تتعرض مقبرة الملك توت عنخ آمون في البر الغربي بالأقصر لخطر الانهيار بسبب مشاكل هيكلية متفاقمة، وفق دراسة حديثة نشرتها مجلة علمية مرموقة ومناشير أجنبية مثل صحيفة "ديلي ميل" البريطانية. الدراسة أكدت أن المقبرة التي يزيد عمرها على 3300 عام تواجه تهديدات جسيمة من تشققات واسعة في سقفها وجدرانها، مما يسمح بتسرب مياه الأمطار وزيادة الرطوبة التي تتسبب بتدهور الكتل الصخرية المصنوعة من صخور "إسنا شيل"، إضافة إلى نمو الفطريات التي تهاجم الرسومات والمزخرفات القديمة.
هذه العوامل مجتمعة تزيد من مخاطر الانهيار وهي تهدد الحفاظ على أحد أهم الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين. كما تشير الدراسة إلى أن فيضاناً تاريخياً عام 1994 في وادي الملوك هو سبب رئيسي في ارتفاع مستويات الرطوبة وتفاقم الأضرار الحالية.
حقائق علمية تُخفِيها الحكومة
الدراسة المنشورة في مجلات علمية مرموقة — منها تقارير في ديلي ميل البريطانية — أوضحت أن المقبرة التي يعود عمرها إلى أكثر من 3300 عام مهددة بانهيار جزئي بسبب تشققات في الجدران والسقف تسمح بتسرب مياه الأمطار وازدياد معدلات الرطوبة.
هذه البيئة الرطبة أدت إلى نمو فطريات خطيرة تهدد الرسومات الأصلية التي تُعد جزءًا من ذاكرة الحضارة المصرية القديمة.
ورغم ذلك، لم تُصدر الحكومة أي خطة معلنة أو تقرير فني واحد يشرح ما تم اتخاذه لمواجهة هذه التهديدات.
الوزارة تكتفي بشعارات "الاستقرار" و"المتابعة الدورية"، وهي عبارات فضفاضة تُستخدم لإخفاء غياب أي صيانة حقيقية أو معالجة هيكلية.
تعتيم رسمي وغياب للشفافية
بدلًا من عرض نتائج فحوصات علمية مفصلة للرأي العام، اكتفت وزارة الآثار بتكذيب التقارير الأجنبية دون أن تقدم بيانات علمية موثقة.
هذا التعتيم يثير تساؤلات حول مدى صدقية الحكومة في إدارة المواقع الأثرية، خصوصًا بعد الفضائح المتكررة المتعلقة بالإهمال، مثل سقوط أجزاء من جدران المعابد وتسرب المياه الجوفية في الكرنك وهابو.
إنّ إصرار المسؤولين على “الإنكار الوقائي” لا يحمي الآثار بل يُسرّع دمارها. فالدولة التي تنفق المليارات على مشاريع دعائية لا تخصص جزءاً يسيراً من هذه الأموال لحماية كنوزها الحقيقية — تراثها التاريخي.
الإنكار كسياسة رسمية
الحكومة المصرية أصبحت تتعامل مع كل تحذير علمي كأنه “هجوم سياسي”.
الخبراء الذين يحذرون من انهيار المقبرة يُتهمون بنشر الشائعات، والإعلام الرسمي يُستخدم كدرع لتبرير الفشل، تماماً كما حدث في أزمات أخرى مثل غرق شوارع الإسكندرية أو انهيار المتاحف الإقليمية.
لكن الواقع أن التراث الأثري في مصر يُدار بعقلية الإنكار والبيروقراطية، لا بالعلم أو التخطيط.
وكل يوم تأخير في التعامل الجاد مع أزمة توت عنخ آمون يعني خسارة جزء جديد من ذاكرة مصر والعالم.
رمز عالمي يُواجه الإهمال المحلي
مقبرة الملك توت عنخ آمون ليست مجرد أثر سياحي؛ إنها رمز حضاري عالمي اكتشفه كارتر عام 1922، ويمثل أحد أعمدة الهوية المصرية أمام العالم.
لكن بدلاً من معاملتها كموقع مقدّس يستحق حماية علمية عاجلة، يتم التعامل معها بنفس منطق الطرق والكباري: “كل شيء تمام”.
في حين تُصدر الصحف الأجنبية تقارير مدعومة بالصور والتحاليل، تكتفي الوزارة المصرية ببيانات مقتضبة لا تحمل أي تفاصيل علمية — وكأنها تخاطب جمهورًا لا يحق له المعرفة.
النتيجة: تراث ينهار وحكومة تُنكر
يُجمع علماء الآثار على أن المقبرة تحتاج إلى تدخل فني عاجل يشمل تدعيم الأسقف وتنظيم الرطوبة ومراقبة الفطريات بالليزر والأشعة الطيفية، لكن لا مؤشرات على أي تحرك رسمي.
الحكومة تواصل سياسة التجميل الإعلامي والبيانات المطمئنة، بينما تتآكل جدران المقبرة ببطء.
إنها صورة مصغّرة لمشهد أكبر: إهمال منهجي، وتغطية رسمية، وانهيار متدرج لتراث لا يُقدّر بثمن.
وفي النهاية فإن تهديد انهيار مقبرة الملك توت عنخ آمون ليس مجرد خطر أثري، بل فضيحة جديدة تكشف هشاشة الإدارة الحكومية في مواجهة الأزمات.
فحين تُنكر الدولة علناً ما تؤكده الحقائق العلمية، فهي لا تحمي التراث بل تتواطأ في تدميره.
لقد تحولت وزارة الآثار من مؤسسة علمية إلى جهاز علاقات عامة، مهمته تلميع الصورة لا إنقاذ التاريخ.
وما لم يُكسر هذا الصمت الرسمي ويبدأ تدخل علمي عاجل، فإن مصر قد تستيقظ يوماً لتجد أهم مقابرها الأثرية قد انهارت — تحت أنقاض الإهمال والإنكار.