للعام العاشر على التوالي، ما زالت قضية الإخفاء القسري للمهندس أحمد جمال الدين محمد طاهر، البالغ من العمر 41 عامًا، تثير تساؤلات واسعة حول مصير المئات من المختفين قسرًا في ظل غياب أي معلومات رسمية عن مكان احتجازه أو وضعه القانوني، واستمرار إنكار الجهات الأمنية لواقعة اعتقاله.

 

ووفقًا لما رصدته ووثقته الشبكة المصرية، فإن المهندس أحمد جمال لا يزال محتجزًا خارج إطار القانون منذ مساء يوم 21 سبتمبر 2016، عقب توقيفه تعسفيًا من أحد الأكمنة الأمنية بشوارع مدينة السادس من أكتوبر بمحافظة الجيزة. وأكد شهود عيان أن أفرادًا تابعين لجهاز الأمن الوطني قاموا باقتياده من موقع الكمين، مع إغلاق هاتفه المحمول فورًا، لتنقطع أخباره تمامًا منذ تلك اللحظة.

 

إنكار رسمي ومحاولات أسرة بلا جدوى

 

منذ لحظة اختفائه، واجهت أسرة المهندس أحمد جمال حالة من الصمت الرسمي والإنكار المتواصل، إذ نفت وزارة الداخلية علمها بواقعة القبض عليه أو احتجازه. وعلى مدار سنوات، حاولت الأسرة الوصول إلى أي معلومة تقود إلى مكان وجوده أو أسباب توقيفه، عبر إرسال عشرات التلغرافات والبلاغات إلى مكتب النائب العام ووزارة الداخلية وكافة الجهات المختصة، دون تلقي أي رد حتى الآن.

 

وتصف الأسرة هذه السنوات بأنها «رحلة انتظار قاسية»، يعيشها أبناؤه وزوجته بين الأمل واليأس، في ظل غياب أي تواصل أو معلومات تطمئنهم على حياته أو سلامته.

 

شهادات ناجين تكشف مسارات الاحتجاز

 

رغم التعتيم الرسمي، كشفت شهادات لعدد من الناجين من الإخفاء القسري عن رؤيتهم للمهندس أحمد جمال داخل مقار تابعة للأمن الوطني.

 

فقد أفاد أحد الشهود بأنه شاهده بعد نحو شهرين من اعتقاله داخل مبنى الأمن الوطني بالشيخ زايد في مدينة السادس من أكتوبر، بينما أكد شاهد آخر أنه رآه بعد ذلك بعدة أشهر داخل مقر الأمن الوطني بمديرية أمن أسيوط.

 

وتعزز هذه الشهادات، بحسب منظمات حقوقية، فرضية تعرضه لعملية تنقل غير قانونية بين مقار احتجاز سرية، بعيدًا عن أي إشراف قضائي.

 

مقار الاحتجاز السرية.. اتهامات متكررة

 

وتشير تقارير حقوقية إلى أن مقر الأمن الوطني بالشيخ زايد يُعد من أكبر مراكز الاحتجاز غير الرسمية، حيث يُحتجز فيه مواطنون لشهور وربما لسنوات دون عرض على النيابة.

 

وتتهم هذه التقارير القائمين على هذه المقار بممارسة أنماط متعددة من الانتهاكات بحق المحتجزين، تشمل الحرمان من التواصل مع العالم الخارجي وسوء المعاملة.

 

حكم غيابي في ظل الغياب

 

وفي تطور لافت، أصدرت محكمة الجنايات العسكرية في مارس 2020 حكمًا غيابيًا بالسجن المؤبد بحق المهندس أحمد جمال، على ذمة القضية رقم 64 لسنة 2017 شمال القاهرة عسكرية، المعروفة إعلاميًا بقضية «محاولة اغتيال النائب العام المساعد».

 

ويثير صدور الحكم الغيابي، في ظل استمرار اختفائه القسري، تساؤلات قانونية حول ضمانات المحاكمة العادلة وحق المتهم في الدفاع عن نفسه.

 

من هو أحمد جمال؟

 

أحمد جمال مهندس كيميائي، من أبناء محافظة أسوان، معروف بين محيطه الاجتماعي بحسن الخلق والسيرة الطيبة. متزوج ولديه أطفال، وكان يعمل في مجال تخصصه قبل اختفائه، دون أن تُعرف عنه أي أنشطة عنيفة أو سوابق جنائية بحسب أسرته والمقربين منه.

 

مطالبات بالمحاسبة وكشف المصير

 

وحملت الشبكة المصرية وزارة الداخلية المسؤولية الكاملة عن استمرار اعتقال المهندس أحمد جمال وإخفائه قسرًا، مؤكدة أنها تتحمل المسؤولية القانونية الكاملة عن حياته وأمنه وسلامته.

 

كما طالبت النائب العام بالتدخل الفوري للكشف عن مكان احتجازه، وتمكينه من حقوقه القانونية، وإنهاء حالة الإخفاء القسري التي تمثل، وفقًا للمواثيق الدولية، جريمة لا تسقط بالتقادم.

 

وبينما يدخل ملف أحمد جمال عامه العاشر، تتجدد المطالبات الحقوقية بفتح تحقيق جاد وشفاف، يضع حدًا لسنوات الغياب، ويكشف مصير مهندس تحوّل اسمه إلى رمز لمعاناة ممتدة لعائلات لا تزال تنتظر عودة أبنائها من المجهول.