شهدت عدة مدن أوروبية أمس السبت واليوم الأحد، تظاهرات حاشدة غير مسبوقة للتنديد بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، في مشهد اعتبره مراقبون "أكبر موجة تضامن شعبي مع الفلسطينيين في أوروبا منذ سنوات".

ففي إسبانيا وإيطاليا، خرج مئات الآلاف إلى الشوارع، بدعوة من أكثر من 500 منظمة مدنية ونقابية وحقوقية، بينما امتدت موجة الاحتجاجات إلى دول أخرى مثل بريطانيا والبرتغال، بالتزامن مع غضب واسع أعقب اعتراض "إسرائيل" أسطول الصمود العالمي المتجه إلى غزة واحتجاز المئات من المشاركين فيه، بينهم شخصيات بارزة.
 

برشلونة.. الأسود يكسو الشوارع
تواصلت التظاهرات في مدينة برشلونة لليوم الثالث على التوالي، حيث شارك عشرات الآلاف من المتظاهرين منذ ظهر السبت في مسيرة ضخمة، بدعوة من منظمات محلية ودولية.

وانطلقت المسيرة عند الساعة الثانية عشرة ظهراً من حدائق سلفادور إسبريو (Jardinets de Gràcia)، قبل أن تتوقف أمام مقر المفوضية الأوروبية في برشلونة، حيث طالب النشطاء الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على (إسرائيل) واتخاذ إجراءات ملموسة لحماية الشعب الفلسطيني.

ودعا المنظمون المشاركين إلى ارتداء اللون الأسود تعبيراً عن الحداد على ضحايا الحرب، فيما نددت الشعارات بـ"الاستعمار والإبادة الجماعية والفصل العنصري والاحتلال الإسرائيلي لفلسطين".

 

وشارك في تنظيم الفعالية: الجالية الفلسطينية في كتالونيا، ائتلاف "أوقفوا التواطؤ مع (إسرائيل)"، الأسطول العالمي صمود، نقابات العمال CCOO وUGT وIntersindical، إضافة إلى منظمات نسوية وعدالة اجتماعية مثل LaFede.

 

روما.. مليونية تجتاح العاصمة
وفي العاصمة الإيطالية روما، قال المنظمون إن مليون شخص شاركوا في المظاهرة التي جابت شوارع وسط المدينة، مروراً بالكولوسيوم، تحت شعارات: "كلنا فلسطينيون" و "أوقفوا الإبادة" و "فلسطين حرة".

ورفع المتظاهرون الأعلام الفلسطينية والكوفيات، ولافتات كتب عليها: "المستوطنات خارج الضفة الغربية"، "أنهوا نظام الفصل العنصري"، و"الأرض المقدسة تطالب بالسلام".

تقديرات وزارة الداخلية الإيطالية أشارت إلى مشاركة نحو 400 ألف متظاهر، فيما أكد المنظمون أن الأعداد تجاوزت المليون.

 

وقال المتظاهر فرانشيسكو غالتيري (65 عاماً): "إذا لم نتحرك جميعاً، فلن يتغير شيء". فيما أشار دوناتو كولوتشي، القائد الكشفي، إلى أن بلدان أوروبا الجنوبية عرفت معنى المقاومة ضد الديكتاتوريات، ولذلك تتحرك اليوم دفاعاً عن القيم الديمقراطية.

لكن الحكومة الإيطالية اليمينية بزعامة جورجا ميلوني هاجمت التحركات، واعتبرت أن بعض المشاركين "يستغلونها كذريعة للغياب عن العمل"، كما اتهمت المتظاهرين بتشويه تمثال البابا الراحل يوحنا بولس الثاني.
 

احتجاجات في بريطانيا والبرتغال
امتدت موجة الغضب إلى بريطانيا، حيث ألقت الشرطة في لندن القبض على عشرات المحتجين الداعمين لحركة "بالستاين أكشن"، التي حُظرت مؤخراً. وواجهت الشرطة المتظاهرين في ساحة الطرف الأغر وجسر وستمنستر، وسط هتافات: "عار عليكم".

وفي البرتغال، شهدت لشبونة مظاهرات مماثلة دعماً للفلسطينيين، تلبية لدعوات صدرت عقب اعتراض أسطول الصمود.
 

إدنبرة.. اختراق الحواجز الشرطية
في اسكتلندا، شارك أكثر من 1000 متظاهر مؤيد لفلسطين في احتجاج ضخم بمحطة قطار ويفرلي بالعاصمة إدنبرة، حيث تجاوزوا الحواجز الشرطية ورددوا هتافات: "نحن فلسطينيون"، "إسرائيل دولة إرهابية"

وأكدت منظمات محلية أن هذه المظاهرة تُعد من أكبر الفعاليات المؤيدة لفلسطين في اسكتلندا منذ بداية الحرب.

 

موريتانيا.. وقفة للصحفيين
في العاصمة الموريتانية نواكشوط، تظاهر عشرات الصحفيين أمام مقر الأمم المتحدة، للمطالبة بالإفراج عن زميلهم محمد فال ولد الشيخ، الذي اعتقلته قوات الاحتلال أثناء مشاركته في "أسطول الصمود".

وأكد المحتجون أن استمرار اعتقاله "انتهاك صارخ للقوانين الدولية"، فيما أعلنت الحكومة الموريتانية أنها تبذل جهوداً دبلوماسية لضمان سلامة مواطنيها المشاركين في الأسطول.
 

أسطول الصمود.. شرارة الغضب
الاحتجاجات الأوروبية والعربية جاءت في أعقاب اعتراض جيش الاحتلال الإسرائيلي لأسطول الصمود الذي أبحر من برشلونة في 31 أغسطس محمّلاً بمساعدات إنسانية، وضم مئات النشطاء من مختلف الجنسيات، بينهم أطباء ومحامون وصحفيون.

وقد اعتُقل أكثر من 450 ناشطاً بينهم رئيسة بلدية برشلونة السابقة آدا كولاو، والنائبة الكتالونية بيلار كاستييخو.

واعتبر مراقبون أن هذه الخطوة فجرت غضباً واسعاً، وأعادت إلى الأذهان حادثة اعتراض أسطول الحرية قبل سنوات.
 

غزة.. تحت النار رغم الدعوات للهدنة
ميدانياً، واصل جيش الاحتلال قصفه العنيف على قطاع غزة، رغم دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف القتال فوراً، بعد إعلان حركة "حماس" موافقتها على عناصر من خطته لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو عامين.

ورغم تراجع حدة القصف صباحاً  أمس على بعض المناطق، عادت الطائرات والمدفعية الإسرائيلية لتكثيف هجماتها ما أسفر عن سقوط شهداء وجرحى جدد.