أعادت تقارير إعلامية إسبانية ودولية فتح ملف الاستثمار الأجنبي في كرة القدم الأوروبية، بعد تداول أنباء عن دراسة صندوق الاستثمارات العامة السعودي، بإشراف مباشر من ولي العهد محمد بن سلمان، التقدم بعرض مالي ضخم للاستحواذ على نادي برشلونة الإسباني، بقيمة قد تصل إلى نحو 10 مليارات يورو، رغم أن القيمة السوقية التقديرية للنادي لا تتجاوز ملياري يورو.

 

وأثارت هذه الأنباء، التي نشرتها مواقع رياضية بارزة مثل “غول” وبرنامج “إل تشيرينغيتو” الإسباني، موجة واسعة من الجدل داخل الأوساط الرياضية والاقتصادية، نظراً لحجم الصفقة المحتملة من جهة، ولرمزية نادي برشلونة التاريخية والقانونية من جهة أخرى، باعتباره واحداً من أكثر الأندية جماهيرية وتأثيراً في العالم.

 

أزمة مالية خانقة تلاحق العملاق الكتالوني

 

يأتي الحديث عن هذا العرض في وقت يمر فيه برشلونة بأصعب مرحلة مالية في تاريخه الحديث، بعدما تراكمت ديونه إلى ما يقارب 2.5 مليار يورو، نتيجة سنوات من سوء الإدارة المالية، وارتفاع كتلة الرواتب، وصفقات باهظة لم تحقق العائد المنتظر، فضلاً عن التداعيات العميقة لجائحة كورونا التي أثّرت بشدة على عائدات المباريات والسياحة الرياضية.

 

وتواجه إدارة النادي، برئاسة خوان لابورتا، ضغوطاً متزايدة لإيجاد حلول جذرية للأزمة، خاصة مع القيود الصارمة التي تفرضها رابطة الدوري الإسباني فيما يتعلق بقواعد اللعب المالي النظيف، والتي حالت في أكثر من مناسبة دون تسجيل لاعبين جدد أو تجديد عقود نجوم بارزين إلا بشروط معقدة.

 

عرض غير مسبوق.. وأهداف تتجاوز كرة القدم

 

وبحسب ما ورد في التقارير، فإن العرض السعودي المحتمل لا يهدف فقط إلى تسوية الديون المتراكمة، بل يتجاوز ذلك إلى إعادة هيكلة شاملة للوضع المالي للنادي، وضمان استقراره على المدى الطويل، بما يشمل دعم مشروعات البنية التحتية، وعلى رأسها مشروع إعادة تطوير ملعب “كامب نو”، الذي يمثل عبئاً مالياً إضافياً على خزينة النادي.

 

العقبة القانونية: ملكية اجتماعية لا تُباع

 

ورغم الضجة الإعلامية، تصطدم هذه التكهنات بعائق قانوني جوهري، يتمثل في طبيعة ملكية نادي برشلونة، الذي يعمل وفق نظام “السوسيوس”، أي الملكية الاجتماعية لأعضاء النادي، وهو ما يمنع قانونياً بيع النادي أو نقل ملكيته إلى أفراد أو جهات استثمارية، محلية كانت أم أجنبية.

 

ووفق موقع “غول”، فإن أي سيناريو لاستحواذ كامل على النادي يظل مستحيلاً في الإطار القانوني الحالي، ما لم يتم تعديل النظام الأساسي للنادي، وهو أمر معقد ويتطلب موافقات واسعة من الجمعية العمومية للأعضاء.

 

وفي هذا السياق، يُطرح خيار بديل يتمثل في الاستثمار في الأذرع التجارية أو الإعلامية أو الترفيهية المرتبطة بالنادي، دون المساس بملكية الفريق الأول لكرة القدم، وهو خيار سبق أن لجأ إليه برشلونة عبر بيع حصص من حقوق البث والتسويق خلال السنوات الماضية.

 

استثمارات سعودية تتوسع عالميًا

 

ويأتي الربط بين صندوق الاستثمارات العامة وبرشلونة في سياق أوسع من الحضور السعودي المتنامي في الرياضة العالمية، والذي شمل خلال السنوات الأخيرة الاستحواذ على أندية كبرى، وتنظيم بطولات دولية، واستقطاب نجوم عالميين، في إطار رؤية تهدف إلى تعزيز مكانة المملكة الرياضية على الصعيد الدولي.