في رد ذكي وذو دلالات سياسية وإنسانية عميقة، رحبت حركة "حماس" بمقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف الحرب على غزة، مما لاقى ترحيبًا دوليًا واسعًا يعكس رغبة ملحة في إنهاء نزيف الدماء وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
حيث جاء رد حماس مشتملاً على موافقتها على الإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين الأحياء وتسليم جثث القتلى، وكذلك استعدادها الفوري للانخراط في مفاوضات عبر الوسطاء، لإيضاح تفاصيل تنفيذ الخطة. هذا الموقف يؤكد مدى شعور الحركة بالمسؤولية الأخلاقية والسياسية تجاه الشعب الفلسطيني، وحماية حقوقه الأساسية دون المساومة عليها.
موافقة حماس على الإفراج عن الأسرى.. رسالة تضامن وإنسانية
أبرزت حركة حماس في ردها موافقتها على مطلب رئيس الولايات المتحدة الذي طالب بتسليم جميع الرهائن الأحياء والجثامين، ما أسهم في كسب قبول دولي للخطة وفتح الباب أمام استكمال المفاوضات حول البنود الأخرى.
وأكد اللواء أركان حرب دكتور وائل ربيع، المتخصص في الشأن الإقليمي والإسرائيلي، أن هذا الرد يعكس ذكاءً استراتيجياً لحماس، حيث تجنبت الرفض المطلق وبدأت بالخضوع لمطلب رئيسي، وهو ما جعل ترامب يرحب برد الحركة ويعتبره بوابة للوصول إلى تفاهمات أوسع.
لقد وجهت حماس رسائل عدة من خلال موقفها، منها إظهارها أنها ليست معادية للسلام، بل مستعدة للمضي قدماً في خطوات لتخفيف المعاناة، مع احترام الإرادة العربية والإسلامية بشأن وقف الحرب.
كما أرادت طمأنة الشعب الفلسطيني بأنها حريصة على وقف نزيف الدماء وحماية الأرواح، بينما أرسلت رسالة قوية إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، محذرة إياه من أن رفضه للخطوة سيضعه في موقف حرج داخليًا ويزيد الضغط الشعبي والإسرائيلي عليه بسبب إهماله لقضية الأسرى.
التزام حماس بالمهام الوطنية والقانون الدولي
وأكد الدكتور محمد مهران، أستاذ القانون الدولي العام، على أن رد الحركة يعكس توازنًا استراتيجيًا بين العمل على رفع المعاناة الإنسانية وضمان الحقوق الفلسطينية الثابتة.
إذ تُثبت حركة حماس نضجاً سياسياً ووعيًا عميقًا بأهمية ربط القضايا المصيرية بموقف وطني جامع واستناد معايير واضحة للقانون الدولي.
موافقة الحركة على تسليم الإدارة لهيئة تكنوقراطية، ومدخلها لحوكمة قطاع غزة، تعكس رغبة واضحة في تخفيف أزمات المنطقة دون التفريط في الحقوق الأساسية.
الحذر من استغلال إسرائيل وتأجيل الحلول النهائية
على الرغم من الترحيب، حذّر أستاذ القانون الدولي من أن إسرائيل قد تستغل الموافقة الجزئية التي أبدتها حماس لتحقيق مكاسب أحادية الجانب، مثل التهرب من الانسحاب الكامل من غزة أو تعطيل ملف الاستيطان.
لذلك، أكد أن نجاح الخطة يرتبط بضرورة وجود ضمانات دولية حقيقية وآليات رقابة فاعلة، مع ضرورة يقظة فلسطينية وعربية ودولية لمنع المماطلة والتسويف.
خطوات ميدانية ومحضّرات للحوار الشامل
كما أعلن مصدر مصري في القاهرة أن هناك تحضيرات جارية لمناقشة توفير الظروف الميدانية الضرورية لعملية تبادل الأسرى الفلسطينيين والمحتجزين الإسرائيليين، وهو ما يُعد خطوة عملية تؤكد جدية الطرفين في تقليل التوتر.
بالإضافة إلى استعدادات لعقد حوار فلسطيني شامل لتحديد مستقبل قطاع غزة، في خطوة تعوي القادة الفلسطينيين على ضرورة توافق داخلي لمواجهة التحديات القادمة.
من جهة أخرى، ستصل خلال الأيام المقبلة المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، للمشاركة في مفاوضات المنطقة، ما يعزز من فرص تهيئة أجواء دبلوماسية متجددة تدعم جهود التوصل لحل مستدام.
خلاصة: موقف حماس يعكس مسؤولية وطنية في ظل تحديات شائكة
إن رد حماس على خطة السلام الأميركية يظهر مسؤولية أخلاقية وسياسية بالغة تجاه شعبها وحقوقه، مع استعداد واضح لتقديم بعض التنازلات من أجل تخفيف المعاناة الإنسانية التي يعانيها الفلسطينيون في غزة.
الرسائل التي وجهتها الحركة عبر تصرفاتها تعكس رغبة حقيقية في السلام والاستقرار، مع الحفاظ على الثوابت الوطنية والحقوق المشروعة، في معادلة دقيقة تحاول الموازنة بين الضرورات الإنسانية والسياسة الوطنية.
هذا الموقف يشكل تحركًا مهمًا على مستوى المنطقة والدبلوماسية الدولية، حيث يفتح آفاقًا جديدة للحوار، ويعكس نضوجًا في إدارة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مبنيًا على التزام قانوني وأخلاقي يعزز فرص السلام الحقيقي في ظل ظروف متشابكة وصعبة.