تعيش مؤسسة «البوابة نيوز» واحدة من أعقد أزماتها منذ تأسيسها، بعد إعلان إدارتها نيتها اتخاذ إجراءات التصفية في مواجهة اعتصام عشرات الصحفيين المستمر منذ 8 أيام للمطالبة بتطبيق الحد الأدنى للأجور وتحسين بيئة العمل. القرار المفاجئ فجر موجة جديدة من التوتر داخل أروقة الجريدة، وعمّق الخلافات بين الإدارة والصحفيين، وسط محاولات متعثرة من نقابة الصحفيين لاحتواء الأزمة.
تصعيد إداري: التلويح بالتصفية بدل الاستجابة للمطالب
خلال جلسة تفاوض ضمت ممثلين عن المعتصمين ونقيب الصحفيين خالد البلشي، وعضو مجلس النقابة محمود كامل، إضافة إلى المستشار القانوني للجريدة يحيي الدياسطي وعدد من مديري التحرير، أعلنت إدارة المؤسسة أن «التصفية» باتت خيارًا مطروحًا على الطاولة، مبرّرة ذلك بـ«العثرات المالية» التي تواجهها منذ سنوات.
ممثلو الصحفيين والنقابة رفضوا المقترح بشكل قاطع، وأمهلوا الإدارة 24 ساعة لإعلان موقف نهائي من مطالب العاملين. في المقابل، رفض الدياسطي الإدلاء بأي تعليق بشأن ما ينتظر الصحفيين من تعويضات حال الشروع في إجراءات التصفية.
غياب إداري وجدل حول الاستقالة
في تطور لافت، أعلنت المؤسسة رفع اسم مؤسسها ورئيس مجلس إدارتها وتحريرها عبد الرحيم علي من ترويسة الجريدة والموقع الإلكتروني، عقب نشره على فيسبوك مقالًا مطولًا بعنوان «البوابة.. سراب الزمن الجميل»، قال فيه إن المؤسسة وصلت إلى «نهاية الطريق»، وإن قرار تصفيتها متروك للجمعية العمومية.
غير أن المقال اختفى سريعًا من موقع الجريدة بعد ساعات من نشره، بينما بقي منشورًا على حسابه الشخصي.
رئيسة التحرير داليا عبد الرحيم نفت أن تكون الاستقالة حديثة، مؤكدة أنها قُدمت «منذ فترة بعيدة» قبل بدء الاعتصام، مشيرة إلى أن والدها لم يحضر اجتماع اليوم لأنه «يتلقى العلاج في فرنسا».
الأجور محور الأزمة: 2000 جنيه فقط
بدأ اعتصام الصحفيين مطلع الأسبوع الماضي، احتجاجًا على تدني الأجور التي ـ بحسب شهاداتهم ـ لم تتجاوز ألفي جنيه شهريًا، إضافة إلى غياب التأمين الصحي والاجتماعي، وحرمانهم من الترقيات والمكافآت والزيادات الدورية منذ سنوات.
وقالت عضوة مجلس النقابة إيمان عوف إن وزارة العمل أمهلت إدارة الجريدة عشرة أيام لتطبيق الحد الأدنى للأجور، فيما كانت الوزارة قد حررت بالفعل محضرًا ضد المؤسسة بعد حملة تفتيشية من مديرية عمل الجيزة.
تضامن مهني وممارسات تضييق
شهد مقر «البوابة نيوز»، أمس، توافد صحفيين من مؤسسات أخرى للتضامن مع زملائهم المعتصمين. لكن الإدارة منعت المتضامين من الدخول لمدة ثلاث ساعات، قبل السماح لهم بالدخول، وهو ما وصفه نقيب الصحفيين بأنه «تعنت يكشف طريقة تعامل غير لائقة مع الزملاء».
من جانبها نفت الإدارة في بيان رسمي اتهامات البلشي، مؤكدة أنها «لم ولن تتعنت في التعامل مع المطالب السلمية للصحفيين»، في وقت أكد فيه عضو مجلس النقابة محمد سعد عبد الحفيظ أن المجلس «متمسك بكافة مطالب الصحفيين المعتصمين» وأنه طرح حلولًا لإنهاء الأزمة.
خلافات ممتدة مع النقابة وإجراءات سابقة
الأزمة الحالية ليست الأولى في مسار الأزمات بين «البوابة نيوز» ونقابة الصحفيين.
فمنذ عامين اتخذت النقابة عدة إجراءات عقابية بحق المؤسسة، شملت وقف قيد الصحيفة، وإحالة رئيسة التحرير للتحقيق، ثم إحالة عبد الرحيم علي نفسه للتحقيق النقابي، على خلفية فصل صحفيين تعسفيًا وتخفيض الرواتب.
إدارة تتحدث عن الانهيار… وصحفيون يتمسكون بحقوقهم
تقول إدارة الجريدة إنها غير قادرة على دفع رواتب الشهر الحالي، وإن المؤسسة باتت أقرب للانهيار، مؤكدة أن عبد الرحيم علي موّل الجريدة منفردًا خلال خمس سنوات بعد انسحاب المستثمرين، رغم امتلاكه 20% فقط من الأسهم.
بينما يتمسّك الصحفيون بمطالبهم الأساسية:
- تطبيق الحد الأدنى للأجور
- توفير تأمين صحي واجتماعي
- إنهاء ممارسات الفصل والتخفيض التعسفي
- تحسين بيئة العمل
- إتاحة الترقيات المستحقة منذ سنوات
وتفتح الإدارة الباب ـ ولو نظريًا ـ أمام دخول مستثمر جديد لإنقاذ المؤسسة، وهو سيناريو لم تتضح فرص تحققه بعد.

