شهدت العاصمة المصرية القاهرة، اليوم الثلاثاء، اجتماعًا دبلوماسيًا وأمنيًا رفيع المستوى جمع رئيس الاستخبارات التركية إبراهيم قالن، ورئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ومدير المخابرات العامة المصرية حسن رشاد، في إطار تحرّك مشترك يهدف إلى تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والدفع نحو مرحلة أكثر صلابة من الهدوء الهش.

 

يأتي الاجتماع في لحظة إقليمية بالغة الحساسية، إذ تتصاعد الانتهاكات الإسرائيلية في غزة بشكل يومي رغم دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي، بينما لا تزال الأوضاع الإنسانية على الأرض تتدهور بصورة غير مسبوقة بعد عام كامل من الحرب التي وصفتها منظمات حقوقية دولية بأنها الأقسى منذ عقود.

 

الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق

 

وبحسب مصادر مطلعة على الاجتماعات، فقد تركزت المناقشات على آليات الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق الهدنة، والتي تهدف إلى ضمان التزام الأطراف كافة ببنود وقف إطلاق النار، وتخفيف حدة التوترات، ومنع تجدد الأعمال العسكرية التي قد تعيد المنطقة إلى مربع العنف.

 

كما بحثت الأطراف الثلاثة توسيع الجهد الإقليمي المشترك بدعم من الولايات المتحدة، وضرورة توحيد المواقف من أجل تثبيت الاتفاق، إلى جانب سعي الوسطاء لاحتواء ما وُصف بـ"الانتهاكات الإسرائيلية المتزايدة" التي تهدد بإفشال الهدنة.

 

التنسيق مع مركز CMCC

 

واتفق المجتمعون على مواصلة تعزيز التعاون مع مركز التنسيق المدني العسكري (CMCC)، باعتباره الجهة المسؤولة عن متابعة تنفيذ بنود الاتفاق على الأرض، ورفع العوائق التي تعطل مسار التهدئة، بما يشمل ضمان تدفق المساعدات الإنسانية وإزالة العقبات أمام تحركات الفرق الإغاثية، وتوثيق الانتهاكات بشكل مباشر.

 

وأكدت الأطراف أهمية وجود آلية مشتركة قادرة على التدخل السريع في حال حدوث خروقات، من أجل منع الانزلاق إلى مواجهة جديدة قد تكون أكثر دموية.

 

الموقف التركي: تأكيد متجدد على دعم الفلسطينيين

 

وخلال المباحثات، شدّد رئيس الاستخبارات التركية إبراهيم قالن على أن أنقرة "ستواصل وقوفها بكل ما أوتيت من قوة إلى جانب الشعب الفلسطيني كما فعلت دائماً"، مع التأكيد على ضرورة محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات بحق المدنيين، وضرورة بلورة رؤية سياسية تضمن عدم تكرار الحرب.

 

خلفية الوضع الميداني

 

الهدنة التي تم التوصل إليها في أكتوبر جاءت بعد حرب بدأت في 7 أكتوبر 2023، وأودت بإستشهاد أكثر من 69 ألف فلسطيني، بينهم أعداد كبيرة من الأطفال والنساء، كما أصيب أكثر من 170 ألفًا، وفق تقديرات دولية حديثة.

 

وتعرضت البنية التحتية في غزة لدمار شامل، حيث تُقدّر الأمم المتحدة أن تكلفة إعادة الإعمار قد تتجاوز 70 مليار دولار، وسط مخاوف من أن تؤدي الانتهاكات المتكررة إلى تقويض الجهود الإنسانية وتفريغ العملية السياسية من مضمونها.