حصلت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان على شهادة موثوقة تكشف تفاصيل اعتداء بدني عنيف تعرّض له أحد المعتقلين السياسيين داخل قسم شرطة المنزلة بمحافظة الدقهلية، على يد مأمور القسم العقيد إبراهيم عوني، الذي تولّى مهامه حديثاً، وذلك مساء السبت 18 أكتوبر الجاري.

وبحسب الشهادة التي وثّقتها الشبكة، فإن الواقعة بدأت بمشادة كلامية بين المعتقل – الذي تحفظت الشبكة على ذكر اسمه لدواعٍ أمنية – وبين مأمور القسم، بعدما طالب المحتجز بتحسين ظروف الاحتجاز القاسية التي يعاني منها هو وزملاؤه داخل الزنازين.
لكنّ الردّ جاء قاسياً، إذ أقدم المأمور على الاعتداء عليه بالضرب المبرّح أمام عدد من الأفراد، ما تسبب في إصابات واضحة في الوجه والجسد، ثم جرى نقله إلى زنزانة انفرادية بحجة "تهدئة الموقف" في حين بدا القرار عقاباً إضافياً له على مطالبه.
 

شهادات تكشف انتهاكات ممنهجة
مصادر من داخل القسم أكدت لـ"الشبكة المصرية" أن ما جرى لم يكن حادثاً فردياً، بل جزءاً من نمط متكرر من الانتهاكات التي تشمل الاعتداء الجسدي والنفسي، وحرمان المحتجزين من الرعاية الطبية الأساسية، فضلاً عن ظروف احتجاز غير إنسانية تتسم بالاكتظاظ الشديد، وانعدام التهوية، وغياب النظافة، وتردّي الخدمات الصحية والغذائية.

وتشير المعلومات إلى أن الانتهاكات لا تقتصر على المعتقلين السياسيين فحسب، بل تمتد لتشمل المحتجزين الجنائيين الذين يتعرضون بدورهم لمعاملة مهينة من قِبل بعض أفراد الشرطة، وسط غياب كامل للرقابة القضائية والحقوقية على أماكن الاحتجاز.
 

تاريخ من التجاوزات
ورغم تغيير القيادات الأمنية داخل القسم خلال الأشهر الماضية، إلا أن سياسة القمع وسوء المعاملة ما تزال مستمرة. فقد شهدت فترة تولي العقيد صلاح حمدي – المأمور السابق – وقائع مشابهة، حيث وردت عدة شكاوى عن تعذيب وإهمال طبي متعمّد بحق محتجزين سياسيين وجنائيين، دون أن يُفتح أي تحقيق جاد في تلك الادعاءات.
ويرى مراقبون أن استمرار هذه الانتهاكات يعكس غياب آليات المساءلة الداخلية داخل وزارة الداخلية، واستمرار ثقافة "الإفلات من العقاب" التي تسمح بتكرار مثل هذه الممارسات دون رادع.
 

مطالب حقوقية بتحقيق عاجل
وفي ختام تقريرها، حمّلت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان وزارة الداخلية المسؤولية القانونية والأخلاقية الكاملة عن سلامة جميع النزلاء داخل قسم شرطة المنزلة، مطالبة بفتح تحقيق عاجل ومستقل في وقائع الاعتداء وسوء المعاملة التي طالت المعتقل السياسي وغيره من المحتجزين.
كما شددت الشبكة على ضرورة تحسين أوضاع الاحتجاز لتتوافق مع ما نص عليه الدستور والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وضمان الرقابة المستقلة على أقسام الشرطة والسجون لمنع تكرار مثل هذه الحوادث.

واختتمت الشبكة بيانها بالتأكيد على أن الكرامة الإنسانية حق غير قابل للتجزئة أو التنازل، وأن أي انتهاك بحق المحتجزين – بغض النظر عن تصنيفهم القانوني – يمثل خرقاً صارخاً للقانون والدستور والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها مصر.

https://www.facebook.com/ENHR2021/posts/839229138458147?ref=embed_post