شهدت شبكة السكك الحديدية شللًا كاملًا على خط الصعيد المتجه إلى القاهرة، عقب خروج ثلاث عربات من القطار الروسي رقم 3503 (أسيوط/القاهرة) عن القضبان في المنطقة الواقعة بين محطتي بولاق الدكرور وبشتيل بمحافظة الجيزة.

 

ووفقًا للمعلومات الأولية، فقد أدى الحادث إلى توقف كامل للحركة في الاتجاه القادم من الجنوب إلى القاهرة، بينما تسير القطارات القادمة من القاهرة إلى الصعيد بسرعة منخفضة للغاية داخل نطاق الجيزة.

 

شلل مروري وساعات انتظار طويلة

 

تسبب الحادث في تكدس أعداد كبيرة من الركاب في محطات الجيزة والوجه القبلي، وسط حالة من الارتباك والبحث عن وسائل نقل بديلة. وأفاد ركاب بأنهم ظلوا في القطارات المتوقفة فترات طويلة دون الحصول على معلومات واضحة حول موعد العودة للحركة، في ظل غياب التنسيق المعلن بين هيئة السكك الحديدية ووسائل النقل الأخرى.

 

تساؤلات متجددة حول خطط التطوير

 

يأتي هذا الحادث في وقت تواصل فيه وزارة النقل التأكيد على تنفيذ خطة تطوير “غير مسبوقة” للسكك الحديدية، تشمل تحديث الجرارات والعربات، وتطوير نظم الإشارات، ورفع مستويات الأمان في خطوط شبكة السكة الحديد.
ورغم هذه التصريحات، يرى قطاع واسع من المواطنين أن الواقع لا يعكس حجم الميزانيات المعلن عنها، ولا الزيادات المتتابعة في أسعار التذاكر التي بررت الوزارة فرضها باعتبارها جزءًا من تمويل خطة التطوير.

 

ويؤكد مواطنون أن تكرار مثل هذه الحوادث يشير إلى وجود ضعف في الرقابة الفنية، وغياب محاسبة حقيقية للمسؤولين عن الإهمال، وهو ما يثير الشكوك حول فعالية برامج التطوير وحجم الفجوة بين ما يتم الإعلان عنه وما يلمسه الركاب على الأرض.

 

ويذهب محللون ومراقبون إلى أن الحد من تكرار هذه الحوادث لا يعتمد فقط على تحديث القطارات ونظم الإشارات، بل يحتاج قبل ذلك إلى شفافية كاملة في إعلان نتائج التحقيقات، وإطلاع الرأي العام على الأسباب الحقيقية لكل حادث، إضافة إلى إجراءات واقعية لتحسين جودة الصيانة، وتطوير مستويات التأهيل الفني للعمال والسائقين.

 

ويشدد المراقبون على أن البيانات الرسمية المقتضبة عقب كل حادث لم تعد كافية، في ظل استمرار وقوعه رغم مليارات الجنيهات التي ضُخت في قطاع السكك الحديدية خلال السنوات الأخيرة.

 

اتهامات شعبية بوجود فساد وإهدار للمال العام

 

وتتوسع موجة الانتقادات الموجهة إلى وزارة النقل، إذ يرى مواطنون أن رفع أسعار التذاكر المتكرر تحت شعار "التطوير" لم يُترجم إلى تحسن ملحوظ في مستوى الخدمة أو الأمان، بل تواصل وقوع الحوادث بوتيرة تشعل الغضب وتعيد طرح سؤال محوري: أين تذهب المخصصات الضخمة والمبالغ التي يتحملها المواطنون؟

 

كما يربط كثيرون بين هذه الحوادث وما يعتبرونه فسادًا وغيابًا للمحاسبة داخل بعض قطاعات المرفق، مؤكدين أن تطوير السكك الحديدية لن يتحقق ما لم تُعالج جذور الخلل الإداري والفني، ويُفتح باب المساءلة على مصراعيه.