دخلت أزمة صحفيي موقع وجريدة «البوابة نيوز» مرحلة جديدة من التصعيد، في ظل استمرار تعثر صرف رواتب شهر نوفمبر الماضي، وتبادل الاتهامات بين الصحفيين المعتصمين وإدارة المؤسسة، وسط محاولات وساطة من نقابة الصحفيين ووزارة العمل، لم تُفضِ حتى الآن إلى حل ملموس.
وأعلن الصحفيون المعتصمون داخل مقر «البوابة نيوز» عزمهم تنظيم وقفة احتجاجية على سُلّم نقابة الصحفيين، يوم الثلاثاء المقبل، في حال عدم استجابة الإدارة لمطالبهم وصرف الرواتب المتأخرة، موجهين دعوة مفتوحة إلى الجمعية العمومية للنقابة للتضامن معهم والدفاع عن حقوقهم المهنية والإنسانية.
اعتصام مستمر منذ نوفمبر
وبدأ اعتصام صحفيي «البوابة نيوز» في 17 نوفمبر الماضي، احتجاجًا على تدني الأجور وعدم تطبيق الحد الأدنى للأجور، فضلًا عن سوء أوضاع وبيئة العمل داخل المؤسسة. ويؤكد الصحفيون أن رواتبهم لا تتجاوز ألفي جنيه شهريًا، في وقت يفتقرون فيه إلى أبسط حقوقهم، مثل التأمين الصحي والاجتماعي، والترقيات الوظيفية، والزيادات الدورية المنصوص عليها قانونًا.
ويشير المعتصمون إلى أن بعضهم يعمل داخل المؤسسة منذ عام 2012 دون أن يحصل على أي ترقية أو مكافآت، معتبرين أن الأزمة الحالية كشفت عن سنوات طويلة من التهميش وتجاهل الحقوق.
بيان تصعيدي واتهامات للإدارة
وفي بيان تصعيدي صدر عن الصحفيين المعتصمين، حمّلوا إدارة «البوابة نيوز» المسؤولية الكاملة عن تفاقم الأزمة، متهمين رئيس مجلس الإدارة عبد الرحيم علي بالتراجع عن تعهداته السابقة التي قُدمت لنقيب الصحفيين خالد البلشي وعدد من الوسطاء، بشأن صرف الرواتب والعمل على احتواء الأزمة.
واعتبر الصحفيون ما حدث «مراوغة وانقلابًا على الوعود»، مؤكدين أن الإدارة قامت بصرف رواتب بعض العاملين في خدمات الأمن والخدمات المعاونة وعدد من الموظفين، مع مطالبتهم بعدم الإفصاح عن ذلك أو التواجد داخل مقر المؤسسة، وهو ما وصفوه بأنه «تمييز غير مبرر» ومحاولة لعزل الاعتصام وتفريغه من مضمونه.
كما حذّر المعتصمون مما وصفوه بـ«سياسة الحصار والترهيب»، من خلال التلويح بقطع الإنترنت، ومنح إجازات مفتوحة لبعض العاملين، بينهم عمال النظافة والبوفيه، بما يضيّق الخناق على المعتصمين ويصعّب استمرارهم في ممارسة حقهم المشروع في الاحتجاج السلمي.
مهلة 24 ساعة وتهديد بخطوات أوسع
وأمهل الصحفيون إدارة المؤسسة 24 ساعة، تنتهي مساء اليوم التالي لبيانهم، لصرف رواتب شهر نوفمبر، مؤكدين أنه في حال عدم الاستجابة، سيتم توسيع دائرة التصعيد، عبر وقفة احتجاجية أمام نقابة الصحفيين، وربما اتخاذ خطوات أخرى خلال الفترة المقبلة.
وأكد البيان أن ما يتعرض له الصحفيون من انتهاكات لحقوقهم «يعاقب عليها القانون»، مطالبين النقابة وأجهزة الدولة بالتدخل الجاد لحماية حقوق العاملين بالمؤسسة، وضمان عدم تحميلهم وحدهم كلفة الأزمة المالية.
رد الإدارة: «المؤسسة متعثرة ومفيش فلوس»
من جانبها، نفت رئيسة تحرير «البوابة نيوز» داليا عبد الرحيم علي، صحة ما تردد حول صرف رواتب بعض العاملين دون غيرهم، مؤكدة أن المؤسسة تمر بأزمة مالية خانقة حالت دون صرف الرواتب حتى الآن.
وقالت عبد الرحيم إن «المشكلة ليست قرارًا إداريًا بقدر ما هي انعدام للموارد»، مضيفة: «مفيش فلوس، والمؤسسة مهددة بالإغلاق، وأنا شخصيًا لم أتلقَّ راتبي». وأوضحت أن السماح لبعض العاملين بعدم الحضور والعمل من المنزل جاء مراعاة لظروفهم المعيشية، في ظل عدم قدرتهم على تحمّل نفقات المواصلات دون الحصول على رواتبهم.
كما أشارت إلى أن المعتصمين أنفسهم طالبوا في وقت سابق بصرف رواتب العمال والخدمات المعاونة، «لأنهم مالهمش ذنب»، على حد تعبيرها.
دور وزارة العمل ونقابة الصحفيين
وفي محاولة لاحتواء الأزمة، كانت وزارة العمل قد أبلغت الصحفيين المعتصمين، الأسبوع الماضي، بدراسة طلب مقدم من إدارة «البوابة نيوز» للحصول على دعم من صندوق إعانات الطوارئ للعمال، للمساهمة في صرف مرتبات الصحفيين. إلا أن رئيسة التحرير أكدت أن الوزارة لم ترد حتى الآن على هذا الطلب.
على صعيد آخر، أعلن نقيب الصحفيين خالد البلشي توصلَه إلى اتفاق مع رئيس مجلس إدارة المؤسسة، يقضي بتأجيل انعقاد الجمعية العمومية للشركة المالكة للجريدة لمدة أسبوعين، بعدما كان مقررًا لها مناقشة خيار تصفية المؤسسة. وجاء التأجيل – بحسب النقابة – لإتاحة الفرصة أمام استكمال الحلول المطروحة والتوصل إلى مخرج للأزمة دون الإضرار بحقوق الصحفيين.
«العدد الأخير» وشبح التصفية
وزادت حدة القلق داخل الوسط الصحفي بعد صدور العدد الورقي من «البوابة نيوز» مطلع الشهر الجاري، حاملاً عبارة «العدد الأخير»، في إشارة واضحة إلى احتمال إغلاق المؤسسة.
وكانت الإدارة قد طرحت على النقابة عدة مقترحات، من بينها تصفية الشركة تصفية ودية، مع منح جميع الصحفيين والعاملين حقوقهم القانونية، بما يشمل راتب شهرين عن كل سنة خدمة، وثلاثة أشهر إخطار، وفق آخر راتب تقاضوه.
غير أن الصحفيين يؤكدون أن أي حديث عن التصفية يجب أن يسبقه ضمان كامل لحقوقهم المالية والمهنية، وفتح حوار شفاف حول مستقبلهم الوظيفي.
ولا تقتصر مطالب صحفيي «البوابة نيوز» على صرف الرواتب المتأخرة أو تطبيق الحد الأدنى للأجور فحسب، بل تمتد – بحسب بياناتهم – إلى تحسين بيئة العمل التي وصفوها بأنها «تفتقر لأدنى الحدود الآدمية»، ووقف ما اعتبروه انتهاكات مزمنة لحقوقهم، من حرمان من التأمينات والترقيات والمكافآت.

