على الرغم من ضخامة الإنجاز المعماري المتمثل في افتتاح المتحف المصري الكبير قرب أهرامات الجيزة، مساء السبت، إلا أن الحدث تحول إلى بؤرة لـ الجدل السياسي والأخلاقي، كاشفًا عن تناقض صارخ بين عظمة التاريخ المصري وواقع المشهد السياسي الراهن. فبدلاً من أن يكون الافتتاح مناسبة وطنية جامعة، أثار الحضور الرسمي والاحتفالي موجة من الانتقادات الحادة، تركزت حول غياب الشفافية في الإنفاق وتصدّر شخصيات مدانة بالفساد والقتل للمشهد. هذا التقرير يسلط الضوء على الجوانب النقدية الحادة التي طغت على الحدث، محولاً الاحتفال إلى وثيقة إدانة أخلاقية للنظام.
تصدّر الفاسدين والقتلة: إهانة للقيم الوطنية
كانت اللحظة الأكثر إثارة للاستياء هي حضور شخصيات من رجالات نظام مبارك، ممن حوكموا في قضايا فساد وجرائم قتل، لتتصدر المشهد الاحتفالي. أثار حضور شخصيات مثل أحمد عز، المدان بقضايا فساد، وطلعت مصطفى، المدان بجريمة قتل، استغراب المتابعين، وتحول الإنجاز الحضاري إلى منصة لتبييض صفحة رموز الفساد.
وفي هذا السياق، وجه الكاتب ورجل الأعمال المصري مراد علي انتقاداً لاذعاً، مؤكداً أن هذا الحضور يمثل إهانة للقيم الوطنية. وشدد علي على أن "الأسوأ أن الفاسدين والقتلة تصدّروا المشهد، مما يُسيء لمصر، ويُفقد هذا الإنجاز قيمته الأخلاقية". هذا التصدّر، بحسب المراقبين، يرسخ فكرة أن النظام الحالي لا يزال يعتمد على رموز الفساد، مما يقوض أي ادعاء بالإصلاح أو مكافحة الفساد.
غياب الشفافية والمبالغة المرفوضة
لم تقتصر الانتقادات على الحضور المثير للجدل، بل امتدت لتشمل الجانب الاقتصادي والمالي للمشروع والاحتفاليات المصاحبة له. انتقد مراد علي بشدة انعدام الشفافية في حجم الإنفاق على المشروع، وهو ما يثير تساؤلات حول كيفية إدارة الأموال العامة في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها البلاد.
كما رفض علي المبالغة في تصوير المتحف كـ "منقذٍ للاقتصاد" أو "إنجازٍ إعجازي"، مؤكداً أن هذه المبالغات لا تمتّ إلى الواقع بصلة. هذا النقد يعكس حالة من عدم الثقة في الرواية الرسمية التي تحاول تضخيم الإنجازات لتغطية الإخفاقات الاقتصادية والسياسية. إن ربط إنجاز ثقافي ضخم بمحاولة يائسة لإنقاذ الاقتصاد، يضع المشروع في سياق دعائي أكثر منه سياقاً تنموياً حقيقياً.
يحاول البعض أن يصوّر نقدنا للسَّفه والإسراف في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير وكأنه رفضٌ لفكرة المتحف ذاتها أو ضيقٌ بإنشائه، بينما الحقيقة أن المتحف في جوهره فكرة حضارية مهمة، يمكن أن تُسهم إيجاباً في تنشيط السياحة وتعزيز صورة مصر الثقافية، إذا أُدير بعقلانية وحكمة.
— Mourad Aly د. مراد علي (@mouradaly) November 1, 2025
لكن… pic.twitter.com/qGqwUmzHPa
نظام يأوي القتلة
ومن جهته عبر الكاتب الصحفي نظام المهداوي "أفضل صورة رأيتها تعبر عن حال #مصر تحت حكم #السيسي".
وأكد أن هشام طلعت مصطفى قاتل المغنية اللبنانية سوزان تميم. خرج من السجن ورد له الاعتبار وعاد إلى أعماله، فصار نجم المجتمع. يفتتح المتحف المصري الكبير.
أفضل صورة رأيتها تعبر عن حال #مصر تحت حكم #السيسي.
— نظام المهداوي - Nezam Mahdawi (@NezamMahdawi) November 1, 2025
هشام طلعت مصطفى قاتل المغنية اللبنانية سوزان تميم. خرج من السجن ورد له الاعتبار وعاد إلى أعماله، فصار نجم المجتمع. يفتتح المتحف المصري الكبير. pic.twitter.com/kBLocUQI4K
وجاءت أهم التغريدات الغاضبة كما يلي:
جميع اللي ماتوا عيالي الصغار
— آلنَجّار (@Abdelrrahman97) November 1, 2025
جميع اللي عاشوا ملوك القمار pic.twitter.com/0eCQ7lgblW
وزي مقال الزعيم عادل إمام ..
— نسرين نعيم (@nesrinnaem144) November 1, 2025
" أنا لا أعلم لماذا قامت الثورة أنا كنت في الحمام ساعتها " pic.twitter.com/4tsjIm5LLP
بعد الصورة دي يبقى اللي سقط في يناير جمال مبارك وعلاء مبارك بس ورجالتهم #السيسى بيدورهم اوعو #المتحف_المصري_الكبير ينسيك ان اللي قاعد ده هشام طلعت مصطفى اللي طالع بعفو صحي بعد ما ق تل سوزان تميم pic.twitter.com/E1DizV2UCS
— AMR ABD ELHADY || عمرو عبد الهادي (@amrelhady4000) November 1, 2025
رحم الله شهداء ثورة 25 يناير 💔 pic.twitter.com/fz6w783M38
— نسرين نعيم (@nesrinnaem144) November 1, 2025
تاريخ المشروع: استغلال إنجازات الماضي
على الرغم من محاولة النظام الحالي نسب الإنجاز لنفسه، فإن النص يوضح أن فكرة إنشاء المتحف تعود إلى تسعينيات القرن الماضي، حين أطلقها وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني. كما أن الرئيس الراحل حسني مبارك هو من وضع حجر الأساس للمشروع في عام 2002.
هذا التذكير بتاريخ المشروع يهدف إلى نزع صفة "الإنجاز الإعجازي" عن النظام الحالي، ويؤكد أن المشروع هو استكمال لجهود سابقة، وليس وليد اللحظة. ورغم أن أعمال الإنشاء والتجهيز انتهت بين عامي 2017 و2023، إلا أن الفكرة والتأسيس يعودان إلى ما قبل وصول النظام الحالي للسلطة، مما يقلل من قيمة الادعاءات الرسمية.
ختاما فافتتاح المتحف المصري الكبير، رغم كونه صرحاً حضارياً ضخماً، قد تحول إلى مناسبة كشفت عن الأزمة الأخلاقية والسياسية في البلاد. فبينما كانت الأضواء تسلط على العروض الموسيقية والضوئية، كانت الأنظار تتجه نحو الفاسدين والقتلة الذين تصدروا المشهد، مما أفرغ الإنجاز من محتواه الأخلاقي. إن الانتقادات الحادة الموجهة للنظام، من غياب الشفافية إلى تبييض صفحة رموز الفساد، تؤكد أن أي إنجاز مادي لا يمكن أن يحجب الأزمة العميقة في الحكم والعدالة.

