تتصاعد حدة التوتر داخل أروقة شركة "مفكو حلوان" للأثاث بعد أن تلقّى عدد من العمال إنذارات بالفصل بدعوى التغيب عن العمل، رغم تأكيدهم أن إدارة الشركة منعتهم فعليًا من الدخول منذ ما يقرب من شهر، عقب تقدمهم بشكوى جماعية لمكتب العمل بسبب عدم تطبيق الحد الأدنى للأجور البالغ 7 آلاف جنيه.

 

القضية التي بدأت قبل أسابيع تحولت إلى أزمة عمالية مكتملة الأركان، وسط اتهامات متبادلة بين العمال والإدارة، ومحاولات حكومية للتدخل لم تسفر حتى الآن عن حلول ملموسة.

 

منع من الدخول ثم اتهام بالغياب

 

يروي عمال بالشركة ما يعتبرونه “إجراءً عقابيًا” اتخذته الإدارة عقب تجمعهم أمام مكتب عمل حلوان يوم 6 نوفمبر الماضي لتحرير شكوى ضد الشركة، بعدما ظلّت رواتبهم – وفق شهاداتهم – بين 3300 و4000 جنيه فقط، أي أقل كثيرًا من الحد الأدنى المقرر حكوميًا.

 

ويقول أحد العمال، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، إنه بمجرد تقديم الشكوى ظهرت صور وفيديوهات للعمال أمام مكتب العمل، لتقرر الشركة منع أكثر من 20 عاملًا من دخول المنشأة، مضيفًا أن العمال حرروا محاضر رسمية لإثبات الواقعة.

 

ويتابع العامل: "ما إن مُنعنا من الدخول حتى فوجئنا بإنذارات بالفصل تتهمنا بالتغيب. كيف نتغيب ونحن ممنوعون أصلاً من العمل؟ إنها محاولة واضحة للتخلص منا والتهرب من حقوقنا".

 

مفاوضات جماعية لم تُثمر.. ووعود لم تُنفذ

 

العامل الثاني يؤكد أن لجنة من وزارة العمل حضرت للشركة منتصف نوفمبر الماضي وعقدت جلسة مفاوضة جماعية بحضور سبعة ممثلين عن العمال. وبحسب روايته، فقد أبدت الإدارة استعدادها لتطبيق الحد الأدنى للأجور اعتبارًا من راتب نوفمبر، مع صرف بدل مخاطر وتطبيق معايير السلامة المهنية.

 

لكن العامل يفيد بأن الواقع جاء على عكس الوعود: "تقاضينا راتب نوفمبر دون أن نرى جنيهًا واحدًا زيادة. لا حد أدنى ولا بدل مخاطر. حتى الرد على شكاوينا لم نتلقه من مكتب العمل أو الوزارة."

 

تاريخ متكرر من النزاعات العمالية

 

ويضيف عامل ثالث أن ما يحدث اليوم ليس جديدًا على الشركة، مشيرًا إلى واقعة في فبراير الماضي حين فصلت الإدارة عددًا من العمال عقب مشاركتهم في إضراب استمر 8 أيام للمطالبة بتطبيق الحد الأدنى. ولا تزال الدعاوى التي رفعها العمال حينها منظورة أمام القضاء حتى اليوم.

 

شركة كبيرة.. وأزمة أكبر

 

تأسست "مفكو حلوان" عام 1970، وتقدم نفسها باعتبارها صاحبة أحد أكبر خطوط إنتاج الأثاث في الشرق الأوسط، وتعمل وفق شراكات تقنية مع شركات ألمانية كبرى. ورغم هذا التاريخ الطويل، تبدو العلاقة بين العاملين والإدارة في أسوأ حالاتها.

 

الأزمة الحالية تفتح الباب أمام تساؤلات بشأن مدى التزام الشركات الصناعية بتطبيق قرارات الأجور الحكومية، وقدرة أجهزة الدولة على متابعة التنفيذ وضمان عدم تعرّض العمال لسياسات عقابية عند المطالبة بحقوقهم.