على مدار ثلاثة عشر عامًا كاملة، ظل الدكتور أحمد عبد العاطي يعيش حالة من العزلة القسرية داخل محبسه، بينما تمضي حياة أسرته بعيدًا عنه في خطٍ موازٍ يزداد اتساعًا مع مرور السنوات.

 

سنواتٌ ثقيلة تركت آثارًا واضحة على عائلته التي وجدت نفسها محرومة من أبسط أشكال التواصل الإنساني، فلا زيارات دورية سمح بها، ولا اتصال مباشر يخفف من وطأة الغياب، في واحدة من أطول حالات الانقطاع بين معتقل وأسرته داخل السجون المصرية.

 

تأتي قصة عبد العاطي، البالغ من العمر 55 عامًا، محمولة بتاريخ مهني بارز؛ فهو صيدلي وخبير صناعات دوائية ساهم في تطوير خطوط إنتاج دوائية محلية ذات معايير اعتماد عالمية، وشغل عدة مواقع مؤثرة داخل القطاع الدوائي قبل أن يصدر قرار جمهوري في يوليو 2012 بتعيينه مديرًا لمكتب رئيس الجمهورية.

 

غير أن مسار حياته انقلب رأسًا على عقب عقب انقلاب 3 يوليو 2013، ليُعتقل بعدها ويُزج باسمه في سلسلة من القضايا ذات الطابع السياسي، ظلت مستمرة لسنوات طويلة.

 

خلال فترة احتجازه، واجه عبد العاطي—بحسب منظمات حقوقية وشهادات أسرية—قيودًا مشددة على التواصل مع ذويه، الأمر الذي خلق فجوة إنسانية متراكمة لم تطل الأسرة وحدها، بل امتدت آثارها النفسية والاجتماعية لتشمل المعتقل نفسه.

 

فالحرمان من الزيارة أو الاتصال، والذي استمر لسنوات متواصلة، يُعد وفق خبراء حقوقيين انتهاكًا مباشرًا للقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد نيلسون مانديلا) وأحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تؤكد على الحق في التواصل الأسري باعتباره جزءًا أصيلًا من كرامة الإنسان.

 

وفي ظل هذا الواقع، عادت منظمة عدالة لحقوق الإنسان لتُجدد مطالبها، مؤكدة ضرورة اتخاذ خطوات فورية لمعالجة الوضع، وعلى رأسها:

 

  • تمكين عبد العاطي من الزيارة والتواصل الأسري دون قيود أو تأجيل.
  • مراجعة ملفه القانوني بما يكفل ضمانات المحاكمة العادلة.
  • تحسين ظروف الاحتجاز واحترام حقوقه الإنسانية والقانونية كاملة.

 

وترى المنظمة أن استمرار هذا الانقطاع القسري لا يمثل مجرد إجراء عقابي، بل يمثل انتهاكًا إنسانيًا ممتدًا يجب وقفه دون إبطاء، في ظل ما خلفه من آثار عميقة لا يمكن تداركها بسهولة على المستوى الأسري والنفسي.

 

وبين جدران السجن العالية، يقف الزمن عند اللحظة التي اعتُقل فيها عبد العاطي، بينما تتغير سنوات حياة أسرته خارجه. ومع عودة قضيته إلى واجهة النقاش الحقوقي، تُطرح أسئلة ملحّة حول مستقبل هذا الملف، وما إذا كانت السنوات الثلاث عشرة من العزلة ستشهد أخيرًا نهاية لهذه القطيعة الطويلة.