شهدت شركات مياه الشرب والصرف الصحي في عدة محافظات موجة جديدة من الاحتجاجات العمالية، مع اتساع حالة الغضب بين العاملين نتيجة ما وصفوه بـ«التسويف» وغياب أي خطوات ملموسة لتنفيذ المطالب العالقة منذ سنوات، وعلى رأسها صرف العلاوات المتأخرة، وتثبيت العمال المؤقتين، وتحسين الأوضاع المالية والوظيفية داخل المواقع المختلفة.
وانطلقت الاحتجاجات في مواقع متفرقة شملت شبكة مياه الزيتون، ومحطة شمال حلوان بالقاهرة، وشبكة مياه بهتيم بالقليوبية، في تحرك متزامن وصفه العمال بأنه «رسالة واضحة للإدارة بأن الصبر نفد»، بعدما امتدت الوقفات لأكثر من محافظة خلال الشهر الماضي دون أي مؤشر فعلي على الاستجابة.
غضب من صرف العلاوات لأصحاب الأحكام فقط
وقال عمال في الزيتون وحلوان إن عودة الاحتجاجات جاءت لأن «الشركة تتجاهل المطالب وبتسوف»، مؤكدين أن قرار الشركة بصرف العلاوات المتأخرة للحاصلين على أحكام قضائية فقط زاد من حدة الغضب، خاصة أن العلاوات المطلوبة تعود إلى عام 2016.
وأوضح أحد عمال حلوان أن «التجاهل المستمر وعدم وضوح جدول زمني للتنفيذ دفعنا لاستئناف الوقفات من جديد»، مشيرًا إلى أن العمال علّقوا احتجاجاتهم سابقًا لمدة شهر لإعطاء الإدارة فرصة كافية لكنها لم تتحرك.
هتافات ووقفات متزامنة.. وزخم يتسع
وظهر العمال المحتجون في فيديوهات تداولها العاملون وهم يرفعون لافتات مكتوبًا عليها أهم مطالبهم، ويرددون هتافات مثل:
- «العلاوات العلاوات.. التثبيت والبدلات»
- «ياللي ساكت ساكت ليه.. خدت حقك ولا إيه»
- «يا جابر قول الحق.. لينا حق ولا لأ» في إشارة لأحمد جابر، القائم بأعمال رئيس الشركة القابضة.
وأكد أحد العاملين أن الاحتجاجات لن تتوقف عند المواقع الثلاثة، متوقعًا امتدادها إلى مواقع أخرى خلال الأيام المقبلة، مضيفًا: «المطالب واضحة من زمان، ومفيش خطوة واحدة بتقول إن في نية للاستجابة».
العمال يقترحون حلولًا.. والشركة ترد بـ«إمكانيات محدودة»
كشف عاملان بالقاهرة أنهم قدموا حلولًا عملية للإدارة لتخفيف العبء المالي على الشركة، منها صرف علاوتين فقط هذا العام على أن يتم صرف المتبقي تدريجيًا، لكن دون استجابة.
ويرى العمال أن إدارة الشركة تُكرر الحديث عن «عدم وجود ميزانية كافية»، بينما «تصرف رواتب ضخمة لمستشارين يصل أجر الواحد منهم إلى 150 ألف جنيه»، على حد وصفهم، في حين لا يتجاوز متوسط راتب العامل 5800 جنيه.
النقابة العامة: خطوات بدأت فعليًا
من جانبه، قال هشام فؤاد، رئيس النقابة العامة للمرافق، إن النقابة تتواصل مع الشركة القابضة لمياه الشرب لبحث مطالب العاملين، مشيرًا إلى أن الإدارة اتخذت بعض الخطوات، مثل:
- تسوية أوضاع الحاصلين على مؤهلات عليا.
- صرف فروق ضريبية مستحقة للعاملين.
- بدء صرف العلاوات لمن حصلوا على أحكام قضائية.
وأضاف فؤاد أن مطلب صرف العلاوات للجميع قيد الدراسة، خاصة أن «بعض العاملين رفعوا قضايا وخسروها»، مؤكدًا أن الصرف يتم «وفق إمكانيات كل شركة».
احتجاجات متواصلة منذ شهور في مواقع مختلفة
وكانت الاحتجاجات قد بدأت قبل نحو شهر، حين امتنع عمال التحصيل في حلوان عن العمل، قبل أن تنتقل الوقفات إلى مواقع أخرى بالقاهرة امتدت لأسبوعين كاملين. كما شهدت محافظات الجيزة، الشرقية، بني سويف، والمنيا تحركات مشابهة.
وتركزت المطالب على:
- ضم العلاوات المتأخرة منذ 2016.
- تثبيت العمالة المؤقتة.
- إلغاء التمييز في تسوية المؤهلات.
- تحسين الحد الأدنى للأجور ومراعاة التدرج الوظيفي.
- إقالة عدد من القيادات الإدارية.
رواتب لا تكفي ونفقات تتصاعد
روى عدد من العمال سابقًا أنهم يعانون من ضغوط معيشية كبيرة بسبب ضعف الرواتب، مؤكدين أن كثيرًا منهم يعتمدون على «فيزا المشتريات» لتوفير الاحتياجات الأساسية، ما أدى لتراكم ديون وصلت لعشرات الآلاف، قبل أن يلجأ بعضهم للاقتراض من الأقارب والأصدقاء.
احتجاجات ليست جديدة.. وبوادر موجة أطول
وشهد العام الجاري احتجاجات مماثلة في عدة شركات مياه أخرى، أبرزها في الإسكندرية خلال يوليو الماضي، وفي القليوبية في مارس، في مؤشر على اتساع رقعة الاحتقان بين العاملين في القطاع.
ومع غياب خطوات ملموسة من جانب الإدارة، يرى مراقبون أن موجة الاحتجاجات الحالية قد تكون مقدمة لتصعيد أكبر خلال الفترة المقبلة، خاصة مع إصرار العمال على تنفيذ مطالبهم بشكل كامل، وتأكيدهم أن «العودة للوقفات ستكون الرد الطبيعي على أي تجاهل جديد».

