في خطوة تعكس حصارًا دوليًا متصاعدًا على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تأتي مقاطعة أكثر من 302 متحف ومؤسسة فنية وثقافية في هولندا وبلجيكا كجزء من حملة تضامن عالمية واسعة ضد الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين. هذه المقاطعة الثقافية تعبر عن رفض واضح للسياسات التي ينتهجها نتنياهو، والذي يُنظر إليه دوليًا كرمز للحصار والعنف الواقع على الشعب الفلسطيني.
وفي الوقت الذي يفرض فيه نتنياهو حصارًا قاسيًا على الفلسطينيين، بما في ذلك الحصار العسكري والاقتصادي والثقافي، تجد حكومته نفسها محاصرة سياسيًا وأخلاقيًا وثقافيًا من قبل مجتمعات دولية وأوروبية رافضة لاستمرار هذه السياسات.
وقائع مماثلة
هذه المقاطعة ليست حدثًا منعزلاً، بل تأتي في سياق حركات وأحداث مقاطعة سابقة وحالية ذات طابع ثقافي وإنساني، مثل المقاطعات التي شهدتها جنوب أفريقيا ضد نظام الفصل العنصري في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي. ومن بين الوقائع المشابهة:
- سبتمبر 2025: جامعة أوترخت في هولندا تعلن مقاطعة للمؤسسات الإسرائيلية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان في غزة.
- يوليو 2025: حملة عالمية بعنوان "لا موسيقى للإبادة"، حيث شارك أكثر من 400 فنان عالمي بمنع موسيقاهم من منصات البث الإسرائيلية.
تكرار هذه الوقائع يبرز تزايد الضغط الدولي بشكل متنامٍ على إسرائيل لوقف انتهاكاتها بحق الفلسطينيين، ويعكس إصرار القطاع الثقافي والفني على لعب دور فاعل في المشهد السياسي والإنساني.
تفاصيل المقاطعة الجديدة
أعلنت 302 متحفًا ومؤسسة فنية وثقافية في هولندا وبلجيكا مقاطعة ثقافية شاملة للمؤسسات الإسرائيلية، في خطوة احتجاجية ضد "جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية" التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني. وجاء البيان المشترك الموقع من هذه المؤسسات والفنانين، الذين تجاوز عددهم 878 فنانًا، بعد دعوات متزايدة من ناشطين وفنانين فلسطينيين لإيقاف التعاون الثقافي مع الكيان الإسرائيلي.
وشدد البيان على أن هذه المقاطعة تأتي في سياق حصار ثقافي وأخلاقي يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته، حيث يتعرض نتنياهو لحصار دولي مماثل لذلك الذي يفرضه على الفلسطينيين. وأكد الموقعون أنهم لا يستطيعون البقاء غير مبالين أمام ما وصفوه بالإبادة الجماعية المرتكبة بحق الفلسطينيين.
وأوضحت المقاطعة أنها تستهدف المؤسسات الإسرائيلية الرسمية والشركات المشاركة في دعم الاحتلال وانتهاكات حقوق الإنسان، مع استثناء الأفراد أو الجماعات التي تعلن رفضها للسياسات الإسرائيلية، مؤكدة أنها لا تستهدف اليهود أو الإسرائيليين كأفراد.
المؤسسات المشاركة
شملت المؤسسات المشاركة متحف بونيفانتن في ماستريخت (هولندا)، ومتحف الفنون الجميلة في غنت (بلجيكا)، ومهرجان الفيلم الهولندي، وأوبرا هولندا، إلى جانب المسرح الملكي الفلمنكي ومؤسسات أخرى بارزة في القطاع الثقافي.
وربط التقرير هذه المقاطعة بحملات سابقة ناجحة مثل مقاطعة جنوب أفريقيا لنظام الأبارتايد، لافتًا إلى أن المقاطعات الثقافية الأخيرة شارك فيها أكثر من 5 آلاف سينمائي و400 موسيقي حول العالم ضد الاحتلال الإسرائيلي.
الكارثة الإنسانية في غزة
كما أشار التقرير إلى حجم الكارثة الإنسانية في غزة بسبب الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ 7 أكتوبر 2023، التي خلّفت أكثر من 66,000 شهيد وجريح، بينهم آلاف الأطفال والنساء. وإلى جانب الخسائر البشرية، شهد القطاع دمارًا واسعًا للبنية التحتية بما في ذلك مدارس ومساجد ومقابر وكنائس، وهو ما يجعل من استمرار الحصار والعدوان الإسرائيلي جريمة لا تُغتفر.
نحو مقاطعة أوسع
دعا البيان إلى توسيع دائرة المقاطعة لتشمل القطاعات الرياضية والأكاديمية والاقتصادية والسياسية، مشيرًا إلى أن العمل الجماعي هو السبيل الوحيد لإجبار إسرائيل على احترام القانون الدولي ووقف الإبادة والاحتلال.
في الختام، أكد التقرير أن الحصار الثقافي العالمي على حكومة نتنياهو يعكس أن السياسات الإسرائيلية لم تعد مقبولة على المستوى الدولي. وبينما يفرض نتنياهو حصارًا قاسيًا على الفلسطينيين، فإن تأثير المقاطعة العالمية يرسخ أن العالم يحاصر أيضًا السياسات التي ينتهجها نتنياهو. إنها لحظة تاريخية تُظهر أن الضمير الإنساني قادر على ملاحقة الأنظمة التي تمارس القمع، وأن الثقافة والفن تحولا إلى سلاح أخلاقي عالمي في مواجهة الاحتلال.