غـۯة و السودان وقالت ما لم يجرؤ عليه حكّام العرب. 💪
— غيداء المتوكل (@Gh2_xz) December 24, 2025
لم تكن عربية، لكنها امتلكت ضميرًا عربيًا أكثر من كثيرين.❤️🔥 pic.twitter.com/bOmKnDPNAI
وفي سياق استشراف المستقبل، ذهب "المهدي بن حميدة" إلى أبعد من ذلك، معتبراً أن أبطال التحرير في هذا القرن لن يكونوا نسخاً تقليدية من التاريخ، بل هم أمثال غريتا ثونبرغ، الذين يحملون مشعل الحرية الإنسانية العابرة للحدود والقوميات.
تريدوا أن تعرفوا من سيحرر فلسطين في هذا القرن؟ ليس صلاح الدين ولن يكون عربيا ولا كرديا، بل هذه الفتاة السويدية #غريتا_ثونبرغ وأمثالها هم حملة مشعل التحريرhttps://t.co/MxH8xNYeRU
— المهدي بن حميدة (@mbhamida1967) December 24, 2025
لندن تغلي: قمع ينذر بانفجار الشارع
يأتي هذا الاعتقال في وقت حرج، حيث تشهد السجون البريطانية إضراباً عن الطعام تجاوز الأربعين يوماً لنشطاء يطالبون بوقف تسليح إسرائيل.
إن إقدام الشرطة على اعتقال رمز عالمي مثل ثونبرغ، التي وسعت نشاطها من المناخ إلى حقوق الإنسان، هو صب للزيت على النار.
الشارع البريطاني، الذي يغلي رفضاً للتواطؤ الحكومي مع المجازر، لن يمرر هذا التصعيد مرور الكرام.
التقارير الميدانية والوسوم المتداولة تشير إلى أن محاولة إسكات غريتا قد تأتي بنتائج عكسية، محولة قضية "فيلتون 24" وشعارات "أسبن للتأمين" إلى قضية رأي عام عالمي.
إن إصرار الحكومة البريطانية على قمع الأصوات الحرة، وتصنيف التضامن كإرهاب، يضعها في مواجهة مباشرة ليس فقط مع النشطاء، بل مع القيم الإنسانية التي تدعي حمايتها.
الاعتقال لم يكسر شوكة الاحتجاج، بل منح الحركة المناهضة للإبادة زخماً جديداً ووجهاً عالمياً لا يمكن تجاهله.

