خيّم الحزن على قرية ميت بره التابعة لمركز قويسنا بمحافظة المنوفية، بعدما تحوّل يوم كان ينتظره العروسان «حسين وإيمان» للاحتفال بخطبتهما إلى مأتم كبير إثر انقلاب السيارة التي كانت تقلّهما إلى قاعة الحفل على طريق «زفتى – بنها»، في مشهد مأساوي متكرر يكشف أن طرق الموت في مصر تحصد الأرواح يومياً بسبب الإهمال المتعمد من حكومة الانقلاب التي تنفق المليارات على القصور والكباري الوهمية، بينما تترك الطرق القديمة تتحول إلى مقابر جماعية للمصريين.
عروس في الثامنة عشرة.. قتلها الإهمال الحكومي
تلقى اللواء أشرف جاب الله، مدير أمن القليوبية، إخطاراً بانقلاب سيارة أمام قرية منشأة دملو، أثناء انتقال العروسين وأفراد من أسرتهم إلى حفل الخطبة. وأسفر الحادث عن وفاة العروس إيمان علاء مرسي (18 عاماً)، التي كانت تحلم بليلة العمر، لكن طرق الموت في مصر حولت حلمها إلى كابوس، وجعلت من يوم فرحها يوم جنازتها.
بينما أصيب خطيبها حسين سجلي (19 عاماً) بكسر في العمود الفقري وجروح متعددة، في إصابة قد تحرمه من حياة طبيعية مستقبلاً، وتحول فرحه إلى معاناة مزمنة. إضافة إلى إصابة شقيقة العروس والسائق، اللذين نُقلا للعناية المركزة بمستشفى بنها الجامعي في حالة خطيرة.
هذه ليست مجرد "حادثة مأساوية" كما تصفها البيانات الحكومية المكررة، بل جريمة قتل متعمدة ترتكبها حكومة الانقلاب يومياً ضد المصريين، بإهمالها الفاضح لصيانة الطرق القديمة، وغياب الرقابة على المركبات، وعدم تطبيق قوانين المرور بجدية.
وخلال الـ24 ساعة الماضية فقط، شهدت مصر ثلاثة حوادث مروعة: مصرع شخص دهساً بالدقهلية، وإصابة 28 عاملاً في انقلاب سيارة ببني سويف، وإصابة 13 عاملاً في انقلاب ميكروباص بالمنيا. المشهد متكرر، والضحايا يتزايدون، والحكومة في سبات عميق.
نظام السيسي.. مليارات على الكباري الوهمية وموت على الطرق القديمة
حكومة الانقلاب تتباهى بإنشاء كباري وطرق جديدة بمئات المليارات، بينما تترك الطرق القديمة التي يستخدمها ملايين المصريين يومياً تتهالك وتتحول إلى مقابر جماعية. طريق «زفتى – بنها» الذي شهد مقتل العروس إيمان، هو أحد هذه الطرق المنسية التي لا تحظى باهتمام النظام، لأنها لا تصلح للدعاية الإعلامية ولا للتصوير من الطائرات.
الأولوية لدى نظام السيسي ليست حياة المواطنين، بل استعراض القوة وإبهار العالم بمشاريع لا تخدم سوى النخبة الحاكمة. الكباري الفارهة والطرق الصحراوية الخالية يتم إنشاؤها بمليارات الدولارات، بينما الطرق الحيوية التي تربط المدن والقرى ويستخدمها الشعب يومياً تُترك للإهمال والموت.
صدمة في القرية.. ووداع مهيب لعروس لم تعش فرحها
سادت حالة من الذهول والحزن الشديد بين أهالي قرية ميت بره فور انتشار خبر الوفاة. وقال شهاب صبري، أحد المقربين من العريس، إن الجميع كان يستعد لليوم السعيد، لكن القدر قلب الفرح إلى مأتم. لكن الحقيقة أن القدر لم يكن وحده المسؤول، بل الإهمال الحكومي المتعمد هو القاتل الحقيقي.
وجرى تشييع جثمان الفقيدة فجر السبت عقب تصريح النيابة، وسط بكاء وانهيار من أسرتها وأقاربها الذين أشادوا بحُسن خلقها وسيرتها الطيبة. فتاة في الثامنة عشرة، كانت تحلم بالفرح والحياة، قتلتها طرق الموت في مصر قبل أن تعيش ليلة العمر.
عريس مصاب بكسر في العمود الفقري.. حياة محطمة
الخطيب حسين سجلي (19 عاماً) الذي كان ينتظر أسعد أيام حياته، يرقد الآن في المستشفى بكسر في العمود الفقري وجروح متعددة. هذه الإصابة الخطيرة قد تحرمه من حياة طبيعية مستقبلاً، وقد تحوله إلى معاق يعاني مدى الحياة. الشاب الذي كان يحلم ببناء أسرة وحياة سعيدة، أصبح الآن يعاني من آلام مبرحة ومستقبل مجهول.
شقيقة العروس والسائق أيضاً في العناية المركزة بحالة خطيرة، في مشهد مأساوي يكشف أن حادثة واحدة قادرة على تدمير أسر بأكملها وتحويل أحلامهم إلى كوابيس.
نهج متكرر.. تعازٍ بلا محاسبة
المشهد المتكرر بعد كل حادثة مأساوية هو نفسه: بيانات تعزية من المسؤولين، وعود بتحسين الطرق لن تُنفذ، ولجان تحقيق شكلية لن تصل إلى نتيجة. ثم تُطوى الصفحة، وتستمر الحياة كأن شيئاً لم يحدث، حتى تقع الحادثة التالية، والتالية، والتالية.
لا محاسبة حقيقية للمسؤولين عن الإهمال، لا صيانة جدية للطرق القديمة، لا رقابة فعلية على المركبات، لا تطبيق صارم لقوانين المرور. النتيجة: نزيف مستمر في أرواح المصريين، وأسر محطمة، وأحلام مدفونة تحت ركام الإهمال الحكومي.
وأخيرا فهذه ليست قصة "حادثة مؤسفة"، بل قصة جريمة قتل ترتكبها حكومة الانقلاب يومياً ضد الشعب المصري، بإهمالها المتعمد وسياساتها الخاطئة التي تضع الدعاية فوق حياة المواطنين، والاستعراض فوق الأمان. وطالما استمر هذا النهج، فإن المآتم ستحل محل الأفراح، والدماء ستُسفك على طرق الموت، والشعب المصري سيدفع الثمن من أرواح أبنائه وأحلامهم المحطمة.

