لم يعد الأمر مجرد قرارات إدارية روتينية، بل بات مشهداً مكتملاً لعملية خنق ممنهجة تمارسها سلطات النظام ضد أحد أكبر القلاع الرياضية في مصر.
فبعد أشهر قليلة من قرار سحب أرض النادي بمدينة السادس من أكتوبر، وجهت حكومة الانقلاب ضربة جديدة لنادي الزمالك أمس الخميس، بإخطار رسمي يقضي بوقف أي حياة في أرض النادي بمرسى مطروح، لتكتمل حلقات المسلسل الذي بدأ بتجفيف المنابع الاستثمارية وانتهى بإغراق النادي في أزمات دولية وإيقاف القيد، في استهداف صريح يُغلف بغطاء "المشروعات القومية".
"خليج الغرام".. ذريعة جديدة للمصادرة
في خطوة مفاجئة ودون سابق إنذار، أخطرت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة إدارة نادي الزمالك بفرمان صارم: "تجميد شامل". القرار تضمن إيقاف أي تعاملات أو إنشاءات جديدة، وحتى تلك التي صدرت لها تراخيص مسبقة، على أراضي النادي والمصايف الواقعة في منطقة "خليج الغرام" بمرسى مطروح. والذريعة هذه المرة هي "استغلال أراضي الشواطئ ومسطح المياه لتنفيذ مشروع قومي"، وهو الشعار الذي باتت السلطة تشهره لانتزاع الأصول والأراضي المميزة.
ولم يكتفِ القرار بالوقف الهندسي، بل امتد لضرب الموارد المالية المستقبلية، حيث نص صراحة على عدم قبول أي مقابل حق انتفاع للشاطئ للعام القادم 2026 ولأجل غير مسمى، ما يعني عملياً تأميم أرض النادي وحرمانه من أصل استثماري حيوي كان يمكن أن يدر عوائد تنقذه من عثرته المالية الحالية.
سيناريو "أكتوبر" يتكرر.. تجفيف منابع الاستثمار
ما يحدث اليوم في مطروح ليس سوى الفصل الثاني من جريمة بدأت فصولها في أغسطس الماضي. ففي 19 أغسطس 2025، استيقظت الجماهير على قرار مماثل بسحب أرض النادي بمدينة السادس من أكتوبر بدعوى "عدم الجدية"، رغم تأكيدات إدارة النادي حينها بسداد الرسوم واستخراج التراخيص وبدء العمل.
سحب أرض أكتوبر لم يكن مجرد سحب لقطعة أرض، بل كان ضربة قاصمة لمشروع "فرع النادي الجديد" الذي كانت تعول عليه الإدارة لجذب عضويات جديدة وضخ سيولة مالية. واليوم، بمصادرة أرض مطروح، تغلق السلطة آخر نوافذ التنفس الاستثماري للنادي، تاركة إياه يواجه مصيره منفرداً أمام الديون.
الانهيار المالي.. الفيفا يكتب كلمة النهاية
نتيجة لهذا التضييق الحكومي ومصادرة الأصول التي كان يمكن استغلالها لسداد الديون، سقط الزمالك في فخ الإفلاس الفني. فقد أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) رسمياً إيقاف القيد للنادي لثلاث فترات بسبب 6 قضايا مختلفة لمستحقات متأخرة تجاوزت قيمتها 3 ملايين دولار.
القائمة شملت مستحقات للاعب التونسي السابق فرجاني ساسي (505 ألف دولار)، والمدرب السويسري الأسبق كريستيان جروس (133 ألف دولار)، بالإضافة إلى المدرب البرتغالي السابق جوزيه جوميز ومساعديه الثلاثة الذين رحلوا بعد تفاقم الأزمات. هذا الانهيار هو النتيجة الطبيعية لسياسة "لي الذراع" التي تمارسها الدولة، حيث يُحرم النادي من أراضيه ومشروعاته، ثم يُحاسب دولياً لعجزه عن الوفاء بالتزاماته.

