موجة واسعة من الجدل شهدتها وسائل التواصل الاجتماعي في مصر، على خلفية حملة التشويه ضد حركة "حماس"، والادعاء بأنها صنيعة إسرائيلية كما جاء على لسان شخصية أقل ما توصف بأنها "غامضة" وتحيط بها الكثير من علامات الاستفهام على فضائية "إم بي سي" مصر.

اللافت للانتباه أن التصريحات التي أطلقها سمير غطاس خلال مقابلته مع عمرو أديب جاءت في أعقاب الإعلان عن وقف إطلاق النار خلال المحادثات غير المباشرة بين حركة "حماس" والكيان الصهيوني بشرم الشيخ حول خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بوساطة كل من مصر وقطر وتركيا.

 

تصريحات عبثية

لعل هذا يطرح التساؤل حول الغرض من إطلاق هذا الكلام العبثي في هذا التوقيت، في ظل لا منطقية الادعاءات التي روج لها غطاس بخصوص وجود ارتباط بين "حماس" والكيان الصهيوني، وغمزه من يحيى السنور، زعيم الحركة الذي استشهد خلال العدوان الصهيوني على غزة، بقوله إن الوحيد الذي أجريت له عملية لإزالة ورم في المخ بتل أبيب هو قائد "حماس".

غير أن المتابع للرجل ربما لن يتفاجئ كثيرًا بادعاءاته، إذ أنها ليست المرة الأولى التي يصرح بها غطاس بمثل هذه الترهات التي تستهدف تشويه الدور الوطني والنضالي لحركة المقاومة الإسلامية، من خلال الزعم بأن الفصائل المسلحة في قطاع غزة تتواطأ مع الكيان الصهيوني، وقبل شهور فقط ردد الادعاءات نفسها بأن الكيان الصهيوني لعب دورًا في تأسيس حركة "حماس".

ومما ردده من مزاعم في السابق أيضًا، أن "حماس" لن تقبل بالتنازل عن حكمها لقطاع غزة نتيجة الثراء الفاحش لقادة الحركة لدرجة وجود 7 قيادات منهم خالد مشعل وإسماعيل هنية وموسى أبو مرزوق وباقي السبعة وأولادهم فى الخارج يستثمرون أموالهم فى الدوحة بقطر أو إسطنبول بتركيا، مدعيًا أن قيادات الحركة أخرجت أولادها قبل العدوان الصهيوني على غزة، على الرغم من استشهاد العديد منهم، وهو ما يتنافى مع ادعاءاته الكاذبة بهذا الخصوص.

 

غموض حول سمير غطاس؟

غطاس، الذي لا يعرف على وجه الدقة الكثير حول شخصيته يطل من وقت لآخر على الفضائيات التي تديرها الأجهزة الأمنية في مصر، وسط غموض يحيط بشخصيته المثيرة للجدل، فلا يعرف على وجه اليقين اسمه أو ديانته وحتى جنسيته، وما إذا كان مصري الجنسية، أم فلسطيني الأصل. على الرغم من انتخابه عضوًا بالبرلمان في عام 2015 عن دائرة مدينة نصر.

لكن الأمر المعلوم للكافة، أن تصريحات غطاس تعكس انتماءه وتحيزه الواضح لحركة "فتح"، كونه أحد كتابها في مصر، فضلاً عن انضمامه لها في السابق. ويقول البعض إن اسمه الحقيقي محمد حمزة مسلم الديانة، وقد صرح في السابق بأنه استخدم هذا الاسم كاسم حركي منذ فترة نشاطه مع حركة فتح، وأن لديه 5 جوازات سفر بأسماء وجنسيات مختلفة.

ويقول الناشط العمالي كمال خليل الذي زامله في الجامعة والمعتقلات على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي " فيسبوك"، إن إن غطاس اسمه سمير يوسف غطاس، ولد لأسرة مسيحية مصرية في القاهرة تخرج في كلية طب الأسنان جامعة القاهرة وانتخب عام 1972 للجنة الوطنية العليا للطلاب.

وأضاف أن غطاس شارك في اعتصام الطلاب بقاعة جمال عبدالناصر بجامعة القاهرة واعتقل ضمن ألف طالب من الاعتصام في 24 يناير عام 1972، وأمضى معه ثلاثين يومًا في سجن الاستئناف ضمن ثلاثين طالبًا، متهمين بقيادة الاعتصام بينهم احمد بهاء شعبان واحمد عبدالله رزة وزين العابدين فؤاد وكان من خارج الطلاب نبيل الهلالي واحمد فؤاد نجم، وكان من بين هيئات التدريس الدكتور نادر فرجاني.

وفقًا للمعلومات التي أوردها خليل، فإن غطاس اعتقل ضمن مئات الطلاب المعتقلين عام 1973 مرة أخرى، وجاء اسمه ضمن قصيدة لأحمد فؤاد نجم في عام 1975 وبعد عام 1977 وانتفاضة يناير سافر خارج مصر والتحق بحركة فتح وساهم في نشاط المقاومة الفلسطينية، وكان معروفًا لكثير من قادة منظمة التحرير الفلسطينية وعادوا جميعًا في عام 1984 واعتقل كل منهم لعدة شهور، ولذلك وحتى يهرب من أعين الأمن كان يتحرك باسم حركي هو محمد حمزة وله عدة كتابات بهذا الاسم، مؤكدًا أن هذا الامر كان عرفًا وتقيلدًا اتبعه جيل السبعينيات.

المعلومات الاخرى المتوافرة عن غطاس أنه انضم إلى الثورة الفلسطينية عقب زيارة الرئيس أنور السادات إلى القدس في السبعينيات حيث سافر إلى بيروت وانضم إلى صفوف حركة فتح، ثم حصل على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية.

وهو باحث متخصص في الشأن الإسرائيلي، ولديه العديد من المقالات المنشورة بالصحف الفلسطينية والمصرية وعمل مديرًا لمركز مقدس للدراسات الاستراتيجية، التابع لقسم الأمن الوقائي في بداية تأسيس السلطة الفلسطينية، وكان من المقربين من محمد دحلان كما عمل مستشارًا لخليل الوزير أبو جهاد.

 

راتب شهري من دحلان

وفي عام 2013، نشرت وثيقة على شبكة الإنترنت تظهر حصول غطاس على راتب شهري قدره خمسة آلاف دولار عبر غسان جاد الله مدير مكتب دحلان في أبو ظبي.

وجاء في الوثيقة، أن غطاس يتلقى المبلغ الشهري في حسابه الخاص في (البنك الأهلي سوستيه جنرال) منذ يناير 2012.

ويعمل غطاس حسب الوثائق المسربة على استغلال التناقض للقيام بدور غير مفهوم بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ودحلان. فمن جهة يسعى للجلوس مع الرئيس عباس بينما يعمل في الخفاء لصالح غريمه دحلان ويتلقى راتبًا شهرًيا منه، حسب الوثيقة.