على مدار 12 عامًا كاملة، ظل اسم الدكتور باسم كمال محمد عودة، وزير التموين الأسبق في عهد الرئيس الراحل محمد مرسي، حاضرًا في ذاكرة المصريين رغم غيابه القسري الطويل خلف القضبان.

 

الوزير الذي لُقّب شعبيًا بـ "وزير الغلابة"، لما قدّمه من تجربة في إدارة منظومة التموين خلال أقل من عام، تحول إلى أحد أبرز رموز القمع السياسي في مصر، وسط استمرار المطالبات الحقوقية بالإفراج عنه، وتجدد الدعوات لوقف المعاناة المستمرة لأسرته منذ عقد كامل.

 

عامه الثاني عشر بلا زيارة

 

زوجته الدكتورة حنان توفيق، جدّدت مناشدتها عبر صفحتها على "فيسبوك"، معلنة دخول زوجها عامه الـ12 في السجن، منها 10 سنوات كاملة بلا زيارة، قائلة: "اليوم يكمل زوجي عامه الـ12 خلف القضبان… كيف أصبحت ملامحك يا عزيزي؟"
وأضافت: "محفورة في قلبي ولا تغيب عن خيالي… أدعو الله أن ينجيه من ظلمات الحبس كما أنجى يونس من ظلمات البحار."

 

 

 

اعتداء داخل سجن بدر 3.. وضغط لإيقاف الإضراب

 

داخل سجن "بدر 3"، تعرّض عودة لاعتداء مباشر من ضابط الأمن الوطني العقيد أحمد فكري، الذي اقتحم زنزانته واعتدى عليه بالضرب والسبّ لإجباره على إنهاء إضرابه عن الطعام.

 

وتكشف الواقعة—وفق حقوقيين—حجم ما يتعرض له السجناء السياسيون من قيادات الإخوان ووزراء حكومة الدكتور هشام قنديل، الذين يخضعون لحبس انفرادي مطوّل وظروف احتجاز غير إنسانية.

 

الإضراب شارك فيه العشرات من الوزراء والسياسيين والبرلمانيين والأكاديميين المحتجزين منذ 2013، احتجاجًا على الحبس الانفرادي ومنع الزيارة وحرمان المرضى من العلاج.

 

موجة تضامن واسعة

 

مصريون أطلقوا حملات تضامن عبر هاشتاجات: #الحرية_للدكتور_باسم_وكل_المعتقلين ، و #كفاية_12سنة_ظلم ، وطالبوا بإطلاق سراحه وسراح عشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين، الذين تُقدّرهم منظمات حقوقية بأكثر من 70 ألف معتقل.

 

من هو باسم عودة؟

  • مواليد 16 مارس 1970 – المنوفية
  • أستاذ هندسة حيوية بجامعة القاهرة
  • استشاري في منظومات الرعاية الصحية
  • شارك بثورة 25 يناير وأصيب في "موقعة الجمل"
  • ترأس لجنة التنمية المحلية بحزب الحرية والعدالة
  • وزير التموين من أغسطس 2012 حتى 4 يوليو 2013

 

إنجازاته الأشهر:

  • رقمنة منظومة الخبز والدعم
  • تحسين جودة الخبز ومنع دقيق الذرة
  • القضاء على طوابير الخبز وأنابيب الغاز
  • توفير مليارات الجنيهات بمحاربة الفساد
  • رفع سعر شراء القمح من الفلاح
  • إطلاق زيت «خير بلدنا» بسعر 3 جنيهات فقط

وهو ما جعل الكثيرين يرونه "وزيرًا لديه رؤية" و"يمارس السياسة لخدمة المواطن لا السلطة".

 

بداية المحنة: اعتقال ومحاكمات جماعية

 

بعد انقلاب 3 يوليو 2013، جرى اعتقاله في 12 نوفمبر 2013، وجرى الزجّ به في قضايا وصفتها منظمات حقوقية بأنها قضايا انتقامية، أبرزها: قضية غرفة عمليات رابعة، وقضية فض اعتصام رابعة، وصدرت بحقه أحكام مجموعها 50 عامًا.

 

وقضى 10 سنوات كاملة في الحبس الانفرادي بسجون طرة، قبل نقله إلى سجن بدر 3 في 2022/2023، وسط قلق متزايد بشأن وضعه الصحي ومنع الزيارة عنه.

 

نداءات حقوقية متواصلة

 

منظمات دولية عديدة طالبت بالإفراج عنه، بينها: هيومن رايتس ووتش (أبريل 2017 – يونيو 2021) اعتبرت محاكمته "جائرة وغير عادلة"، والعفو الدولية وصفته بـ"سجين رأي" وحذرت من تعرّضه لإهمال طبي ممنهج، ولجنة العدالة الدولية وصفت الأحكام بأنها "انتقامية ومخالفة للقانون الدولي".

 

دعوات للمراجعة.. حقوقيون: ليست قضيته وحده

 

الحقوقي محمد زارع أكد أن استمرار احتجاز عودة وغيره من السجناء السياسيين "وصمة في جبين مصر"، مضيفًا: "12 عامًا لمجرد خلاف سياسي.. هذا غير معقول. السجون مليئة بأشخاص لم يرتكبوا عنفًا ولا دعاة له، ويجب الإفراج عنهم."

 

ماذا خسر المصريون بسجن باسم عودة؟

 

كثيرون يرون أن الأداء الاقتصادي والاجتماعي للمؤسسات الرسمية بعد خروج عودة ظهر عليه التراجع الحاد: اختفاء الرقابة الحقيقية على الأسواق، واستمرار تقليص الدعم، وزيادة الأسعار بشكل غير مسبوق، وفساد إداري في ملف التموين، وتوسع في حذف المواطنين من التموين، واعتماد متزايد على استيراد القمح بأسعار مرتفعة

 

وذكّر مصريون بتصريحاته وفلسفته في العمل: "المواطن هو الأصل.. وليس الدولة."

 

حتى بعض الإعلاميين المحسوبين على النظام اعترفوا بنجاح منظومة الخبز التي أنشأها، والتي وصفها خبراء الاقتصاد بأنها "الأكثر كفاءة في تاريخ دعم الخبز".

 

كما تداول إعلاميون تصريحات منسوبة لعودة بأنه تلقى عرضًا مباشرا من عبد الفتاح السيسي يوم 4 يوليو 2013 للاستمرار وزيرًا للتموين، لكنه رفض وفضّل الاستقالة.

 

مصر بعد عودة.. أزمات متراكمة

 

بعد اعتقاله، تعاقب 4 وزراء على الوزارة:
محمد أبو شادي (2013 – 2014): شكاوى نقص السلع

خالد حنفي (2014 – 2016): تفجر قضية فساد القمح الكبرى

علي المصيلحي (2017 – 2024): قرارات تقليص الدعم وحذف ملايين من التموين

 

كما شهدت البلاد:

  • ارتفاع سعر الدولار من 7 إلى نحو 50 جنيهًا
  • قفز التضخم إلى 38–40%
  • ارتفاع أسعار الغذاء بأكثر من 65% في 2023

 

مشاهد إنسانية في المحكمة

 

في مايو 2016، سُمح له باحتضان ابنته وزوجته داخل محكمة الجنايات.

 

وقال للقاضي: "هل ذنبي أني خليت زيت عباد الشمس بـ3 جنيه للمواطن؟… هل ذنبي أني أنصفت الفلاحين؟… لو تقدم مصر بسجننا فهذا ثمن رخيص".

 

 

كما تساءل الإعلامي أيمن عزام عن "جريمة" باسم عودة إن وُجدت، مستنكرًا استمرار سجنه رغم نزاهته.

 

صفحات معارضة أكدت أن "إنجازاته هي الجريمة".