تشهد الساحة الدولية في الساعات الماضية تصعيداً ملحوظاً في التوترات بين الولايات المتحدة وفنزويلا، مع استمرار حالة الاستنفار العسكري وتهديدات بحرب محتملة، في حين تأججت الأزمة التجارية بين الولايات المتحدة وكندا على خلفية رسوم جمركية وإعلانات إعلامية اعتُبرت مثيرة للجدل. يستعرض هذا التقرير تفاصيل التصعيد العسكري في منطقة الكاريبي، وأبرز الخلافات التجارية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس وزراء كندا جاستن ترودو، مستعرضاً الأبعاد السياسية والاقتصادية لهذه التطورات وتأثيراتها المحتملة على الاستقرار الإقليمي والعلاقات التجارية العالمية.

 

تصعيد عسكري متسارع بين فنزويلا والولايات المتحدة
في 2025، شهدت العلاقات بين واشنطن وكراكاس ذروة توتر غير مسبوقة، إثر إجراءات أمريكية جمعت بين الحشد العسكري وتعزيز العمليات الاستخباراتية السرية ضد فنزويلا. أمر الرئيس ترامب بنشر قطع بحرية مزودة بصواريخ متطورة وقاذفات استراتيجية من طراز B-52 قبالة السواحل الفنزويلية، مستغلاً ذريعة مكافحة تهريب المخدرات للتمركز العسكري في المنطقة الكاريبية، في خطوة مؤثرة على توازن القوة في أمريكا اللاتينية.
https://www.youtube.com/watch?v=fel7Ls377QU&t=2s

أما فنزويلا، فقد ردت بتعزيز قواتها العسكرية عبر تحريك أكثر من 25 ألف جندي في ولايات إستراتيجية مثل زوليا وفالكون، مشددة على استعدادها الكامل لمواجهة أي اعتداء، ومعلنة امتلاكها لآلاف الصواريخ المضادة للطائرات، والتي كشفت عنها مؤخراً السلطات الفنزويلية.

الرئيس نيكولاس مادورو دعا إلى السلام ورفض الحرب المجنونة، لكنه في الوقت ذاته أكد حق بلاده الدستوري في الدفاع عن النفس، وواصل دعم الميليشيات المحلية لاستعداد عسكري شامل، كما اتهم الولايات المتحدة بالتحضير لعدوان عسكري مباشر يعكس محاولة للإطاحة بنظامه.

الحملة الأمريكية ضد فنزويلا لا تقتصر على الجانب العسكري بل تشمل عمليات وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه" لتقويض النظام تحت غطاء مكافحة المخدرات، مع اعتراف ترامب صراحة بتنفيذ عمليات سرية داخل الأراضي الفنزويلية، مما عزز احتمالات مواجهة عسكرية قد تؤدي إلى حرب كبرى في المنطقة.
https://www.youtube.com/watch?v=5ngktBdk6H4&t=5s

 

الأبعاد السياسية والاقتصادية للتصعيد
تأتي هذه التحركات في سياق محاولة لإعادة فرض الهيمنة الأمريكية على أمريكا اللاتينية، التي شهدت انحسار نفوذ واشنطن في السنوات الأخيرة، خصوصاً مع دعم روسيا والصين لنظام مادورو. التصعيد العسكري يضع المنطقة على شفير مواجهة قد تمتد آثارها إلى الأسواق العالمية، خاصة في قطاع الطاقة حيث تعد فنزويلا مصدراً رئيسياً للنفط. كذلك، يؤثر التصعيد على الاستقرار السياسي والاقتصادي في دول الجوار، مع تهديدات محتملة بأزمات لاجئين وهجرة واسعة.

الخلافات التجارية بين ترامب وكندا: أزمة تزداد عمقاً
على الصعيد الآخر من القارة، تتصاعد الخلافات التجارية بين الولايات المتحدة وكندا، حيث قرر الرئيس الأمريكي ترامب في 2025 تعليق كافة المفاوضات التجارية مع كندا، متهمًا إياها بـ "سلوك فظيع" يتضمن استخدام إعلانات منسوبة لرئيس أمريكي سابق للتأثير على قرارات المحكمة العليا في الولايات المتحدة.

وردت كندا بإعلان فرض رسوم مضادة بنسبة 25% على بضائع أمريكية بقيمة تزيد على 30 مليار دولار كندي، في تصعيد جديد في حرب الرسوم الجمركية التي بدأت في فبراير 2025، والتي شملت كذلك المكسيك.

ترامب فرض رسوماً جمركية على معظم السلع الواردة من كندا والمكسيك، ما آثار القلق من تعطيل سلاسل التوريد وزيادة الأسعار للمستهلكين في جميع الدول الثلاث. الأزمة استندت إلى مخاوف واشنطن من العجز التجاري مع جارتها الشمالية، ومطالبته من كندا بتأمين الحدود ضد الهجرة غير الشرعية وتهريب الفنتانيل بالإضافة إلى دعم التصنيع المحلي الأمريكي.

المحللون يشيرون إلى أن هذه السياسات قد تُلحق أضراراً بالاقتصادات المتبادلة، وأن التصعيد الإعلامي والسياسي بين ترامب وترودو يفاقم من احتمالات تباطؤ النمو الاقتصادي وتعطيل التعاون الإقليمي.
تأثير التصعيد العسكري والتجاري على المشهد العالمي:
التوترات بين الولايات المتحدة وفنزويلا، بالإضافة إلى الخلافات مع كندا، تضع واشنطن أمام تحديات معقدة على المستويين الأمني والاقتصادي. التصعيد يظهر كيف يمكن للسياسات الأمريكية الخارجية المتصلبة أن تؤدي إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي، مما يعيد تشكيل التحالفات الجيوسياسية ويؤثر على خطوط التجارة العالمية.

التوترات قد تدفع الدول المعنية إلى البحث عن بدائل اقتصادية وعسكرية، مما يعزز دور الصين وروسيا في أمريكا اللاتينية، كما يعقد الجهود الدبلوماسية في قضايا مكافحة الهجرة وتهريب المخدرات.

أما على المستوى المحلي في كندا والولايات المتحدة، فقد يؤثر الخلاف التجاري على الوظائف والأسواق، ويضع ضغوطاً سياسية على الحكومات في ظل انتخابات قادمة واحتياجات التنقل التجاري الحر المتزايدة في ظل الاقتصاد العالمي المترابط.
وتشهد منطقة الكاريبي وأمريكا الشمالية تحولات جذرية عبر التصعيد العسكري بين فنزويلا والولايات المتحدة والخلافات التجارية الحادة بين ترامب وكندا. هذه التطورات تعكس تعقيدات السياسة الأمريكية الخارجية التي تجمع بين القوة العسكرية والحرب التجارية، مما يثير مخاوف من زيادة الاضطرابات الإقليمية وتداعيات اقتصادية عالمية. يبقى مستقبل هذه الأزمات بيد التحركات السياسية والدبلوماسية في الأشهر القادمة، مع ضرورة سعي الأطراف لتفادي الانزلاق نحو مواجهات مفتوحة تضر بالمصالح الجماعية والسلام في المنطقة