تحوّلت الحرب على غزة إلى ميدان آخر على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث اندلع جدل واسع حول "من له الفضل في عدم تهجير الفلسطينيين ووقف المخططات الصهيونية".

ففي الوقت الذي ضخّت فيه وسائل إعلام مصرية وسعودية وإماراتية وأردنية روايات تمجّد زعماءها وتنسب إليهم أدوارًا مصيرية، جاء الرد الشعبي عبر المنصات ليفضح هذا الخطاب باعتباره بروباجندا سياسية تتجاهل تضحيات الفلسطينيين.
 

تغريدة نظم المهداوي تفجّر النقاش

الكاتب الفلسطيني نظام المهداوي نشر تغريدة حادة لاقت صدى كبيرًا على منصة إكس، قال فيها: "يخرج المصري ليقول: الفضل في عدم تهجير الفلسطينيين يعود إلى #السيسي.

ويخرج السعودي ليقول: الفضل في الاعتراف بالدولة الفلسطينية يعود إلى #محمد_بن_سلمان.

ويخرج الإماراتي ليقول: الفضل في وقف الحرب يعود إلى #عبدالله_بن_زايد الذي التقى نتنياهو.

ويخرج الأردني ليقول: الفضل في إفشال المخططات الصهيونية يعود إلى ملك #الأردن.

يا أيها الباحثون عن مكرمة بين جبال الخيانة والقذارة والعمالة… الفلسطينيون قدّموا أكثر من مئة ألف جريح وشهيد، والمقاومة قدّمت خيرة قادتها وعناصرها. ولا فضل بعد الإبادة، بل عار يلاحق الأمة كلّها… حكّامًا وشعوبًا."

 

 

التغريدة تم تداولها على نطاق واسع، واعتبرها ناشطون مرآة ساخرة تكشف كيف تحاول الأنظمة تسويق نفسها على حساب دماء الشهداء.

فكتب طاهر " اكبر عار على الامة العربية والإسلامية قتل الأطفال والنساء من المدنيين العزل وعلى المباشر منذ سنتين....لم ولن أجد ما أعبر عن قوة هذا الخذلان والذل الذي نحن عليه ."

 

 

وأردف وليد " رسالة إلى أهل غزة: سامحونا على خذلاننا، سامحونا على صمتنا، سامحونا على عجزنا، سامحونا على تفرقنا، سامحونا على انشغالنا عنكم، سامحونا على خوفنا، سامحونا على ضعفنا، سامحونا على تنازلنا، سامحونا على طأطأة رؤوسنا، سامحونا يوم تسألوننا أمام الله.".

 

 

وأشارت إيمان " بارك الله في اهل غزة العزة والكرامة والفخر وجزاهم الله خير الجزاء عن الأمة #غزة_الفاضحة #غزه_تقاوم_وستنتصر_بأذن_الله".

 

 

وأكدت رانيا " لا فضل لأحد فوق جراحنا ولا مكرمة تُغطي خيانة من باعوا الضمانة. الفلسطينيون قدّموا الدم والدمار: مئة ألف شهيد وجريح، وقيادة المقاومة دفعت ثمناً باهظاً. ما بعد الإبادة ما في فضل — في عار وواجب حساب. الشعوب قد تنحني لحكامها، لكن التاريخ لا يرحم من باعوا كرامتنا".

 

 

وأشارت فاطمة الشيخ " على الامة ان تخجل من نفسها على هذا الموقف الصعب الذي جعل فيها المقاومة".

 

 

وأضاف وسام " ﴿ لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ . - ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا ..!!

 

 

بروباجندا إعلامية: صناعة فضل من فراغ

في مصر: ظهر الإعلامي نشأت الديهي في برنامجه مؤكدًا أن "السيسي هو من منع تهجير الفلسطينيين"، وهو خطاب تكرر على لسان محللين وضيوف برامج حوارية.

في السعودية: ركّزت التعليقات الرسمية والإعلامية على أن ولي العهد محمد بن سلمان "حقق إنجاز الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية".

في الإمارات: تم تسويق لقاء وزير الخارجية عبد الله بن زايد مع نتنياهو باعتباره "الخطوة التي أوقفت الحرب".

في الأردن: جرى إبراز دور الملك عبد الله باعتباره "المدافع الأول عن الأقصى ومفشل المخططات الصهيونية".

هذا الخطاب، وفق ما رصده ناشطون، يوحّد الأنظمة على تلميع الذات، لكنه يختلف فقط في نسبة "الفضل" لحاكم بعينه.
 

ردود الشارع: الفضل للمقاومة والشهداء

مقابل هذه السرديات الرسمية، احتشد الناشطون العرب على وسم #غزة_تقاوم لنقض الخطاب الإعلامي. ومن بين التعليقات المنتشرة:

  • "دماء الشهداء لا تُشترى ولا تُمنح كفضل من زعيم."
  • "لو كان الفضل للحكّام لما سقط بيت في غزة."
  • "المقاومة بصمودها وتضحياتها هي من منعت التهجير، لا لقاءات وزراء الخارجية."

التفاعل كشف هوة كبيرة بين الإعلام الرسمي والوعي الشعبي، حيث يرى المواطنون أن المقاومة وحدها، لا المؤتمرات أو الخطابات، هي التي أوقفت المخططات الصهيونية.
 

"إعلام واجهة" في مواجهة الواقع

يرى محللون على المنصات أن الإعلام الرسمي العربي يتعامل مع مأساة غزة باعتبارها فرصة لصناعة بطولات زائفة. فبينما يتباهى إعلاميون بأدوار زعمائهم، لا تزال صور الضحايا والشهداء تملأ الوسوم وتفضح التناقض.

التناقض يظهر بوضوح في إعلام يروّج لإنجازات شكلية، وجمهور يذكّر بتضحيات الفلسطينيين.

هذا ما يجعل السوشيال ميديا ساحة مقاومة موازية، حيث تسقط الروايات الرسمية أمام صور الأطفال تحت الأنقاض وأصوات الأمهات المكلومات.

وبين بروباجندا الإعلام الرسمي وسخرية النشطاء، يبقى المؤكد أن المقاومة الفلسطينية هي التي دفعت الثمن الحقيقي: مئات القادة والآلاف من الشهداء والجرحى.

لا فضل يُنسب بعد الإبادة، كما كتب نظم المهداوي، بل يبقى العار يلاحق الأمة بكل مكوناتها.

ويبقى وسم #غزة_تقاوم شاهدًا يوميًا على أن الدم الفلسطيني، لا ببيانات الحكّام، بل هو من يكتب التاريخ.